المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

قصة قصيرة ( شخصيات من ورق ) بقلم عبدالرحمن الصوفي نشرت سنة 2004

قصة قصيرة.........................13 / 4/ 2004
عنوانها........................شخصيات من ورق ...
تعودت أن تفتح كل صباح نافذة غرفتها المتواجدة في الطابق لاول للعمارة..يعرف كل الناس ان المعلمة الضاوية اول  ساكنة بهذا الحي ..نعم اختيار  الطابق القريب من الأرض ، لتجنب ارهاق السلالم زمن الشيخوخة ، وهي الان تعيش لحظاتها التي تفرض عليها النزول مرة واحدة في اليوم لقضاء مآربها ، مصحوبة بلائحة حتى لا يتكرر الصعود ...اخرجت رأسها من النافذة لتستنشق نسيم الصباح المصحوب بضجيج الاطفال . تعيش الضاوية لوحدها في المنزل ، تنتابها احساسات غريبة لاتعرف لها تفسيرا ، احساس بوحدة عزاؤه الدموع والالتجاء الى محفظة كبيرة ممتلئة باوراق لرسومات لكل التلاميذ الذين درستهم ..الضاوية ليست معلمة التعبير بالرسم ، بل تتطفل مرة في السنة وتطلب من تلاميذها تشكيل رسم والتعليق عليه دون التوقيع بالاسم ..ثلاثون سنة في القسم ..رسومات كثيرة في المحفظة ، ولو ان الرسم بدون اسم صاحبه فهي تعرف مبدعه مثل ما تعرف الام ابناءها..مسحت دموعها ، واخرجت من المحفظة مجموعة رسومات ، تحفظ الكثير من التعليقات ، وتحن اليها في لحظات الاحساس الغريب،
أخذت الورقة الاولى
_ رسم لقلم : ( القاف قوة المال ، اللام كلام بلا ملح ، والميم موحا حارس المدرسة ! (
_رسم لطاير : ) ارجوك ابي لا تقفز من النافدة ، لا تهدد امي كل مرة بالانتحار ! (
_رسم لوردة : (اسقوها خمرا ومخدرات وسجائر امريكية مهربة وقرقوبي ! (
_رسم لزوجة الاب : ( موتوا بالجوع ، ولن تذهبوا للمدرسة ! (
_رسم لرجل بلحية : ( حرام المذياع ، الموسيقى ، التلفزة ، التعليم العصرى ...حرام...حرام...! (
_رسم لمنزل صغير : ( ارجوك يا مالك المنزل ، لا ترم باغراضنا الى الشارع ! (
_رسم لدجاجة : ( عمتي هل الحرية ان تنامي النهار وتستيقظي الليل خارج البيت !؟ (
_رسم لزوجة : ( اخونك اليوم وغدا ، ايها المعوق العقير ، كيف اكون لك زوجة !؟ (
_رسم لحمار :( اتمنى ان اكون فريقا في قبة البرلمان !   (
رسومات كلها مأساوية ، تذكرت المدرسة ، ان الرسومات لتلاميذ يقطنون احد كريانات الصفيح بالدار البيضاء .
_ رسم قلب : ( أحبك معلمتي ، لما اكبر اتزوجك ! (
ضحكت متهكمة :  ( اتعمد اصلاح السيارة في ورشتك ، واعرف بما تلقبني ( العجوز المعلمة !(
_ رسم لحصان : ) سأتزوج اربع نساء! (
رسم غريب : ( زوريني في سجن المجرمين مرة ! (

رن الهاتف تركت الاوراق مبعترة فوق الزربية ، واسرعت لترد على المكالمة ..اخبرها المدير باحالتها على التقاعد ، رمت بالهاتف فوق السرير دون ان تقفل الخط ، وهي تقهقه وتتكلم ( تقاعد تلميذي الذي وصل الى البرلمان سنوات قبلي ، والمبلغ الذي يتقاضاه اكثر من سنوات عمري في تربية ثلاثة اجيال ( . مسحت دموعها واحتضنت محفظتها ( أنتم أولادي ، انتم مؤنسي ، سأقضي معكم بقية العمر ( .
.............تحياتي.....................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق