المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 18 أغسطس 2018

امرأة تتكلم عن سفر لم يتم
×××××××××××××××

أن تسافر في عينيه ǃ أولعلها تمنت أن يسافر في عينيها ǃ
هذه الأشرعة المعلقة استعدادا للإقلاع ǃ كيف تضحك العيون ؟ كيف يتسلل هذا الحذر البطيء ليداعب كل مراكز القوى . انتظرت طويلا في محطات تركت خلفها ركامات من الأحزان والهموم ǃ انتعشت وهي ترقب حركات الفرح في أهدابه. تمنت أن تقلع مركبتها الآن، ورأت أن المرساة لا تزال عائمة أبت الغوص.
أحست بشعور يغزوها من أصابعها ويديها وبقية حواسها. ضحكت عيناه ǃ استنفدت كل قدرة لديها لطرد تصور معين للحظة معينة. في يوم ما أحبت ذلك الفيض الكبير داخله من الرغبة في نشر أفراحها فيه. وجدت معه أنها لم تشب عن الطوق، وأنها ما زالت طفلة بغدائرها، وضحكتها الصارخة، وجنونها الإجباري، أحست أنها قطة أليفة.
هذا الدفء من يديها هل يغادرها ؟ يدوي في سمعها، ترديد كأنه همس. ينقر في نافذتها، يؤطر أيامها وساعاتها به، يتسلل بها توازن غريب، يعطي حياتها استعدادا لاستقبال وامتصاص أكبر كمية من الفرح ǃ تجمهر بها كل حس تجديدي،وطرح أسهمه بأرخص الأثمان لتختارǃ
سافرت في عينيه ǃ استوحت من تحركاته الكامنة فيه بلا استعداد لطوارئ قد تبدو منها أو ربما عليها. كان يعلم أن مناوراتها شيء معكوس، وأنها لا تقبل عدوا خلفه جيش عرمرم. واستنتج وهو يبحر في عينيها أنها "تحبه جدا"، وتوسلت داخلها كل قدرة على المقاومة لئلا يكتشف من رفة رمش أنها "تحب" بلا قيد ولا شرط. واستحسنت أن تعبس، وبدا لها أن عبوسها يفرحه، وكيفه على أنه دلال.
سافرت في عينيه، فوجدت صورتها مرسومة داخل بؤبؤه توحد بها حتى صار كأنه جزء منها.
كل لحظة اختصرت المسافات. ورأت أنها لا تسافر إليه، بل هو فيها يسافر.تسللت إليها نسمة عبقة يفوح منها أريج يوم لا يشبه باقي الأيام.
ولم تفسر معنى أن تشتاق إليه وهي معه، وتتساءل عن حقيقة أن تصدقه دون أن ينطق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق