المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الجمعة، 24 أغسطس 2018

مقالة نقدية : مجدالدين سعودي / Hmida Balbali

الديوان الزجلي ( شمس الما ) للزجال المتميز احميدة بلبالي :
عمق التمثلات والتشبت بالفكر الحداثي
-------------------------------------------
مجدالدين سعودي
------------------------------------------------
الفصل 1
---------------------------------------
1 من الأعماق :
الكتابة عن هرم زجلي هاديء و وديع يدعى احميدة بلبالي ، أمر رائع و جميل و بهي و نقي ، لأنك تكتب عن الزجل الممزوج بالفلسفة و بعد النظر ، الحكمة  و التامل ، القصيدة في أروع تجلياتها ...
2 في أعماق الاصدار :
صدر للمبدع احميدة بلبالي ديولن زجلي تحت عنوان ( شمس الما ) سنة 2011 الطبعة الأولى ، يضم 12 قصيدة من العيار الثقيل ...
الديوان كتب في المرحلة الثالثة من حياة احميدة بلبالي الابداعية و التي يقول عنها في حوار جميل مع الأستاذة عزيزة رحموني : ( في المرحلة الثالثة سيتحول الرهان الى معانقة الانساني في الذات ( الفكر الفلسفي ، الأسطورة ، قيم الحداثة ... ) محاولة ايجاد مكانة للقصيدة الزجلية جوار الفصحى في علاقة تكاملية و ليس تفاضلية .
رهان البحث عن أجوبة القصيدة الحداثية في الزجل ( لغة ، مخيال ، قضايا ، الجمالية ، الذات .... ) ...... ) .
3 في أعماق الغلاف :
جاء الغلاف متميزا للفنان عابد بلبالي ، لوحة يطغى عليها السواد ، و هي عبارة عن فسيفساء تشكيلية يسطع وسطها نور الشمس ، ليحيل السواد الى ضوء وهاج ...
4 في أعماق السيرة الذاتية للمؤلف :

من مواليد سنة 1957 مدينة تيفلت بمنطقة الرباط / المغرب
*مفتش ممتاز بالتعليم الثانوي مادة الرياضيات
*باحث تربوي.
*فاعل جمعوي بالمدينة
*رئيس نادي الفن السابع للسينما
*كاتب عام لجمعية الإشعاع الثقافي
* عضو مؤسس للاتحاد المغربي للزجل *
مهتم بأسئلة القصيدة الزجلية الحداثية
إصدارات: *
ديوانا زجليا بعنوان "لسان الجمر" سنة 2004
* ديوان زجلي بعنوان "الرحيل ف شون الخاطر" سنة 2009
* ديوان زجلي تحت عنوان "شمس الما" سنة 2011 *
* ديوان زجلي تحت عنوان " بْرِيَّه ف كُمّ الريح " سنة 2016 *
*ديوان مشترك في الفصيح مع جامعة المبدعين المغاربة "نوافذ عاشقة". سنة 2010 *
*مشرف سابق على ركن الزجل في مواقع رقمية عدة . *
* مخطوطان زجليان ومخطوطان في الفصيح جاهزان للإصدار *
* مشاركات عربية بكل من الجزائر وتونس والشارقة. *
* ساهم في عدة لجان تحكيم لمسابقات زجلية كثيرة

5 في أعماق العنوان :
انعكاس الشمس على الماء و انعكاس الماء على الشمس ، مرآة لنرى الماضي و الحاضر و المستقبل معا عبر الحكمة و التأمل و الابداع ...
-----------------------------------------------
الفصل 2
----------------------------------------------
1 في أعماق جنون الحكمة و التأمل :
في قصيدة ( حروف الأبدية ) ، يطل علينا الزجال احميدة بلبالي بكل حكمة و تأمل :
( الزمان زاد القدام هذ سنين
ما وقف ما عاين حد
واحنا دايرين عليه الحد
حاجرين عليه
كاميين ف صدرنا لكلام
طالبين السله ف لعنب        الصفحة 38 )
و نفس الشيء نجده في قصيدة ( ب السلامة عليك آعقلي ) :
( ارحل فين بغيتي
غير ابغي ترحل
قطع سلاسل الغير
غير كن راجل
لا حد يهمك
ياك همك تجول
و سيح ف حكامك       الصفحة 19 )
و عن جنون العقلاء يقول :
( سير ف هبالك
اهبل ف عقلك ياكما تلقى راحتك
ياك اللي لقى الراحه ف لهبال
آش يدير ب لعقل      الصفحة 20 )
و كذلك :
( و بالسلامة عليك آعقلي
طلقني نعيش
و عيش كيف بغيتي       الصفحة 23 )

2 في أعماق التراث :
يحضر التراث بقوة كعنصر تغيير للواقع الهجين و الساكن و اللامتغير ، و هذا ما نجده في قصيدة ( ريوس لمعنى ) :
( اللي ف راس المغزل
ف راس الصوفه
و اللي ف راس المنجل
ف راس السبولة       الصفحة 13 )
و كذلك :
( عرفنا سباب الخوف
حيه سكنت قلب الدار
قطعنا ذيلها و قلنا أوف
بقات الحيه حيه و لمان غدار      الصفحة 14 )
و كذلك :
( راس ليتيم
قالو ساهل ف لحسانه
و دخلو بغداد
لولاد ما بقاو يتامى
العز شعل و زاد      الصفحة 16 )
لكن الصباح يدرك شهرزاد عندما تصل ل ( راس بنادم ) ، فتسكت عن الكلام المباح ...
( راس بنادم
...
...
....
.... ؟       الصفحة 18 )
أما في قصيدة ( ب السلامة عليك آعقلي ) ، فالخطاب و المحكيات و الحديث ذو شجون :
( ارحل فين بغيتي
غير ابغي ترحل
قطع سلاسل الغير
غير كن راجل
لا حد يهمك
ياك همك تجول
و سيح ف حكامك      الصفحة 19 )
و كذلك :
( سير تضيم
ايلا قوى الضيم عليك
و عادا الى الدرسه
قربت تطيب
لا تسال على محايني بك
من الداخل حليت الباب
نخرج ل الشط من امواجك
نحرك الراسي من حالك
نخلوض الساكن من معانيك       الصفحة 26  )

3 في أعماق الكتابة و السفر :
ينتمي الزجال احميدة بلبالي لمدرسة زجلية تعشق الكتابة حتى النخاع و تختار لغة راقية و جميلة للتعبير عن أشجانها و آمالها و آلامها ، و يتم توظيف مصطلحات ( الكتابة ، الحرف ... ) بطريقة ذكية :
في قصيدة ( حروف الأبديه ) ، يظهر الزجال براعته في استغلال مصطلح الكتابة و تحميله عدة مفاهيم حسب السياق و الحاجة :
( لكتاب ولد الكتبه
خطوط منقوشه
ف حجر لكهوف
على جلود لجداد
وشام ع لكفوف      الصفحة 35 )
و كذلك :
( لكتاب شهاده
و الشاهد يقدر يقول الحق
يقدر يشهد الزور
و شكون قاري كتابك      الصفحة 35 )
و بتساؤل :
( كيف نقرا حروفي ؟
ب السمق نسطرها
عل اللوح خطوط
او ب المحراث نحفر
ف الفدان الخط      الصفحة 37 )
بينما في قصيدة ( رماد الطين ) ، فالعاشق الولهان في مناجاته يقول :
( خليني نبغيك
كيف ريشه
على جناح قصيده
كيف غمزه
ف عين الحال
نسمعك
نغمه على سنتير
ركمه على منسج الكلمه
يمكن رشوق الحرف
على صفحات كتاب      الصفحة 45 )
و مع الكتابة لا بد أن يكون السفر ممتعا :
( نسافر معاك
نسافر منك
نسافر ليك
و نسافر فيك
السفر معاك
وناسه
رفقه
حميه ضد المحنه
جوله ف منازل الخاطر
قرايه      الصفحة 46 )
وفي قصيدة ( محطة لحماق ) ، يأخذ السفر بعدا تراجيديا :
( الملقى ف محطه
و القطار طالع هواد
ما بلغت فيه مراد
انا اللي كانت القدس
محطه من محطات السفر       الصفحة 34 )

4  في أعماق الحلم و النضال :
الحلم عند الزجال احميدة بلبالي هو وسيلة عبور نحو الجسور الأخرى ، و هذا ما نلاحظه في قصيدة ( عهدي عليك ) ، حيق يقول :
( كانت لحلام
ك الماس
مصقوله تبري
قبل ما تمضي حروفها
و تدوز على رقبتي
ك لمواس
هذ الجرح
ما بغى يبرا
هذ المره
و على رقبتي
حلف ما يتساس       الصفحة 73 )
و كذلك :
( تروي ذكريات
ذكريات تفكر
ف الزمان اللي فات
و تجري وراه
ملي كانت لحلام
ك الماس
قبل ما تمضي حروفها
و تجرحني ك لمواس       الصفحة 82 )
أما في قصيدة ( ازوران ) ، فالحلم يأتي عبر المعاناة و الدم و سنوات الرصاص :
( خاويت الأطلس و الريف
نسجت من أرزي و شيحي
سلهام الخطابي
خطبت ود لولاد
لقيت بيهم
صهد البراني
شعلت ف أنوال
من بارودي مشهاب
عنوان غيابي
و غنيت ب لسان حالي       الصفحة 58 )
و كذلك :
( عصرت بزولة لهوى
رضعت منها ما كفاني
ب جهدها قهرت البراني
لهيه ف الدنيا شاع اخباري
و هنا لون لغدر ادماني
لمناشر تقطع سوالف أرزي
و الزلزال ف القلب
جرحه دامي
يلون سمايا ب التيه
يرسل أولادي لهيه       الصفحة 59 )
5 في أعماق خصائص الكتابة عند احميدة بلبالي :

من أعماق كتابات الأستاذ احميدة بلبالي ، نستنتج أننا أمام مبدع كبير على شاكلة أمغار الزجل المغربي و شيخ الضو سي ادريس مسناوي ذلك الهرم الذي يكتب بصمت ، كذلك سي احميدة بلبالي يكتب و يفكر و يبدع في صمت العمالقة ، ففي قصيدة واحدة نجده يشتغل فيها على عدة تيمات بتجانس ، يوظف الامثال و الحكم بطريقة ذكية و يستثمرها لايصال عدة رسائل قوية و ذلك لتوفره على نفس طويل عبر استعمال لغة راقية و توفره على نفس طويل في الكتابة ، لهذا أستطيع القول : كتابات سي احميدة بلبالي هي : كتابة التغيير و التفجير معا ... هذه القصيدة الحداثية التي يكتبها سي احميدة بلبالي و يدافع عنها كما قال في نفس الحوار هي ( القصيدة الزجلية الحداثية تحمل غنائيتها الداخلية و موسيقاها في صورها الشعرية و انزياحاتها المركبة ا ... ) .

6 في أعماق الختام :
القراءة لاحميدة بلبالي ممتعة ، و الكتابة عن احميدة بلبالي ممتعة كذلك ، لأنك تسافر مع هرم كبير في ميدان الزجل ، فهو يكتب عن سبق و اصرار من أجل التغيير ، من أجل أن يكون الزجل الراقي جسرا نحو التقدم ، و أن يكون الزجل ديوان المهمشين و الدراويش و البسطاء ،
لهذا فهو يكتب بقناعة و عن قناعة حاملا هموما انسانية  و وراءه حمولة معرفية و فلسفية و نضالية كبيرة ..
مع احميدة بلبالي ، للزجل طعم مغاير و للكتابة مفهوم عضوي رائع ، فلنقرأ كلنا لمدرسة الزجل الراقي التي تساهم في تغيير أوضاعنا البئيسة و تلملم جراحنا و تسافر بنا في بحار الثقافة الجادة ...
---------------------------------------------
مجدالدين سعودي
كاتب و اعلامي و ناقد مغربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق