المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

الشاعر Hmida Belbali / الناقد الصوفي الصافي

دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة من إعداد ( عبدالرحمن الصوفي / المغرب ) / الجزء الأول
عنوان الدراسة النقدية الذرائعية المستقطعة (   اللحظة الجمالية للرمز  في قصائد  دوان ( شمس الما )  للشاعر ( احميدة بلبالي ) Hmida Belbali
===================================================

                                                       &            مقدمة         &

من البديهي أن اللحظات الجمالية الرمزية مطلب مهم في اﻷدب بكل أجناسه ونقده سواء قديما أو حديثا ، لذا نجد النقد عني بهذه اللحظات الجمالية على امتداد تاريخه سواء تلميحا أو تصريحا ، واستعان في فهمها وتحليلها بمناهج وعلوم شتى كالفلسفة وعلم الجمال وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها ، فالنقد ليس انطباعا او إنشاء او تفسيرا تائها للكلمات الصعبة أو قراءه تفسيرية لمضمون النصوص التي تبقى لكل قارئ وجهة نظره الخاصة  في تفسيرها ، والتفسير لا علاقة له بالنقد كعلم ... والواضح أن النقد  عند  المتخصصين هو اللحظة الجمالية في كل  إبداع وسمتها أنها يكتنفها قدر غير قليل من الغموض في تمركزها في جوهر  النصوص اﻹبداعية .  فاللحظات الجماليةالرمزية  أهم ما يبحث عنها الناقد في  النصوص الأدبية وأجمل لحظة جمالية فيه . وتلك اللحظة الجمالية هي التي  نكتب فيها دراساتنا النقدية الذرائعية المستقطعة بمدخل واحد فيها ،والمداخل الاخرى مصابيح كاشفة للمدخل المختار . ومن أهم ما ينبغي على كل ناقد نقده في النصوص اﻹبداعية هي البحث الدائم عن اللحظات الجمالية ، ولا غضاضة إن قضى فترة طويلة يبحث عنها قبل أن يكتب متسرعا  إنشاء ويسميه نقدا قد يضر بكاتبه " الناقد " ويقتل اللحظات الجمالية في النص الرائع الذي أنتجه المبدع ،  فيهوي به إلى مقام النصوص الفاشلة . فتصير إنشاءات هذا " الناقد " آلة حاصدة تحصد أرواح النصوص الإبداعية وتدفن لحظاتها الجمالية في خربشات مكتوبة تموت بموت النص المنقود .

سنركز في دراستنا النقدية الذدرائعية المستقطعة على ( اللحظة الجمالية للرمز في قصائد  ديوان  شمس الما )   للشاعر  ( احميدة بلبالي ) .

===================================================

                       &  اللحظة الجمالية للرمز في قصائد ديوان ( شمس الما )    &

انفرد الإنسان بالقدرة على إدراك  الرموز وصياغتها واستخدامها في مختلف الفنون واﻵداب ، لأن السلوك اﻹنساني سلوك رمزي في جوهره . فالإنسان وحده ينفرد بالقدرة  على استعمال الرموز والتعامل عن طريقها ، فيتواصل مع غيره عن طريق اللغة والكلام المفصل ، ووحده يستعمل اﻷحجية والتعاويذ والطلاسم وغيرها كرموز  ...الرمز عموما هو يجعل من اﻹنسان إنسانا .

سنركز في ديوان ( شمس الما )  على الرموز كتعبير عن حالة عاطفية أو انفعالية ذات أبعاد / لحظات جماليه هدفها تحقيق التواصل والاتصال . فاللحظة الجمالية الرمزية عند شاعرنا الزجال هي ذلك الاحساس الذي يعتريه في صناعته فنيا لكل قصيدة ، اندماج وجودي في تجربة فنية شعرية رمزية تصنع لحظة الإبداع . ويمكن تقسيم اللحظة الجمالية الرمزية في ديوان ( شمس الما ) إلى ثلاثة اقسام / لحظات . الأولى لحظة المبدع التي تسبق العمل أو تحايثه وتكون سببا لإنجازه ، والثانية عي تلك اﻵثار الجمالية للرمز  الماثلة في النصوص ذاتها بعد تحققها ، والأخيرة لحظة الجمال الرمزي  لدى المتلقي .

يقول الشاعر في قصيدته ( ريوس المعنى ) من ديوان ( شمس الما ) ص : 7و8

1 راس الدرب
عين حاضية
ورد ذابل
بوله طافية
وراس مقدم شاعل

2 راس الحانوت
عطور وروايح
العين في الشوفة تحير
قلب عليل ونايح
وعشاب ما عرف آش يدير

3 راس السوق
كركاع خاوي
خوخ قالو يداوي
الرزه على فم الكاس
والقاع نعناع خاوي

تتوالى رؤوس هذه القصيدة كرموز تبدا مع الرس رقم ( 1) الى الرأس (20 ) وهي  ( راس الساعة ) التي قسمها الشاعر إلى أربعة رموز ( الرأس اﻷول ) إلى
( الرأس الرابع ) . للشاعر الزجال احميدة بلبالي صنعة خاصة في استعمال الرموز ، فهو لا يستعملها فقط بالمعنى الشائع المعتاد ، بل يعيد صناعتها لتعبر عن حالة وجدانية ذاتية ومجتمعية . فالرموز عنده تحمل رؤية خاصة تنفرد بها مخيلته من أجل تثير ردا عاطفيا وذهنيا بل وجماليا في المجتمع . فاستعمال الشاعر لجالية الرمز ( الرأس ) كشكل مادي لا يعني انه ثابت ومتحجر ، بل يحمل تأويلات عديدة منها : المقولة الرمزية الكيفية ، أي طريقة التعامل مع الواقع ، والثانية أن للرموز في قصائد الديوان وجود واقعي ، ولست دائما ضرورة ذهنية مجردة ، والثالثة انها رموز تخضع لتطور دائم نتيجة للصراع بين مبدأ الذات ومبدأ الواقع .

وقيول في قصيدة أخرى تحمل نفس عنوان الديوان ( شمس الما )

سر يا فلكي
ما همك طلوع
الشمس ف سفرها
ماهمها رجوع
لبحر ملي جاع
سرط الشمس
أنا شفته
يلحش شفته
وسمعت
اتش ...اتش ... اتش

اتخذت الشمس رمزية خاصة متعددة المضامين وبخاصة عند امم الشرق اﻷدنى ، مثل معبد الشمس في هيليوبوليس  وهي تضم الرموز الثمانية لعناصر الفوضى  الكونية وتدخل ضمن النظام الكوني  منها الهواء ، الماء ، الأرض ، السماء ... نلاحظ التناظر بين الرمو ز في هذه القصيدة عند الشاعر احميدة بلبالي  ، فالسماء تقابلها اﻷرض ، والماء تقابله الحياة ...من خلال تناظرات عديدة للرموز في نصوص الديوان يصبح الزمن الرمزي زمن ذاتي في الديوان ، فهو يتسع ويتقلص حسب ظروف إنتاج النصوص . فالقصيدة اضحت في الديوان بؤرة الاكتمال لعملية لحظوية جمالية كنوذج حركي في صلته بالمبدع ، فاللحظة الجمالية الرمزية فيه لحظات متععددة منها مايرتبط بالنص كنص ومنها ما له علاقة بالديون كوحدة كلية .

يقول الشاعر في قصيدة ( يد الشوق ) ص : 99

مديت يدي نقطف من طرف اللسان معنى
خايف نسكت
يفوتني كلامي
قلت نهدر
خفت تهرب لمعاني
وبديت نسخن الطرح
انبرد اغدايد الهدرة
نطفي اجمار اهوالي

وتجدر اﻹشارة ان اللحظات الجمالية الرمزية مستمدة من اﻹحساس والخيال في شكل رموز ، فبدون الخيال الرمزي سيكون العمل الابداعي دون أعماق وأبعاد . والرمز في قصائد الديوان عموما شيء يوحي بشيء آخر بفضل وجود علاقة بينهما  ( الخيال / الواقع ) . كما انه لم يستعمل الرمز بمعناه الشائع المعتاد ، بل استعمل للتعبير عن عن حالة وجدانية . إن الاحساس بالجمال الرمزي  أفضل من الطريقة التي نحسه بها ، فكون المرء ذا خيال ، يحب افضل الأشياء ...فالشعراء  يعبرون عن تجاربهم الجمالية من خلاب صناعة رمزية لغوية للتعبير عن اللازمني بأدوات زمنية ، أي انه لا بستطيع وصف لحظة جمالية إلا من خلال رمزية وهي في جوهرها لحظة لا زمنية بالرغم ان اللغة هي زمنية في طابعها التكويني .

يقول الشاعر في قصيدة أخرى عنوانها  ( الساعة سؤال ) ص : 89

رميت الساعة
من شراجم الزمان
بغيت نشوف
ونتيق
الوقت كيطير
منبت جناح كبير
قالت من لموارى
طاير ويتسارى
طاير ليه
على حال سمايا
عارفني عارف
الوقت قصيف
وأنا ساكن في خريف
ما زبرت شجرة
ما سقيت خضرة
ركبت الريح
توسدت خوايا

اللحظة الجمالية الرمزية في نصوص الديوان عملية وجدانية وهي نقطة انطلاق لفك وحل بعض أسرارها ، لان الإبداع الزجلي عند احميدة بلبالي وحدة مركبة لا ينفصل فيها الادراك عن النزوع ، وإذا حللناه إلى أجزائه الظاهرة ، أي وحداته الرمزية المعنوية المتتابعة من الكلمة إلى القفلة سنجده  يخاطب فينا الإدراك لنوازي بين العقل والواقع والذات . فالتجربة اللحظوية الجمالية الرمزية عمل عقلي صرف يتفرد بها الشاعرعن غيره ..فالتجربة اللحظوية  الجمالية الرمزية عند الشاعر لحظة نادرة ولكنها تغوص إلى بحار من المعاناة كوسيلة لدفع وفضح الكثير من المضار الاجتماعية ..

===================================================                 

.                              &      خاتمة      &

إذا كان الاحساس بالجمال أفضل من معرفة الطريقة التي نحسه بها ، وإذا كان هناك فارق هائل بين ممارسة التفكير الرمزي والتجربة اﻷدبية ، وإذا كانت التجربة اواللحظة الجمالية تقع عمق النقد  ، فذلك هو الاحساس بالجمال النابع من مقدرة شخصية يتمتع بها كل ناقد ، فلكي نعقلن اللحظة الجمالية في نص فلابد من زاد نظري ، ونظر عقلي ، فالناقد دوما مضطر للعيش اللحظة الجمالية الرمزية لكل نص ، وواجب عليه الخروج من لحظة التلقي إلى حالة الوصف والتحليل والتعليل  ...

==================================================

                             &      عبدالرحمن الصوفي  /  المغرب   &

هناك تعليق واحد:

  1. عندما يجتمع زجال كبير وهو احميدة بلبالي مع ناقد ذرائعي كبير وبليغ وومتمكن ،فأكيد أن الدراسة ستكون عميقة ...دمت للنقد سي عبدالرحمان الصوفي وفيا وبهيا

    ردحذف