المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الجمعة، 10 أغسطس 2018

قصة قصيرة : بقلم عبدالرحمن الصوفي -------------لص القلوب ------------------ أنهت سنتها الدراسية الثانوية بتفوق ، وجدت أباها عند تنفيد الوعد ، اشترى لها هاتفا ذكيا كانت يدهما من اختارته ، اعجبت به غاية الإعجاب ، انه النسر الذي ستركبه ويحلق بها عاليا في العالم الافتراضي...لم تجد صعوبة في تعلم سرعة النقر على شاشة البصمات ، الآن ستحقق أول أمنية لها ، فتح حساب في الفيس بوك الذي كان فأل خير على ( سعيدة النگافة ) ، هكذا كان يسميها الناس سابقا اما الآن فإنها أميرة عند احد أمراء الخليج..لقد جلب لها الهاتف الذكي السعد وهي ستقتدي بها وتقلدها في كل شيء ...من أجل تحقيق هذا الغرض اختارت أجمل صورها ووضعتها على صفحتها لا تريد لا كذبا ولا تزويرا ، جسدت الحقيقة كاملة أمام فارس الاحلام المنتظر ، زينت كل الصور ابتسامات وردية تقرأ عليها ملامح الجمال والأناقة وعنفوان الشباب..استعملت رجاحة عقلها ورحابة صدرها وتفتحها وانفتاحها لتكسب أكبر رقم من الاصدقاء والجمات والتعليقات ، لم يخب طموحها تقاطت عليها طلبات الصداقة من كل بقاع الارض ، تحقق الحلم وأصبح حقيقة ... كان بين هؤلاء رجل متوسط العمر ، اسم صفحته ( سارق القلوب ) أشقر البشرة يكتب رسائله لها بلغة أجنبية صعبت عليها التواصل معه...كان عند كل ظهور له يهديها ورودا من أبهى والورود السحرية..استأنست وتعودت انتظار ساعة الأزهار المتساقطة عليها إعجابا من المحب المتيم .. وحين كان يتأخر أو لا يظهر تشعر بعصبية كبيرة وتبقى كالمجنونة تبحث عن شبيه لوردها على جداريات الصفحات ، ولما لاتجد تسجل شعورها الحزين وتشاركه الأصدقاء والعامة..يصلها تعليق المتعاطفين بالجملة ، ترد عليهم بلباقة ، توضح لهم أن سبب حزنها هروب قطها الجميل من المنزل..تتقاطر عليها مختلف صور القطط إرضاء لها..تنام متأخرة وذاكرتها تعد وتحصي أشكال وأنواع الورود التي في حوزتها منه...تستيقظ صباحا أول ما تلمس يدها شاشة الهاتف ، فتجده يعتذر مرسلا باقة من الورد..قررت أن تتعلم بعض الكلمات من لغته حتى يمكنها التواصل معه ، تأتى ذلك بسرعة ..لم يدم التواصل إلا أياما فاجأها ، ثم فاجأها الشاب الأسقر بطلب يدها للزواج ، كان يلح عليها ولم يترك لها فرصة للتفكير.. قبلت طلبه دون تمنع ، كما فعلت ( خديجة النگافة ) تماما ، تزوجت أميرا في السبعين ، وأنقدت نفسها من وحدة القرار. المهم هزمت البطالة والفقر والعنوسة ، فارس أحلام لا يمكن رده .. ذلك كان هدفها ، واليه كانت تسعى . أحست بنشوة الفرح تداعب أصابع قدميها وقسمات وجهها ..تحمر الوجنتان من السعادة و الخجل . سألته وهي تتواصل معه على الشاط ..قلبها فيض شلال من العواطف ( ما اسمك ، لا تقل لي ( اسمك لص القلوب )) ، رد عليها دون تكلف مؤكدا ( لص القلوب وقبك أصبح ملكي ) ..كادت تطير من الفرح حبها أصبح قوس قزح يعانق ضباب الخلجان . شجعته مبتسمة ( سامنحك قلبي دون عناء السرقة ! ) . سألها بدوره عن اسمها ، اجابته بالسرعة اللازمة، ( اسمي ، (عربية ) وهو اسم صفحتي الشخصية الفيسبوكية ) ، كرر الاسم ناطقا حرف العين ألفا ، تهللت أسارير وجهها ، أحست بالغبطة . كررت طلب التعرف على اسمه ، كان جوابه ( بوش ) ، ضحكت وهي تمنحه قبلة هوائية معروفة في عالم الشاط ، ( بوش الأب أم بوش الابن !؟ ) ، بقي متمسكا بالابتسامة وهو يمنحها برهة من الغزل الذي تفصله مسافات ضوئية بين العشيقين ، طلبت منه تحديد وقت الخطوبة ، أكد لها استعجاله ، قالت ( خير البر عاجله ) . لم يمنحها فرصة إشاعة الخبر بين الأهل والاحباب ، وتجهيز نفسها لليوم الموعود حتى هاتفها من المطار يدعوها للقائه ، أخبرت الأسرة التي أصبحت في حالة استنفار استعدادا لاستقبال ضيف جاد به الهاتف الذكي عالمه الافتراضي .. تعرفت عليه في المطار بسرعة لأنه يشهر لوحة مكتوب عليها ( لص القلوب ) . حيته بوداعة ، رد عليها التحية ، أرادت أن تساعده في حمل الحقيبة التي تصحبه ، تود أن تفعل مثل المرأة العربية الخدومة للرجل ، رفض وعلل بأنها خفيفة الوزن . قبل أن يصلا باب المنزل شاع الخبر ببن الجيران ، يؤكد مجيء دكتور جراح متخصص في زاعة القلوب لخطبة ( عربية ) . الكل كان متلهفا لمعرفة هذا الحظ والسعد الذي جادت به صفحة الفيسبوك .. ارتفعت زغاريد النسوة ، واستقبل ( الدكتور بوش ) بالثمر والحليب جريا على العادة . على أنغام فرقة گناوية قدم لها خاتم عربون المحبة . كان عارفا بشروط الزواج ، لم يترك لها فرصة تدعوه فيها للدخول للإسلام ، بل بادرها بالقبول بالشهادتين . حضر حفل الغداء إمام المسجد والكثير من سكان الحي ، أسلم على أيديهم وسموه ( قابيل ). قبيل الغروب خرجت مع خطيبها لزيارة المدينة، وبعد أن أصابهما العياء اقترح عليها التعرف على النزل الذي سيقيم فيه ، لم تمانع مادامت الزيارة لن يطول وقتها لأن الأهل ينتظرونهم على العشاء ..أخذ بيدها ودخلت معه الغرفة المحجوزة باسمه ، من واجب الضيافة أن يقدم لها مشروبا ، شربته فوجدته في غاية اللذة ..انتظرت الأسرة (عربية) لكنها لم تعد إلى المنزل ، وفي الصباح نشرت الجرائد الخبر التالي : ( وجود فتاة ميتة ، بعد سرقة القلب من الجسم ) . عبدالرحمن الصوفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق