المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الجمعة، 3 أغسطس 2018

قراءة نقدية  مستقطعة  من إعداد الناقد الذرائعي / عبدالرحمن الصوفي / المغرب
عنوان الدراسة  النقدية المستقطعة ( فضح اﻷوهام الخمسة ) من خلال النص المعنون ب ( أشهد أن لا بوطوكس إلا أنت  ) للأديب ( مجدالدين سعودي )

===================================================

  =====================    # تقديم #  =====================

إن المبدع الفنان  ساع دوما إلى تحويل اﻷداوات التعبيرية الخاصة به إلى شحنات تكهرب حواس المتلقي كلها ، وتصل مجموع الشحنات الكهربائية وجدانه ، عبر قنوات متعددة ، تعتمد   الصدق في التعبير ، و الوضوح في القول ، و السبق إلى مواضيع التي  لم يسبقه ( المبدع ) لها أحد . مركزا على  صناعة لغوية تميز شخصيته اﻹبداعية عن جميع التجارب اﻹبداعية السابقة له ، أو التي يعايشها ويطلع عليها كمثقف . ولا يمكن للمبدع أن ينجح في أعماله اﻹبداعية  إذا لم يكن الموضوع المراد التعبير عنه تقمصه وأصبح  ووجدانه وروحه وشخصيته وعاطفته ....

===================================================

نص اﻷديب (  مجدالدين سعودي ) ------------( أشهد أن لا بوطوكس إلا أنت  )

أشهد أن لا بوطوكس الا أنت
_______________
مجدالدين سعودي
______________
تساءلت – بتهكم – ست منيرة عن قبلة البوطوكس ...فكانت هذه الفتوى التي نتمنى أن تفيد البوطوكسيين وغير البوطكسيين ...
قالت بدلال : أشتهي قبلتك ياحبيبي ....
تذكر بيأس نهديها المصنوعين من السيليكون ...
تذكر فمها المنتفخ بالبوطوكس ...
تذكر ماكياجها ومالها وشهرتها ....
تذكر تمثال الشمع الواقف أمامه ...
وقال بأسى :
كل مابني على بوطوكس فهو باطل شرعا ويناقض القبلة ( بكسر القاف ) والقبلة ( برفع القاف ) ...لهذا لا تتعبوا أنفسكم بطلب البوطوكس ولو كان في الصين ...
غنت أم كلثوم : للصبر حدود ...
قال صاحب صاحبة البوطوكس : للبوطوكس حدود ...
غنى عبد الحليم حافظ: أي دمعة حزن لا.. لا.. ( أي بوطوكس لا .. لا ) ..
قال صاحب صاحبة البوطوكس : أي بوطوكس لا ..لا
قال مفتي : البوطوكس يقتل الشهوة ويضرب النخوة وطعم التقبيل يصبح مريرا ...وقبلة البوطوكس بدون طعم ...
قال متشائم : فراش البوطوكس بارد وتموت حاسة اللذة عند البوطوكسية وتحرم كذلك من نعمة الضحك ....
أصيبت عدة بوطوكسيات بالجنون وخرج الرجال في مظاهرة حاملين عدة لافتات مطالبين بعودة المرأة الى ماقبل البوطوكس ...
قال متظاهر : جنون البوطوكس أخطر من جنون البقر والدجاج والخنزير ...
قال متظاهر ثاني : قبلة البوطوكس تثير في الغثيان ...
قال متظاهر ثالث بعفوية: كأنك تقبل الحجر ...
حذرت منظمة الصحة اللاعالمية من قبلة البوطوكس لأنها تنطوي على مخاطر صحية كثيرة أهمها فقدان التواصل بين الرجل والمرأة وخطر انفجار الشفتين وتشققهما وموت الرغبة في التقبيل ...
قال داعشي مجنون : نفتي بتفجير شفاه البوطوكسيات ...
وعقدت الجامعة العربية اجتماعا طارئا لمناقشة شفاه البوطوكسيات ،وكالعادة لم يتفق العرب على أن يتفقوا بين من اعتبر تقبيل البوطوكسية جائز شرعا وبين من اعتبرها مكروها وبين من فوض الأمر الى الأمين العام للجامعة العربية الذي اعتبر الأمر خطيرا ويهدد الصف العربي و يسيء للأمن القومي العربي واعتبر بأن هناك مؤامرة عالمية ضد العرب والمسلمين لزعزعة ايمانهم وتماسكهم...
وكل قبلة بوطوكسية وأنتم بخير ...
وكل بوطوكس وأنتم بألف خير..
____________
مجدالدين سعودي

===================================================

===================================================

بسم الله الرحمن الرحيم

اﻷديب مجدالدين سعودي في نصه  منتج بارع لدلالات ثقافية كمنصة ( المسرح ) دلالية ، وهذه اﻷخيرة لا تنتج دلالاتها من خلال مجال حر الرؤية ، وإنما يتم إنتاجها من خلال وضع معين ترى فيه الذات العالم المحيط بها ، بما في ذلك مكانتها هي في الكون من زاوية معينة . وهذه الزاوية تعد مفتاحا لفهم عملية إنتاج الدلالات في اﻷبعاد المعروفة ( المنصة الدالية  ) للزمان والمكان والذات والموضوع ...ورد فعل المبدع الفنان هو رد مقاومة وفضح الاختراق الثقافي من خلال اﻷوهمام الخمسة ، ونبينها كالتالي :

-   وهم الفردية
-  ووهم الخيار الشخصي
-  ووهم الحياد
- وهم الطبيعة البشرية التي لا تتغير
- ووهم غياب الصراع الاجتماعي  .
أشهد أن لا بوطوكس الا أنت

لقد  أصبح واضحا أن بعد المدعين يسعون إلى ترويج ثقافة الحياد وموت اﻷيديولوجيا ، والغرض تسطيح الوعي ، وإفراغ الثقافة من كل محتوى وطني وتحرري ، سلوكات ترمي إلى إلغاء العقل وملكة النقد وكل موقف رافض . لقد حل الاختراق الثقافي محل الصراع اﻷيديولوجي ، وهو اختراق يقوم على جملة أوهام هي نفسها مكونات الثقافة الاعلامية ، التي تضرب في الصميم الهوية الثقافية بمستوياتها الثلاثة ، الفردية والجهوية والوطنية القومية .

الكاتب مجدالدين سعودي في نصه يحارب بسخرية سيكلوجية اﻹعلام التي تبيع اﻷحلام والرغبات من مختلف اشكال الربط بين السلعة و الصحة والجمال والجاه ، من خلال تلفزيونات النفايات الذي نجح في  توصيل برامج البداءة والانحطاط و .... الى أوسع طبقة من المشاهدين في اﻷرض العربية . الذي اصبح مستلبا ومخدرا بنظم الدلالات الثلاثة المعروفة في مجتمع الثورة الرقمية ( المكتوب ، الصوت ، الصورة ) .

  ===== = ==== ======  #    خلاصة   # =====================

اﻷديب مجدالدين سعودي وفي لخطه اﻹبداعي الحامل لمشروع ثقافي عربي من خلال المتخيل المسرحي الرحب المنفتح على ثقافات أخرى من خلال الاستماع لنبضها ومحاورتها ومساءلتها ومقاربتها ، وكلما وصل إلى أجوبة عن سؤال المعرفة وسؤال القلق وسؤال الحيرة وسؤال اﻷلم ... إلا وأعطى لحياته في اﻹبداع بعدا إنسانيا ..
.

- ==================================================
       
    عبدالرحمن الصوفي / المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق