المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الخميس، 2 أغسطس 2018

الناقد الذرائعي عبد الرحمن الصوفي

====== دراسة نقدية مستقطعة من إعداد الناقد الذرائعي ( عبدالرحمن الصوفي ) ===
=== عنوان الدراسة النقدية المستقطعة ( ديناميكية الوعي بالكتابة ) في القصائد الزجلية لديوان
( بغيت نج قصيدة ) / الشاعر ( سعيد لشهب ) Said Lachhab

============================  تقديم  ===============

تتموقع الكتابات الشعرية الزجلية في عمق عامي يطرح علينا عدة تساؤلات إشكالية ، من الممكن أن نعتبرها ذات حمولة الوعي الذاتي والنفسي والاجتماعي والتاريخي والسياسي ...والزجل كفن شعري ذو أبعاد كثيرة جدا ، منها البعد الانعكاسي أو الرمزي أو البعد الفانتيستيكي ...وما لاحظناه خلال قراءه ديوان الشاعر ( سعيد لشهب ) المعنون ب ( بغيت نج قصيدة ) أن معظم القصائد حققت بعدا انعكاسيا للواقع الذاتي النفسي والاجتماعي والتاريخي ، وهذا اﻷمر يدعونا في هذه الدراسة النقدية المستقطعة ( الوحيدة المدخل ، أي الاشتغال بمدخل نقدي من  خمسة عشر مدخلا يتشكل منه التحليل النقدي الذرائعي التطبيقي على النصوص اﻷدبية العربية )  إلى تحديد العلائق لهذه اﻷبعاد في قصائد الديوان ، مع رصد مجموعة من المظاهر الانعكاسية لواقع مفتعل هو واقع الكتابة المستند على الواقع الاجتماعي . والسؤال الذي يطرحه علينا الديوان هو  : " ما الذي يريد قوله الشاعر  ( سعيد لشعب ) في ديوانه ( بغيت نج قصيدة ) كتراكم كمي في التجربة الزجلية المغربية ؟

===================================================

بسم الله الرحمن الرحيم

قد يبدو هذا السؤال آتما في بدايته ، لأنه يختزل كثيرا من أدوات الكتابة اﻹبداعية عموما ، فتنتهي بنا إلى مستوى خطاب اجتماعي متعدد المستويات منها  الخطاب التصعيدي والخطاب التفجيري في بنية اللغة العامية المتنامية الرؤية المجتمعية في  داخل النصوص الشعرية الزجلية في الديوان ،  مع التركيز على الجغرافية المكانية من خلال كلمة وألفاظ تجسد ذاتها وعيا بالذات وبالواقع ...

يقول الشاعر ( سعيد لشهب ) قبل القصيدة اﻷولى للخيط اﻷول  في الديوان : ( بين سطروسطر ، كاين شلا ما يتقال ، هذا القصيدة بحر ، وامدادي ساقية ، على قد الحال ) ، وهذا طبعا يعود بنا ليربطنا بالسؤال الذي طرحناه في المقدمة ، وفي قول الشاعر جزء من الجواب على ذلك السؤال .

جاء  ( الخيط اﻷول / حروف بمداد الكبدة ) ص : 18و 19

حملي بيا يالكلمة
وتوحمي على غمة
ولديني بلا زحمة
ورميني جنب الحيط
ما نصرخ ونعيط
ما بغيت نعرف :

نلاحظ قيمة اللغة الوصفية التي تتصف بكثير من سيولة التتابع وكأننا أمام حكاية ، وهذه السيولة هي لغة حوارية ( تداعي حر ) وهي تقنية من الكتابة الزجلية عند الشاعر سعيد لشهب ، كتابة ترقى إلى مستوى الحدث ، وارتباط هذا الحدث بالواقع الذاتي والنفسي والاجتماعي ، منظور إليه من زاوية النص الحكائي ( الولادة / البداية  )  نواصل القراءة في نفس القصيدة الذي جاء فيها   ما يلي :

ما بغيت نعرف :
شكون كانت بيا حاملة
ولا شكون كانت القابلة
ولا إمتا جا الحيض

غير سربيني
ولديني
ولوحيني
ما ترضعيني من حليبك جغمة
ما تجيك علي رحمة
وحتى المصران اللي كان
يربطني بيك
نقطعو بسناني

حكاية بقالب نغمي شعري زجلي  كاملة  يتحرك فيها نمودج بشري ، اختزال لحياة ذات في فترة محدودة زمانيا ، حيز زمني مقنن بفعل كينونة الحكاية ، في نمودج كائن بشري متصاعد من خلال خط مبياني منطلق من لحظة الولادة التي تشحن الشخصية الذات بجوانب غنية من الواقع المجتمعي ، ومن خلال هذا الخط التصاعدي الحكائي الشعري تتبلور المواقف والرؤى على اساس ان مسالة الزمن هي مسألة نسبية تظل خاضعة لمكونات النص الزجلي في ديوان ( بغيت نج قصيدة ) ...

وفي نفس الخيط ( الخيط الأول ) يقول في قصيدة ( منين توحمت قصيدتي ) :

قصيدتي جاها
وحم صعيب
تشهات كلام
من كشكوشة لغيام
منين تفيض الرعدة
وكيف نجيب ؟
وبيني وبين لبرق
خصام
ما يجمعنا سلام

إن المقصود هو شحن الشخصية الذات بجوانب غنية من الحياة المجتمعية في فضاء زمني ( الوحم ) بالرغم من محدودية هذا الحيز الزمني فإن الشاعر استطاع من خلال زمن مادي قصير أن يربط ذاته بالمجتمع عن طريق الخيال والذاكرة او لنقل التداعي الحر كمجال إبداعي ، فالشاعر استخدم الذاكرة وأعطاها وظيفة خدمة اللحظة الحاضرة ...

لنلاحظ ما ( نجه ) الشاعر في قصيدة ثالثة في الخيط الأول المعنونة ( قصيدة ناقشة ) ص 28

آه يا لكلام الحر
وتسلفني شي سطر
بغيت نسكي بيه رفيسة
قصيدتي نفيسة
ولدت قوافي حايلة
بلا زحمة بلا قابلة

زمن مادي قصير ( النفاس ) واستخدام للذاكرة ضمن وظيفتها العادية ( السهل الممتع والممتنع ) ، لحظة ترسم الذات والهامش ثم المركز ، والشاعر في (  النج ) لا يسعى لتحطيم علاقات المسار الحدثي من أجل تشييد علاقات جديدة إراديا ، بل نجده يتبع نسقا إبداعيا خاصا تتحكم فيه توجيهات السرد الذي تحتويه القوالب الشعرية الزجلية .

لنتأمل ما جاء في القصيدة الخامسة  من الخيط اﻷول المعنونة ب ( حرف نيوتن )

تحت كرمة
عروشها مدلية
كنت جالس
ما عليا ما بيا
نخمم ف بحور لكلمة
وأغرايب القافية
وعلى غفلة ...قصيدة من السما
طاحت عليا
ديك الساحة بداتني الحكمة
وهوايشها شدو فيا

وتتواصل خيوط الديوان الخمسة على أن كل خيط في الديوان يضم مجموعة من القصائد الزجلية ، لينتهي الديوان بخيط العقدة يضم قصيدة واحدة ...فمن خلال التصاعد العددي ( 1 إلى 6 ) سيتعامل الشاعر مع الزمن على أساس أنه في حوار بين الماضي والحاضر والمستقبل ، وهذا الزمن أصبح كمرتكز لبنية سردية زجلية ترتكز على نسق وصفي ...
ما نلاحظه أن قصائد الديوان منفتحة على العالم الخارجي من خلال كشف الشاعر لبؤر الحكاية على بعض جوانب الحياة ( الذات ) والمجتمع .

جاء في قصيدة ( حرف مفطوم  ) الخيط الثاني ، ص :33

ياكلام
علاش دغية تفطمني
وتلوحني
وسط الحزة غريب
وحرفي مزال مولمني
سنانو حليب
مازال في القصيدة يحبو
وخاصو يكتبو
يشكلو وينصبو
حرفي مازال
افزك لفراش
ما يطرز كلمة
ما يزطط نقاش
كلامي مازال دري

إن استحدام الشاعر الزجال للجمل الوصفية يأتي كاداة لتقريب المحيط الخارجي في بعده الحضوري المادي ، ومحاولة اقناع القارئ بصدق اللحظة اﻵنية الواقعية ، بينما لا تسعى هذه الجمل الشعرية الى تشكيل فضاء حكائي محض ، الوصف عند الشاعر سعيد اﻷشهب هو أداة سكونية تسعى إلى إقناعنا بواقعية التجربة الشعرية من خلال فضاء حكائي ، تعمد الشاعر فيها دفع القارئ إلى اختراق النص أو التحاور معه .

وننتقل مع الشاعر سعيد لشهب ، ودائما في الخيط الثاني ، إلى قصيدة ( سرحة لحروف ) ص : 39

منين نتا راعي غشيم
آش داك تسرح لحروف
ف لحويط لقديم
كانين ذياب الكانة
ساكنين معانا
وشلا حجامة
احسنو سوالف الكلمة
بلا مقص بلا ما

سرحة لحروف يا خيي
فن وكياسة
ما تحتاج تضربها بعصا
ما تحتاج قرصنة

من الواضح أن والجلي تحريك الشاعر لتبوتية وتحول القصيدة الزجلية ، ينتقل بها من مركزية الفعل  المغير والمتغير تحضر فيه الذات التي تبتعد كل البعد عن التصور البسيط الذي يجعل منها مرادفا للوجدانية أو الرومانسية .....

====================   خلاصة =========================

تستمد قصائد الديوان الزجلي لسعيد لشهب جماليتها وقوتها من وجود دلالات متعددة للعبة اللغوية ، الحاملة لخطاب مضمر سردي يؤكد البراعة اﻷدبية التي تفتح الباب امام قراءة تأويلية اسلوبية ، وهي المبحث الثاني من هذه القراءة النقدية المستقطعة ، ولنا له عودة قريبا إن شاء الله تعالى .

===============   عبدالرحمن الصوفي / المغرب ================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق