المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأربعاء، 29 أغسطس 2018

دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة لقصيدة للشاعرة Habiba Akhrif

الدراسة النقدية الذرائعية المستقطعة من إعداد ( عبدالرحمن الصوفي المغرب )
دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة عنوانها ( التصوف الاحتجاجي والاغتراب الأعلى في قصيدة / بأي حال ) للشاعرة  ( حبيبة أخريف  ) Habiba Akhrif
===================================================

                             &$$$$$             مقدمة       $$$$$$

بسم الله الرحمن الرحيم

من خلال النشاط الخلاق للإنسان الفنان والمبدع ، واستقبال الإنسانية لهذه الأعمال ، تكشف الطبيعة الكونية للحرية الإنسانية عن ذاتها ، لكنها تختلف عن الحرية التي يحصل بها الإنسان على السيطرة عن قوى الحياة الطبيعية ، فمن خلال العلم والتيكنولوجيا يتم السيطرة على قوة الحياة لتطور المجتنعات ،  ويحدث هذا من خلال نشاط إنساني واعي . إن عالم اﻵﻻت هو عالم قوة الإنسان ، وهو الضامن لتحرر الإنسانية من ضغط العالم المادي وهو أداتها وسلاحها .
أما عالم الإبداع والفن فهما حقيقة أخرى لعالم الإنسان ، أي هما غير موضوع في مواجهة مضادة للإنسان كأداة مادية وخارحية لقوته ، وإنما هو نظير للإنسان ، بل انعكاس لحياته الداخلية ، فالإبداع والفن يلعبان دورا هاما في حياة الإنسان . أي الفن في خدمة المجتمع كهدف تربوي يوصنا إلى التربية الجمالية التي ينبغي أن تشمل الإنسان من جميع جوانبه للوصول أخيرا لقاعدة الفن ولإبداع صانع لحضارة السلم والتعايش اﻹنساني .
رسالية النص الشعري التربوية تدفعنا للغوص في النص مستعينين بالأداتين الفلسفيتين التاليتين  :

# - التصوف الاحتجاجي في قصيدة ( بأي حال ) للشاعرة ( حبيبة أخريف )

  # - الاغتراب الأعلى / انسلاخ الإنسان من إنسانيته في قصيدة ( بأي حال )

=====      التصوف الاحتجاجي في قصيدة / بأي حال / للشاعرة / حبيبة أخريف /  ======

لقد عرف التاريخ العربي الاسلامي نوعا من التصوف سمي التصوف الاحتجاجي ، هذا الأخير بدأ متمظهرا في الفن والابداع خاصة مع الفترة التي سميت  ( الربيع العربي ) ، هذا النوع من التصوف الاحتجاجي هو احتجاج على مجموعات سلوكات غريبة سلبية لا صلة لها  بالفطرة الإنسانية ( التوديع = الأهوال + زعزعة الاطمئنان + المآثم + الهموم والاحزان + دم الأبرياء ...) ، فالصوفي حين يودع ألم المادة يعانق متعة راحة الروح ...هذا النوع من التصوف الاحتجاجي استنكر السلوكات المتوحشة المتعطشة للدم - والتي تحركها رغبات ونزوات ومحركات خارجية وأخرى داخلية  - والتي لم ترحم لا امرأة ولا طفلا ولا مسنا ولا بريئا ...ولقد ارتفعت أصوات العديد من الفنانين والمبدعين داعية إلى العودة إلى الكتاب والسنة في إطار فكري  جامع لها  سمي التصوف الاحتجاجي ....

تقول الشاعرة في مطلع قصديدتها المعنونة ( بأي حال ) :

أودعك يا ذا العالم
أودعك فقد عشت فيك
الأهوال
زعزعت الاطمئنان
أقامت المآثم في كل
اﻷركان
أحرقت المعالم
لم تكثرت للأديان
أودعك يا ذا العالم

القصيدة تؤكد أن صوفية الشاعرة ( حبيبة أخريف  ) في قصيدتها المعنونية ب (  بأي حال  ) لا تدخل في باب التصوف الهروبي ، وإنما هي صوفية اجتماعية ، أو صوفية احتجاج على زمن " العولمة " و " صدام أو صراع الحضارات " أو زمن " توحش رأس المال " ، الذي اختل فيه التوازن بين الروحي والمادي والاجتماعي والذاتي ...وطغى فيه الشر على الخير ، فأصبحت حياة الانسانية وموتها رقما في بورصة الأرباح ، بل اصبح الانتصار يساوي رصيدا كبيرا من  عدد القتلى من الأرواح البريئة تتباهى به الدول القوية المالكة لكل وسائل الدمار  ...

تقول الشاعرة في قصيدتها :

كلي هموم وأحزان
لارثك الوارف ظله
على الأعوام
أودعك فلا جديد
تحت شمسك ولا عنوان
أودعك يا ذا العالم

إن التصوف في القصيدة هو نوع من الهروب إلى الأعلى أي سمو الروح والصعود بها إلى مستوى الوجد والإيمان والطهر والنقاء وتقديس حياة الكائن / اﻹنسان ....دعوة تحاول من خلالها الشاعرة إلى إيجاد توازن بين مطالب الروح ومطالب الجسد لخلق المجتمع الفاضل / الإنسانية الفاضلة ، تحذير من طغيان المادة والشر على مستقبل البشرية . بحيث أن كل العالم المتقدم والمتخلف يمر بمرحلة انتقال كبرى ، بحيث يحمل هذا الطابع الانتقالي سمات لا اخلاقية وغارقة في الفردية ...

==============  الاغتراب اﻷعلى / انسلاخ الإنسان من إنسانيته  ==========

وتضيف  الشاعرة قائلة :

ملطخا بدم الأبرياء
يسقطون في ساحة
الشرفاء
لا ذنب لهم سوى
أنهم ولدوا في بلدان
ترفع راية الإسلام
والسبابة لا للصلاة
بل لتوديعك أيها العام
مرغم اخاك لا مخير

الغرب والغربة والاغتراب ، كلها في اللغة بمعنى واحد هو : الذهاب والتنحي عن الناس ، وكذلك في المعنى الاصطلاحي ، هذا المفهوم استعملته الشاعرة بطريقة إلى الأعلى اي انسلاخ الانسان عن إنسانيته ( الاعتراب في الانا الفردي ) مما جعل الإنسان يفقد الشعور بالحياة والانتماء ، واغتراب الانسانية عن إنسانيتها تسبب في غربة ذاتية ومجتمعية وسياسية واقتصادية وروحية وفكرية ...حمولة فكرية تجعل الشاعرة غريبة مغتربة أمام ( حب القتل / التفنن في القتل / الجنائز في كل البلدان / دم الأبرياء ...)

تقول الشاعرة

تهدم منزله
يسكن الرياض
المنعم
أودعك يا ذا العالم
الساعة لم تتغير
المحارق والجنائز
في كل البلدان
حلب ، سوري وأمهم
فلسطين
كي يقتل لا فرق
بين الأديان
تعددت الأسباب
والموت واحد
أودعك يا ذا العالم 

اضحى الاغتراب في القصيدة نوعا من الموت كحالة من التواصل بين الذات والواقع  ، وصلت  فيه الذات إلى عالمها وحريتها الحقيقية ، ومع ذلك تدعونا الشاعرة إلى مواجهة الموت المتعدد الاشكال ( موت الضمائر / موت القلوب / موت النفوس ...) مواجهة الفقر والجهل والتخلف والجمود ... مواجهة بصوفية احتجاجية ... إن منطق الموت عند الشاعرة قائم على منطق الشهيد الذي يعطي روحه ليهزم الموت والشر في نفوس الآخرين ، المنطق الذي يزرع غصن زيتون ويرويه بروحه وجسده ، فالموت مع الكرامة استمرار وخلود ...

وجاء في القصيدة ما يلي :

كتابي بيميني
آخذه
الله باق وكلنا إلى
زوال
فاعتبر يا إنسان
عش أيامك بسلام
أودعك يا ذا العالم
عسى تشرق شمس
الغد فينتصر الإسلام

يمكن القول أن اللغة الشعرية عند الشاعرة (  ) هي الواقعية التي تعيش داخلها ، تحاول من خلالها رصد ما هو كائن للوصول إلى ما ينبغي أن يكون ( بناء مدينة الخير / الفاضلة ) ، فأصبحت القصيدة حاملة لأبعاد رمزية نشتشف من خلالها سلب كل صفة حسنة على التقدم الحضاري للإنسانية التي لا تقدس حياة الإنسان ...حضارة جمعت قيم الضد ( الأحياء = أموات ) . وكذلك تواجد الرمز الصوفي الحامل لثنائية الدلالة حيث تتجلى فيه قيم روحية وفنية . فالرمز عموما في القصيدة يكتسي طابعا يتلاءم مع المضمون . فالصوفي كالرمزي يعاني حالات وجدانية على درجة من التجريد ، فينعتق من سيطرة الحس ليتحد بالجمال الإلهي الخالد .

====================      خاتمة    =======================

إن اي قراءة نقدية لجنس ادبي إبداعي ما إذا فقدت بوصلتها النظرية تاهت واصبحت إنشاء ، ولا بد لكل قراءة نقدية أن تهتم بنص المبدع تنظيرا وتطبيقا مع الابتعاد عن الجدل والمساءلة الفجة للنصوص ، فالدراسات النقدية المعاصرة ( معزم النظريات النقدية ) تعتبر النص محطة تواصل روحي بين المبدع والناقد ، من خلال مشاركته مشاركة مثمرة وفعالة في فهم النص ، ولا يمكن أن يتأتى هذا التفاعل المنتج إلا باستعادة تجارب المبدع السابقة من طرف الناقد ( لذلك ينبغي مصاحبة النص المدروس اياما طويلة من خلال القراءات المتكررة ) ، فكم من نقد يكتب حين تقرؤه يتبن لك ان ذلك الناقد الطفيلي لم يقرأ النص وهذه مهزلة تضر بالنص الجميل ومبدعه ...

$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$

                    عبدالرحمن الصوفي  /  المغرب

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

             
  نص  القصيدة /  الشاعرة /  حبيبة أخريف

باي حال
اودعك يا ذا العام
اودعك فقد عشت فيك
الاهوال
زعزعت الاطمئنان
اقمت الماثم في كل
الاركان
احرقت المعالم
لم تكترث للاديان
اودعك يا ذا العام
كلي هموم و احزان
لارثك الوارف ظله
على الاعوام
اودعك فلا جديد
تحت شمسك ولا عنوان
اودعك يا ذا العام
ملطخا بدم الابرياء
يسقطون في ساحة
الشرفاء
لا ذنب لهم سوى
انهم ولدوا في بلدان
ترفع راية الاسلام
والسبابة لا للصلاة
بل لتو ديعك ايها العام
مرغم اخاك لا مخير
تهدم منزله
يسكن الرياض
المنعم
اودعك يا ذا العام
وكلي اسف على
فرائض الدين
نؤديها في العيدين
الاصغر فالاكبر
اودعك يا ذا العام
الساعة لم تتغير
المحارق والجنائز
في كل البلدان
حلب ،سوري وامهم
فلسطين
كل يقتل لا فرق
بين الاديان
تعددت الاسباب
والموت واحد
اودعك يا ذا العام
كتابي بيميني
اخذه
الله باق وكلنا الى
زوال
فاعتبر يا انسان
عش ايامك بسلام
اودعك يا ايها العام
عسى تشرق شمس
الغد فينتصر الاسلام

حبيية اخريف    20/12/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق