المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 25 أغسطس 2018

دراسة تحليلية نقدية ذرائعية

دراسة نقدية تحليلية ذرائعية  لقصيدة (  القمرالأحمر ) للشاعر عبد الرفيع الجواهري .
إشراف / عبدالرحمن الصوفي / المغرب.
=================================================

المقدمة:
                
    لامحالة أن القصيد الرصين مشكاة مضيئة و ذؤابة روحية، بل لجين صدق وصفاء، تختال بجميل الكلم وأنيق المعنى وبهي الإيقاع ، الذي ينسل من أعماق طيات النفس ،ويترجم إحساسها بجمال خرافي وصدق لامتناه، تأخذ المتلقي دون هواه في سفر روحي فكري هادف، بل تنسيه اسمه مقامه مكانه ومن معه ،وتقذف به في خلجان حروف حالمة رومانسية متفردة آسرة ، مسربلة  في بهاء لا يقدر بحجم ، ولا يتلاطم حوله إلا أمواج البهاء ،ولا تتكسر بجانبه الا مجاذيف السحر المذهل، فلا يسعه إلا ان يستعذب إيقاع رنات بديعة الإنزياحات ، مذهلة الاستعارات، جميلة اللوحات، متدفقة الانسياب ،وهذا البهاء الطبيعي المتفرد يتملى به فقط أهل المغرب ، حيث يشرف عليهم من الأعلى قمر أحمر بجمال يهدي الأمل ،يؤكد قوة الانتماء، ويدعو الى الاعتزاز بحب الوطن الذي  يسكن النفوس ولا يغادر .
. كل ذاك اختزله شاعر فذ رائع متميز هو الشامخ عبد الرفيع الجواهري، حيث أهدى بسخاء حاتمي أفضل واسطة عقد من الماس... إنه القمر الأحمر، وهل في أرض أخرى قمر أحمر؟

التعريف بالشاعر:

عبد الرفيع الجواهري شاعرمغربي، ولد بمدينة فاس سنة1944 
التحق بالإذاعة الوطنية سنة1960
حصل على الإجازة في القانون سنة1967
حصل على شهادة الدروس المعمقة من كلية العلوم القانونية والإقتصادية بمراكش، حيث زاول مهنة المحاماة.
انتخب رئيسا لاتحاد كتاب المغرب سنة1996.
أشهر دواوينه:وشم الكف 1981.        
شيء كالظل 1994.
كأني أفيق 2010.
الرابسوديا الزرقاء 2010.

المدخل البصري: 
                   

  القمر الأحمر .... عنوان رومانسي مذهل بسبب اللون الأحمر لا الفضي ، مكون من كلمتين نعت ومنعوت، واللون الأحمر هنا رمز جمال ساحر وانبهار وعشق متفرد، بوطن يسكن أهله حد الهوس ويستوجب الذوذ عنه...
القصيد شعر تفعيلة و نثر حر موزون، ليس شطره طويلا ، يتوزع إلى خمسة فقر متناغمة، تتناثر عذوبة وتتقاطر بهاء ،تجمعها الوحدة الموضوعية، مقفى لكن تتعدد قوافيه بين الراء والدال وقوافي أخرى.. احترم الشاعر الترقيم ،ووظف أسئلة في الجزء الخامس للإلحاح على الدلالات، ولا يبتغي لأسئلته جوابا ... أهدى صورا طبيعية متفردة ،ومعجما آسرا بالصور و انزياحات بديعة مدهشة، تتدفق جمالا يسبي المتلقي الغارق في سحر لا يقاوم ،و يبدو جليا للعيان أن للقصيد دلالات فكرية اجتماعية وطنية ونفسية جد قوية، أملا أن يقوى الحس الوطني لدى المتلقي.

البؤرة الثابتة:  
             

   لا يختلف اثنان أنه قصيد ساحر آسر يتمكن من شد كل متلق متذوق ، يحتفي بالمكان والأرض والوطن، يوظف انزياحات ومجازات واستعارات، فتبدو جليا صلة وثيقة بين الذات وعشق المكان الثابت، فالمكان حاضر في الذاكرة بقوة كالطود المنيع ،هذه مدينة الرباط التاريخية مكان لا يشيخ ،حاضرة حضورا وارفا  كرمز في نهرها الرقراق المتعمق في المكان والزمان والحضارة ، مما يفتح آفاقا وجدانية وإيحاءات لقيم الإباء ،السمو ،الاعتزاز، والانتماء.
قصيد يعد رحلة ممتعة حالمة في عرسات الوجدان ومراكب مخيال ثمل، بامتطاء أشرعة صور طبيعية شاعرية أخاذة مذهلة ،تجنح كل مرة لتدعو بإلحاح للتعلق بالأرض بالمكان ،و تستهدف تقوية حب الوطن الجميل الساحر  .

الاحتمالات المتحركة في قصيد القمر الاحمر:

              
  تفجر جنون إبداع الشاعر وفاض نهر مداده شعلة وهاجة و أزاهير جلنار، تمرغ في مراعي مخيال مذهل، فأهدى قصيدا حالما راقصا هامسا بلسان صدق وصفاء، اغترفه من أعماق طيات النفس وفكره المتوقد ورؤاه للكون و الحياة، تدفق ببهاء متفرد نوتات معزوفة أنيقة، تشيد بأحداق الحياة ،وتنوه بالأمل وتزغرد للبهاء، وميضا من النبض الإنساني.
هو مفكر مبدع خلاق تملك ناصية اللغة، روح هائمة معلقة بحب وطنه إلى حد الهوس، نحت ذكراه في القلب ، بكلم قدير مستحكم الغوص، لا يكف يسكب الجمال في الآذان بسخاء، و يسير في طريق انعتاق من كل القيود والأكبال والأصفاد.
أهدى بوحا خلاقا بطعم الشموخ، اختمر وتعتق جمالا ضاربا في عمق التاريخ والمكان والذاكرة ، يراهن على حروف جدلى نشوى في مقام الحكمة، تدخل إلى سويداء القلب بيسر وبرفق ورونق، بها يرق السمع لليل جاثم يعاند ويراوغ ويجادل، لكن عتمته تبددت تشظت، و استنارت بلون قمر أحمر، يدغدغ المشارف والمسافات، ويقهر كل ديجور ولو أنه الخجول في العلياء...
نص عنون بالقمر الأحمر، ظاهرة طبيعية رمزية حالمة جد مذهلة، وعاها الشاعر وأجاد استثمارها بصور شعرية، تحرك الإحساس وتوقظ الحس الأدبي، لها قوة سحر بريق ثريا ورمزية لون أحمر مثير، تصدح بالإدهاش و لا يحصل عادة الإدهاش إلا بالغريب، مناسب جدا كعتبة مشوقة، كطعم صنارة تغري بالولوج للنص، تدعو المتلقي لاكتشاف عذوبة تسلق تضاريسه ،تراود فضوله ليستطيب نشوة القراءة ، جاء القمر كلمة معرفة موصوفا بالأحمر، وما أبعده عن اللغة المباشرة، يمتطي بجلاء رمزية قوية تعزز روح الصورة الشعرية، و تمتح من فكر إيديولوجية جد ثرية برؤى الشاعر للكون والحياة والكون.
القمر لوحده لفظ شاعري، ودلالة تناغي العاطفة والحب والبهاء، ذاك المطل الجميل الملهم الكامل المذهل، منار التائه والمسافر، المؤنس للمريض الموجع، باختصار عتبة عاطفية تكاد تغري كل شاعر حداثي للوقوف عليها، كما كان العربي يقف على الطلل، صورة تقود لارتياد تخوم الذات والوجود، رمز لها بالأحمر لون قوي دال قدير بتجسيد رؤى الشاعر، حيث تلون القمر بألوان ذات ونفسية المبدع.
أنى للقمر أن يتقمص صورة إنسانية و يكون خجولا؟ وهو المتربع هوذج الشموخ، يضيء حلكة الليل البهيم دون كلل، ويطل بزهو لامتناه ،فالخجل كثف الصورة بإيحاءات نفسية وحمولة جمالية.
غاص المبدع في صور النص الشعرية ،جنح إلى لغة رمزية جد رحبة، لها طاقة إبداعية كثيفة ،من خلالها يبرز الرمز رؤية الشاعر الخاصة للوجود، فيمنحه ذاك قدرة على استكناه المعاني، تضفي لامحالة على حروفه التفرد والخصوصية, نعم كان كلما خلع على عواطفه من ذاته، جعلها تعج بإيحاءات ودلالات جد متفردة، تؤدي إلى خلق إنتاج فني مبهر.
احتفى الشاعرخاصة بالمكان والزمان، وظلت الطبيعة دوما حاضرة في وعيه وفكره ووجدانه، تحرك مخياله وتؤثر على حواسه، وتملي عليه صوره الآسرة الساحرة، حيث يتجلى عالمه الداخلي وكل انفعالاته النفسية ،وهذا ما أكده الدكتور جابر عصفور
"إن محركات الحس هي المادة الخام التي يبني بها الشاعر تجاربه"
أهدى بسخاء حاتمي صورا طبيعية تسكر المتلقي، و احتفى بالمكان والزمان، وتغنى بالرقراق وطرب ،هناك إذن صلة وثيقة بين الذات والمكان، الرباط رمز متعمق في الذاكرة يودي إلى إيحاءات لقيم الإباء والعزة والأنفة حيث ذكر الجبل والوادي الرقراق والخلود...
أنى للشقراء بنت الثلوج أن تنعم ببلدها بأماسي حالمات تحت إطلالة قمر ساهر أحمر؟....دعوة ملحة  للإعتزاز بوطن متفرد الجمال متنوع الطبيعة، بهي الطلعة والملامح ثري الحضارة.

البيئة الشعرية:
              

  كان لظروف المبدع أكبر الأثر في تكوين معالم شخصيته، خاصة عند نشأته لما اعتقل أبوه من طرف المستعمر الغاشم ،فلا ينكر أحد مدى دور البيئة في تكوين نفسية و شخصية المبدع ، نعم تأثر كثيرا بالظروف السياسية الجسام والإجتماعية والفكرية لبلده المغرب، حيث عاش البلد ظروفا حرجة متوثرة من جراء الاصطدامات بين المواطنين والمستعمر ،كل ذاك دعاه إلى أن يرفض  كل الرفض هذا الوضع السياسي المتأزم ،وأن يبصم به قصيده الذي جاء معبرا مترجما لأصدق قيم ورؤى اتجاه هذه الأوضاع المتردية.

التيمة:
            

  لاغرو أن المبدع معجب ومحب لوطنه حد الهوس ، لاينفك يراه أجمل البلدان على الإطلاق، سحر بعناصره الطبيعية أيما سحر ،فوظفها بذكاء ثاقب رموزا قديرة ، تعرض مدى قيم الجمال و الشموخ والأنفة ، بها عزز معاني الوطنية والأمجاد التاريخية ،وقدم منتوجا متفردا فنيا ،ضمنه رؤاه الفكرية والإيديولوجية ابتداء من العنوان...القمر الأحمر...
قمر...كم صرخ من العلياء بحمرته تلك يرفض الدخلاء ، ويستنكر الخجل من الأهالي المتقاعسين المترددين الخائفين من أجل المطالبة بالحق والاستقلال، ويلح على طرح كل خجل وتقاعس لاسترداد البلد الجميل بعزم و بسالة.

مقياس الصحة والخطأ:
               
  حتما كل ما ذكر في قصيد القمر الاحمر من عناصر طبيعية تتواجد على أرض الواقع ،وتجمل تضاريس تراب بلد المغرب الأقصى الجميل ،هناك القمر المكتمل المطل علينا كل يوم الرابع عشر من كل شهر ،لأننا ننعم ببلد مشمس لا يكتئب بضباب أو ثلوج...
أبو رقراق وما أروعه من واد ممتد الجنبات ،ساحر الأديم رومانسي بقواربه بزواره بثروته السمكية ،يغمر المكان بهاء وهو متكىء على كتف العدوتين المباركتين الرباط وسلا، يجذب السياح ،ويضمن عيش كثير من المستضعفين المثابرين الكادحين من التجارأو الصيادين ، زاد به الرباط ارتقاء عمرانيا وحضاريا فضلا أنه كان شاهدا على أمجاد حضارية وتاريخية عتيدة ،وهذه جبال الاطلس رموز منيعة شامخة أبية، تتوسط البلد بعزة وأنفة، تلقن الابناء دروسا في الوطنية وحب هذا البلد المتفرد وخاصة الذوذ عنه باستماتة

مقياس الجدة والابتكار:


           
    الجدة تبدو جلية من العنوان ،قمر أحمر اصطبغ بلون غريب عنه، وفي الغرابة إدهاش وجدة، جعله بلونه يلقي من الأعلى دعوة مسؤولة مشحونة بالوطنية والمواطنة والإلحاح على المجابهة ،فوظفت رموزعدة جد مستترة ،و تتابعت الصور ثثمل  القارىء  بجمال صور شاعرية للطبيعة الفاتنة وتضاريسها المذهلة، تقدم سؤالا وجيها للشقراء بنت الثلوج قريبة الدخلاء...
أفي بلدكم قمر أحمر؟  أنى لكم ذلك والضباب ينسيكم وجه الجار؟
نحن بلد القمر البهي المذهل والمساءات الحالمة والجبال المنيعة، لن تستمروا في الحماية الوهمية، نحن نتنفس الحرية ونستنشق الانطلاق ...تصوير ما أشد كثافته وإدهاشه.

مقياس العمق والسطحية:
             

  وظف الشاعر رموزا منتقاة بذكاء وحذق ،ودلالات وازنة ورسائل مضمرة ،كانت آليته القديرة وسبيله الأمثل ليدلي برؤاه الفكرية ومناحيه السياسية والايديولوجية ،فما أعمقه من منحى و ما أوزنه من مسلك لغوي دفين متمكن واعد.
نعم امتطى حرفه الرمز بمقدرة أدبية بليغة لا سطحية  بها ولا إسفاف.

نقد العاطفة:
            

  لا يختلف اثنان أن لشاعرنا الفذ ذي الرؤى القديرة والقيم العتيدة عاطفة صادقة، ومشاعر مرهفة قوية جياشة ،تتقاطر صدقا ورقة وانسيابية، و تتناثر جمالا وفيض عطاء لا ينبض، يكفي أن نتحدث عن قيمه الوطنية الغراء ومدى تفانيه وتعلقه بكل شبر بوطنه، الذي يجري حبه الفياض مع دمائه طليقا حرا.

مقياس القوة والضعف:
              

  ابتداء من العنوان نلمس قوة جامحة تشد المتلقي وتوقعه في حبالها، فأنى للضعف ان يتسرب الى قصيد مذهل خالد متفرد كقصيد القمر الأحمر ؟ كل من قرأه يعيد القراءة ولا يكتفي من الجمال والسحر الآسر، الذي يسكب كؤوسا في الآذان ويصافح القلوب ، كأنه حبق يغمرنا بالشدى كل مرة رغم اليباس، فللمبدع قدرات لغوية هائلة وإمكانات تعبيرية فذة، مكنته من هدي  رموز وإيقاع وانزياحات ، ضمنت لقصيده الغنائي أن يتربع مصاف الانتاجات الخالدة.

الموسيقى الشعرية:
                

  إننا بمجرد أن نلج أجواء قصيد القمر الأحمر نتملى  حد الإنتشاء والطرب بإيقاع ساحر أخاذ آسر، يشد انتباهنا ويثير بنا الإعجاب اللامتناهي بفضل موسيقى بديعة تتقاطر عذوبة وإمتاعا، وتنثر نوتات خالدة ، تغرقنا في متعة فنية غامرة  تعكس عمق الألم لظروف السياسة، واعتزازا مفرطا بالوطن الجميل الساحر، لعل مأتاه مدى تمسك الشاعر بالحياة، ومدى عشقه للأرض ذي الطبيعة الساحرة.
لكل ذاك انتقى عن  قصد البحر المتقارب، لخفته وجماله وهمس تفاعيله الراقصة، ومناسبته للشعر الغنائي خاصة.. .
فعولن فعولن فعولن ...مما مكنه من التصرف في بعض التفعيلات بالحذف، ابتغاء الإثراء بالوزن المتناغم المتوازن . ..
أيضا وظف كلمات متقابلة تشد وتتملك المتلقي، منتقاة بذوق حذق ،اختيرت سهلة ممتنعة منيعة ،لا تقلد رغم سهولتها، تتدفق بانسيابية مذهلة وسحر عبق يرتق شغاف القلب، ويدغدغ مشارفه  ويحقق متعة فنية كبرى ،أيضا مجموعة جمل استفهامية استنكارية لا أجوبة لها ، حتما زادت الموسيقى قوة وجلجلة وتأثيرا يتقاطر عذوبة وإيقاعا، وساهمت بباع كبير في تحقيق الموسيقى بما يمتطيه من انزياحات جد مدهشة.

الانزياح نحو الرمز والخيال:

       المبدع جد متمرس في اللغة ،ضليع في الادب، محنك في اصطياد درر لغة الضاد، لذا أبى في هذا القصيد الأغر إلا أن يتمرد على اللغة العادية، ويخرق معانيها الواقعية، ولا ينشد إلا أن يعب من جرار البهاء ،ويسكب من رحيق الشاعرية والتوهج والألق والتفرد. ..
فكان لزاما عليه أن يبحر في مرفأ الذات، ويحلق بشموخ كنورس طليق بأجنحة من نور، إلى متخيل حالم هامس يناغي الجمال، أنذاك فاض نهر جنونه العنيد، فاغترف جرارا فياضة متدفقة بانزياحات مذهلة، تمتطي صهوة الرمز والتشبيه والاستعارة و كل المحسنات... بفضلها تمددت بسخاء مسحة من جمال ساحر على مساحات القصيد، وإيحاءات مدهشة، ركب عبرها طموحات وعانق أحلاما ثملة ، تبشر بربيع سوسني على جنبات الرقراق ، انزياحات دلالية مغرقة في السحر تماما كما قيل" لغة داخل لغة"
خجول أطل=ألبس القمر صفة إنسانية ما أبعدها عنه، ولونه بالخجل والإحمرار، مما أسعف الشاعر بتقريب المعنى بإضمارذكي ،و إهداء دلالات وتمرير رسائل، تتوسل بدفع كل دخيل مستعمر ،وتحبب بإلحاح مجابهة العدو بعزم لا يبلى..
جفن الدجى =رمز لوضع سياسي مقلق غارق في دياجير ،تدعو لضرورة الحفاظ على الوطن الحبيب..والجفن عيون ... خجولة بدورها... تدعو لنظر سديد ابتغاء دفع كل طامع مستبد .
الرقراق =فيض ماء عبق متدفق يشيد بأمجاد خالدة، وينوه بحضارات عتيدة وحقب زاهية وتاريخ مجيد وأسماء رجالات ،بصموا كل شبر ببسالة وخلود وإباء، من كان بلده على هذا النحو يوضع في بؤبؤ العين ولايثقل...
لايسعنا في غمرة هذا التجلي إلا ان نجد مبدعنا أحد أروع المبدعين، ممن وظفو أحرفهم لخدمة قضاياهم القيمة، فسبحوا في مخيلات مذهلة وترجموا أحاسيس صادقة، فغنموا بإذكاء شرارة العبقرية وسجلوا الخلود بامتياز.

المدخل الاستنباطي:

        أغلب كلمات الشاعر كانت مرآة جد مصقولة تترجم هوسه بهموم الوضع السياسي ... صور ودلالات تترجم أحاسيسه لدفع الخجل والتردد والتراجع، وحب هذا الوطن الجميل حد الهذيان، كل الرموز قوية تدعو لتقوية الحس الوطني ...
هل لديكم قمرأحمر؟

المدخل العقلاني:

           لامجال للشك أن الوضع السياسي الذي كان يعيشه البلد جد محرج ،وكان سببا رئيسيا لما دعا اليه الشاعر بإلحاح ،  كل مغربي حر عليه أن يذوذ عن بلده و يقدر منة الخالق، ولا يفرط في واجبه نحو بلده ،ولا يخجل أبدا أو يتراجع في مجابهة أي طامع دخيل ،لأن بلد المغرب من أجمل البلدان ،حلم جميل معتق اختزله هذا القصيد الخالد.

المدخل السلوكي:

                  لابد أن يستند تحليلي للنص على جدار نقدي علمي قوي، وليتأتى ذلك لابد أن أخضع النص لتحليل يخضع لجمع كل الدلالات الحسية والاعمدة الرمزية بتحليلها وحسابها رقميا، كل ذلك للتحقق من مدى رجاحتها، وتناغمها مع بعضها البعض وانعدام الشك.

التحليل الرقمي:

الحقل الدال على الجمال : رونق1 شقراء1 شدى1 قمر3 يقطر1 حلاوة1 أحور1
الدال على الطبيعة   صخر1عرصات 1موج 1شاطئيه 1رقراق 2جبال 2سفح 1غصون 1 أنجم 1قمر3 ضباب1 أرض مراعي1 ربوات1 صخر1 الندى1
الدال على الوطن:   رقراق 2جبال1 بلدتي1
الدال على اللون     الضياء 1الأحمر2 أخضر1 أسمر1شقراء1
الدال على الزمن    ليل 2 قمر3 أعصر1 الدجى1
الدال على التدين والتصوف   صلاة 1 خشوع 1 معبد1  تسكر1
الدال على الموسيقى  أغنية1  شدا1  ترانيم1  اللحن1 الوتر1 أغنيات1
الدال على العتمة دجى ليالي1 ليل 2ضباب1
الدال على الماء رقراق 2ندى1 أكؤس1 يعب 1خصاب1 مراعي1 أنهر1 أخضر1 يقطر1
وتصل الإستعارات عشرين استعارة،  زائد تشبيهين  22
المجموع 90 يقسم على10 ذاك يؤكد أن النص رصين، والمبدع وطني متفائل محب للحياة معانق للامل ،عاشق للطبيعة، يسكن فؤاده  الوطن ولا يغادر.

المدخل الأخلاقي :
                 
  على مدى مساحات جسد القصيد يتبين أن المبدع التزم بمعايير الجمال الأخلاقي بلسان يصدح بالجمال ،حيث أبدى عن تعلق لامتناه وحب لا يضاهى للمغرب، وبذل قصارى جهده ليؤثر بذلك إيجابا على المتلقي، بحق له قيم وطنية وأخلاقية وازنة و لم يفته أن جعل للمرأة حضورا، لكن لا يخدش حياء ولا يعرف وصفها مجونا.

الخاتمة:
                 
  كان سفرا روحيا قيما بين أفناء قصيد هادف توفرت به كل مقومات الشعر الرصين، فحظى بالخلود، وعد عملا فنيا رائدا، تفتخر به وتزهو المكتبة العربية المغربية.
                                                                                                              ===================== عبدالرحمن الصوفي ==============

قصيدة.........القمر الأحمر...............للشاعر عبد الرفيع الجواهري.

خجولاً أطلَّ وراءَ الجبال
وجفنُ الدجى حولَهُ يسهرُ
ورقراقُ ذاك العظيم على
شاطئيه ارتمى اللحنُ والمزهرُ
وفي موجه يستحمُّ الخلودُ
وفي غوره ترسب الأعصُرُ

*****

خشوعًا أطلَّ كطيف ندٍ
وفي السفح أغنيةٌ تُزهر
تُوَقّعُها رَعَشاتُ الغصونِ
يصلي لها ليلُنا الأسمر
على الربوات استهام العبير
تعرى الجمال شدا الوتر

*****

وشقراءُ من عرصاتِ الضبابِ
يعُبُّ السنا طرفُها الأحور
لقد ظمئت روحُها للضياءِ
وفي بلدتي أكؤسٌ تُسكر
وقلبُها ملَّ ليالي الضبابِ
وفي ليلنا أنجمٌ تُمطر
تسائلني حلوةُ اللفتات
ومن شفتيها الشذى يقطر

*****

أفي مرجكم تولد البسماتُ ؟
أفي ليلكم قمرٌ أحمر ؟
ورقراق موجاته أغنيات
امن سحره تنبع الأنهر؟
وعزةُ هامات هذى الجبال
أفي صخرها يرقد القدر؟
وهذي المراعي الخصاب اللـوحي
في أرضكم معبد أخضر؟
*****

تسائلني حلوة الوجنتين
يسائلني طرفها الأحور
وفي السفح تاه عبير الأماسي
وفي أفقنا يسهر القمر

== ========================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق