المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

محمد نافع ●□■♡♡♥♥♡♡

يوميات من حياة معلم(تابع)6
           وتنطلق السنة الثانية،وانا في سنتي الاولى في قفص الزوجية؛ وصرت جاره،وصفت النفوس، نسينا ما فات وتعاونا من جديد؛ وطفقنا ننشط كل شيء فاحطنا المؤسسة باشجار الاوكالبتوس؛ كما كتبت اسم المؤسسة بخط كوفي كبير، ورسمنا على واجهات الفصول رسوما تربوية او كتبنا حكما هادفة، كان مستوى التلاميذ رفيعا؛حيث كانوا احيانا يحرجوننا ببعض الاسئلة العلمية واللغوية، والجميل هو التنافس بينهم؛فقد كان الواحد منهم يبكي ملء عينيه اذا فاته زميله ولو بنصف نقطة، وحدث يوما،ان جاءتني زميلتي تشكو لي فضول أحد النجباء الذي كان يحرجها بأسئلته حول العواصم والدول واشياء أخرى.
          كما كان جل التلاميذ لا يألون جهدا في التعلم والتحصيل، وكان منهم من يلتهم القصص التهاما،وهو في المستوى الثالث ابتدائي وأكثر من ذلك أنه كان يطلب من جارهم الطالب الجامعي رواياته وقصصه، هذا الى جانب الملاحظات الدقيقة ؛ التي كان يفاجئني بها بين الفينة والاخرى ،
          اما التلميذات فكن اشد تنافسا فيما بينهن من زملائهن،واذكر بعضهن .احداهن ارغمتني على شراء النحو الوافي للاجابة عن سؤالها،مع دفعها للبحث كما سأبحث انا. وأخرى تطلب مني وصفا لموقف فاصوغ لها جملة لم تقتنع بها فغيرتها وغيرتها الى ان اقتنعت وفي نفسها شك وريب. وثالثة كنت كالعادة أبدأ الدرس بسؤال: من يذكرنا بالدرس الماضي فكانت تقوم وبثقة كبيرة تعيد الدرس كما شرحته لا كما هو مكتوب في الملخص. وإذا بقيت أسرد الوقائع والأحداث فلن افرغ منها وقد يتطلب ذلك مؤلفا بآلاف الصفحات.
      كان من بين انشطتنا التعاونية الرحلات،وهذه من حسنات المدير الجديد التي قد تغطي على خرجاته الجنبية شيئا ما؛رحلتان في السنة،فيها يكسر حاجز الخوف وتظهر طينة التلميذ الحقيقية،ففي مراكش مثلا وبأوريكا تجدهم يختارون المكان وقد افترشوا ووضعوا اطعمتهم والتفوا حولها في جو بهيج؛وانا اراقبهم يسارعون لاعطائي مما يأكلون،فآخذ او أعتذر، وفي جامع الفنا ياخذ كل معلم فرقته يطوف بها لبعض الوقت ولشراء (الباروك) .وعند العودة والتي غالبا ماتكون حوالي العاشرة ليلا نجد الاباء والامهات ومن كان بعيدا استضيفه.
          وخلال السنة الثالثة،انطلقنا كالمعتاد؛وبدأنا نخطط لتوسعة الساحة التي كانت بها نافورة، اصابها البلى،والاندثار؛كما كانت هناك دوحة تزعج اللاعبين؛فآثرنا اقتلاعها رويدا رويدا فكنا بعد خروج التلاميذ نفروعها من الاعلى ونجرها لعبة تجعلنا نسقط حين ينقطع الحبل،وهكذا مع اصرارنا ومثابرتنا الى أن سويناها مع الارض، فاسحين المجال لتهيئة الملعب،الذي حددناه؛ وجئنا له باعمدة المرمى؛ كان الملعب تربة رقيقة تنقلها الرياح لتغطي بها الممر المزين للحجرات القديمة؛ فارتأينا أن نغرس شتلات البوسكوس على طول الحجرات علها تمنع وصول الغبار لها وكذلك كان، والجميل اننا أشركنا التلاميذ في شراء الشتلات، كما بنينا احواضا امام كل حجرة وغرسناها بما كنا نأخذه من حديقة البلدية تخفيفا لا اقتلاعا؛ وهكذا استطعنا الباس المؤسسة حلة قشيبة.
         وأعود للمدير ؛فرغم كل ما نقوم به لايجد عنده استحسانا؛ فيطلب مني إدخال عداد كهربي، مما اضطرني الى-طلع هبط للنيابة لتعبئة الترخيص لابأس؛وأسس جمعية الآباء ليجعلها اداة وسوطا لضربنا،لكن تعبئة السكان الذين كان يحتقرهم ويتعامل معهم بجفاء حتى ان احدهم جاء من البادية يريد شهادة مدرسية لابنه،وهو لايعرفه؛ سأل عنه فقيل له ذاك هو؛قال:"مناقص منو ومن الشهادة" وانصرف .
      بفضل تلك الجمعية؛صبغنا المؤسسة وربطنا المطعم والسكنيات بالماء الشروب؛وأقمنا بعض الانشطة بالمناسبات الوطنية كعيد المسيرة وعيد العرش.
بقلم/محمد مبارك نافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق