المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 29 سبتمبر 2018

يوميات من حياة معلم(تابع)4
         زميلنا المعلم لم يكن عاديا ؛لقد استطاع اكمال التدريس كاستاذ بالاعدادي ،وقد خبرته يوما من خلال مؤلف مقارنة بين الفرابي وارسطو ان لم تخني الذاكرة ،فتحت الكتاب من النصف فكنت اقول له:قال ارسطو .....................فيرد علي قال الفرابي................... .ذاكرة قوية حفظها الله له . وكان معه معلم عرضي ،يتنقل بسيارة -سيمكا ميل-وهو ذو شخصية قوية .
         كان المعلمون يفضلون تدريس المستويات الصغرى وخاصة المعلمات ؛فقلما تجدهن بالمتوسط الثاني ؛ لا لشيء الا لأن التلاميذ كانوا كبارا يصعب ضبطهم . وكان لي الشرف ان درست تلاميذ الفصل الخامس (الشهادة) وكان المدير في مهمة فتأخرنا في الاستراحة؛ وكنت انا المكلف ساعتها ؛وانا في الساحة بين التلاميذ ؛والمدرسة بدون سور فلاحت لي سيارته قادمة فصفقت ايذانا بالعودة للفصل لكن المدير سجل التأخير فأرسل الي استفسارا اجبت عنه بأني لا امتلك ساعة . أخرجت التلاميذ لحصة التربية البدنية والتي كان التلاميذ يهوونها ؛وانا اسوي الصفوف،إذا بالمدير والحارس يقصداني وابتسامة عريضة تعلو وجهه كأنما جاء يعتذر مني رغم أنني أنا المخطئ. هذه الحركة لم يفعلها مع احد الزملاء الذي أساء معه الأدب، حسب ما سمعت والعهدة على الراوي، فكتب به وعاد اليه مساء بانتقال تأديبي ليكمل السنة باحدى مدارس امزاب،
            نظمت النيابة آنذاك مسابقة في الاناشيد تغريدا وانشادا وحصلت على الرتبة السادسة من بين ازيد من مائة مدرسة ،وجاءني المدير بنسخة من شريطنا بعد نسخه .
            مات صهر المدير،وكان أحد اعلام الدار البيضاء في العلوم الشرعية؛وبأمره اغلقنا المؤسسة والتحقنا به؛واسيناه ؛وشربنا كوب شاي هيأه لنا حارس المؤسسة رحمة الله عليه مازالت نكهته الى اليوم بلساني، وعدنا لنستأنف العمل صباح اليوم الموالي .
         ابناء وبنات المدير تعلموا عندنا بالمؤسسة من غير تكبر او تعال يجري عليهم مايجري على الاخرين؛فمنهم اليوم الطبيبة والصيدلانية والمهندس؛وقد أولمنا عند نجاحهم فكانت نعم المأدبة .
         مازلت اذكر تلاميذ تلك السنة،واذكر على الخصوص فاجعة رسوب أحد تلاميذي من اجل نصف نقطة؛واذكر ان أغلبهم الآن أمنوا حياتهم بشكل او بآخر .
          كنت بين الفينة والاخرى، آخذ معي زميلي المؤقت لمسقط رأسي لقضاء امسية هناك، وخاصة ببعض المناسبات الفلاحية كرأس السنة الفلاحية حيث كانت الوالدة رحمها الله تذبح لنا ديكا روميا ؛لتمتعنا به وهي تقول لنا :-كولو وشبعو راه اللي ماشبعش اليوم عمرو مايشبع -فكنا نتنافس لتقض مضاجعنا الكوابيس والاحلام المخيفة.وكانت  الامطار تفاجئنا فنضطر لركوب بغل يوصلنا برشيد ومن هنا نركب سيارة الاجرة لنبيت بالمؤسسة .
            وفي السنة الثالثة ؛ سينتقل المدير ليحل محله مدير آخر ابن بلدتي؛وفي سنتيه التي قضاها معنا كانت المؤسسة لاتستقبل الا المعلمات تخفيفا عليهن وتيسيرا عليهن في التنقل ، فمنهن من كن يتنقلن من البيضاء او من برشيد وكانت احدى الزميلات تأتي من الحي المحمدي ؛ كانت تقضي ساعة وزيادة من مقر سكناها ل(كراج علال) وعشرين دقيقة منه لمقر العمل .هذه المعلمة ابنة الحي المحمدي كانت كلما حز بها امر أو احست بالتعب تردد على مسامعنا -سير آقاسم الله  يقصم لك الظهر -فكنا نظن انه أحد أقاربها او او لتفاجئنا إنه قاسم أمين محرر المرأة ؛ لولاه لكنت الآن في بيتي يصرف علي وعلى أبنائي في مملكتي.
بقلم/محمد مباركنافع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق