المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأحد، 3 نوفمبر 2019

بقلم : أحمد علي صدقي

الطابور الأحمق
تخطى طابور المنتظرين واتجه مباشرة إلى الشباك، ثم طلب ورقة سفر. همهم البعض وتلفظ الآخرون:
-ارجع وراء يا هذا. وخذ مكانك في الطابور. فكلنا هنا نصطف لأخذ تذكرة سفر.
أحس بالإهانة. تصاغر أمام الجميع ورجع القهقرى. وقف في آخر الطابور بقرب أحد الشبان ذو تصفيفة شعر فاتنة. كان منهمكا في قراءة صحيفة يظهر من عنوانها أنها مخصصة للشباب.. نظر إلى الرجل الذي وقف قربه نظرة حسيرة وقال:
- ارجع وراء حتى لا تلوثني فقد فاحت منك رائحة لا أطيقها.. حط هذا حقيبته وأمعن النظر في كوستاره الأسود الأنيق يتفحصه. قال له الشاب وقد سد أنفه بين السبابة والإبهام تهكما:
- اظنك إما أخشم أو تتجاهل رائحتك.. التفت الجميع نحو الرجل ثم سدوا أنوفهم.. لم يفهم الرجل شيئا مما يقع. نظر الى كوستاره الأسود الأنيق ثم رسم بيديه و بتقاسيم وجهه لوحة على الهواء اختصر فيها الكلام وأشاربها للجميع أنه لم يفهم شيئا من هذا الموقف المحرج.. ضحك الجميع، وأكثرهم انفجر بالضحك مع الحشد وهو لا يفهم ما وقع.. قال الشاب:
- يا عمي، أنت أنيق المظهر نقي الثياب فاترك هذا الجانب وابحث عن الخلل في محل آخر. نظر الرجل الأنيق المظهر الى الشاب ثم قال له:
اظنك تمزح وهذا شيء لا أحبذه من مهين مثلك. قال الشاب:
- ألا زلت لم تدرك محل الخلل؟ أوضح لك: إذا كان الناس في طابور ينتظرون دورهم وأتى أحد وتخطى الجميع وطلب تذكرة، فما هي الرائحة التي يمكنها إن تفوح منه؟ قطب الرجل وجهه ثم انتفخ أمام الجميع وقال:
- لو كان المطار قريبا لاتخذت الطائرة وما وقفت في طابور اصطف فيه حماق أمثالكم. ضحك الجميع وقال الشاب:
- الآن قد أوجبت علي بكلامك هذا أن أعلل للطابور الأحمق موقفي وأن أوضح للجميع من اين تفوح رائحتك. يا سيدي أظنك تركت شوكة التكبر تنمو فيك فخدشت شخصك وكبرت خدوشها وتعفنت فلم تعد تشعر أنت بما تفوح به من نتانة بين من تحتقرهم من الناس.. رائحة التكبر فيك تزكم الأنوف و أنا أكره هذه الرائحة.. رائحة العقول الملوثة.
هم الرجل الانيق بمغادرة المكان. رمق الشاب بنظرة عدائية ثم قال:
- لن تنفعني مع أوغاد أمثالكم إلا السلطة.. تفقد حقيبته.. لم يجدها.. ازداد عصبية فانصرف...
ضج المكان وراءه بالضحك، ونطق الشاب متهكما:
- لا تبتئس سيدي فحقيبتكم غادرت هذا الطابور الأحمق.. بعد أن ملت كلامكم له وسافرت لوحدها من دونكم...
احمد علي صدقي.
السبت 02/11/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق