المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأحد، 10 نوفمبر 2019

وجهة نظر / مقالة بقلم : حسين الباز / المغرب

41/ إشكالية التجنيس الأدبي ما بين انغلاق النقد وانفتاح السرد/ مقالة

مع تجاوز الحداثة لكل معايير مسبقة للكتابة السردية، وأصبح الحرف هو الذي يكتب صاحبه ويختار النمط الذي يكتب فيه، وبعدما صار هم الكاتب هو نقل أفكاره ومشاعره دونما أدنى اهتمام لاختيار النمط / الصنف الذي سيلتزم فيه بشروطه وهو لا يحضر فترة الكتابة لا راقبا/ناقدا ولا قارئا/ متجاهلا لأفكاره، لاغيا لها، فتصبح غثاء بين قراءات وتأويلات.

- المبدع حالة خاصة، والمتلقي حالة عامة:
فكيف لقارئ عادي كيفما كان نوعه سواء أكان متعمقا أم سطحيا تأويل نصوص كاتب من خلال منهج واحد معين؟
- مع خوصصة المدارس النقدية وانغلاقها على نفسها باختيارها النص الذي يستفز فقط دعم نظريتها،
أولا، لم تتعرض نصوص قيمة للإهمال؟
-كيف الخروج من مأزق النقد المفبرك لينظر إلى النصوص على أنها قيمة فنية وجب الغوص فيها بشتى الطرق والنظريات، فيكون النقد حرا ؟

.. ينظر إلى المنتوج الأدبي الفني في سوق الثقافة بعد عرضه في سوق الكتاب من طرف المتلقي كقطع غيار لا يشتريه إن لم يجد فيه جدوى تحريك سيارة إسعافه الشعورية لو كان قارئا عاديا، أو الفكرية لو كان قارئا جيدا ، بنظرة استعلاء لا بنظرة إعجاب ، بنظرة نرجسية لإشباع الرغبة الميولية أو المعرفية لا بنظرة فضول للكتاب ومبدعه للتعرف على مشاعره وأفكاره، فتجد أتباع الجاحظ يبحثون في المنتج عن فنون اللغة والبيان والفصاحة واختيار الألفاظ الأنيقة ، ومن ثم صنفه وشروطه كالايجاز والخوض في الموضوع مباشرة دون لف ولا دوران ، ويبحث أتباع الجرجاني في العمل الأدبي عن النظم وتنسيق دلالة الألفاظ وتلاقي معانيها بما تقوم عليه من معاني النحو الموضوعة في أماكنها على النمط المعهود به في علم النحو، وما يلزم من ترتيب المعاني من قضايا التقديم والتأخير والفصل والاضمار والاستفهام والنفي والحرف والتعريف والتنكير وغيرها من مباحث علم المعاني ، فأنى يحرك عمل غير مقيد قلم مدارس شكلانية؟ وأما أتباع النقد الصوفي حتى بعد تجاوزهم للشكل تجدهم ينقبون بين الأسطر عن اللانص وما وراء الخطاب لما يروم منهجهم التحليلي الذي يستقي أسسه من مختلف المعارف والعلوم الصوفية، فهل يستوجب على الكاتب استحضار مدرسة معينة أثناء المخاض الإبداعي  لفتح شهيتها على قراءته؟ سيكون إذن كمؤلف تحت الطلب، ليصير بعدها عضوا مؤطرا يساعد بكتاباته في دعم فرقة نقدية معينة ، ناهيك عن أتباع كانط الباحثة في النصوص عن الجانب الأخلاقي والضمير الإنساني وفلسفة الجمال والغائية، ودور العقل في التحكم في الكتابة التجريبية بطريقة السببية ، وهل الموضوع سيؤول سببا أم نتيجة؟ وأتباع رولان بارت ووجهة التعامل مع النصوص وكأنها مستودع للدلالات الموضوعية كمنتوج ولكن ما أن ينظر إليها كإنتاج حتى يصبح مفهوم الدلالة غير ملائم ، لهذا فهم ينظرون النصوص باعتبارها فضاءا متعدد المعاني ، ومن ثم كسر شرعية الدلالة من الوحدة ونزعها من المؤلف/ قتله وإحياء نصه لمنح شرعيتها للقارئ باتجاه تعديدها في وحدات ، والدلالات هي رسالات المؤلف المتوخاة لتقديمها للقارئ لمعرفة أفكاره ومشاعره وتجاربه ورؤاه وفلسفته بعين مبدع غير عادي ، استثنائي، منفرد ، فنان ، موهوب ، حكيم ، يجوب الشوارع ليقتنص اللحظات والأمكنة بعين المتربص لخطها على ورق، لتوثيقها ، بينما القارئ غافلا عنها بملاهي الحياة، وقد يكون المؤلف شعلة صحو يخمد فتيلها بإخماد فكره رويدا رويدا، وجره للتلف بين تآويل القراء، كل ومواله، كل ومذهبه ، وحزبه ، وحياته الخاصة به لتأ ويلها، ولكن حينما يقترب قارئ لنص مبدع ما ، عليه بالاغتسال من كل رواسب النظريات للغوص في معرفته كتحفة نادرة ،  وبالاستئذان بالدخول  لقراءته دون سبق قيد أو شرط، لأن عصر اختلاء المبدع مع نفسه قد ولى ، وهذا هو عصر الإبداع وسط الضجيج.

حسين الباز / المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق