المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الجمعة، 3 يناير 2020

قراءة نقدية / بقلم : بوبكر حفصي

قراءة نقدية :  لقد ٠٠ مات الحفار !
بقلم الاستاذ : Boubakr Hafsi
قراءة رائعة للناقد المقتدر بوبكر حفصي فكك فيها رموز النص وفتح مستغلقاته برؤيته النقدية الثاقبة وتصوراته الفلسفية الخاصة ، شكري استاذي لقد جعلتني أنظر ما كتبت بمنظور آخر .
------------------القراءة -------------------------------
كثيرة هي الأشياء التي تتعايش معنا ولا نوليها الأهمية التي تستحقها من تناول إبداعي ، وأن تحتل مكانة في اختيارات المبدع من حيث هي موضوع بحث لا يقل متعة وإثارة هذه المرة يضعنا Salah Hachcham
في مواجهة الحفار :
الحفار بما له من ثقل دلالي يخبرنا بنهاية الحفار ،وأية نهاية لما تثيره فينا من انقلاب للمشهد ، إذ كيف لمن مارس النبش والحفر والردم لزمن طويل أن يكون هو نفسه من ستمارس عليه نفس الأساليب!
تتراكض الاحتمالات وتتعمق الدهشة ، ونحن نتلقى الخبر . يدخل مبدعنا في مطاردة الإشارات والدلالات العاكسة للحظة تقبل الخبر
ليجف الريق ،ويتلاشى البريق ، ويضعنا في مواجهة أخطر الأسئلة وأقربها إلى الذهن
كيف مات الحفار ؟
وهو الذي خلناه لا يصلح للموت وقد نتمادى في المبالغة وتقدير الأسماء والصفات ،السؤال الاستفزاري يسرع من نبضك ومن نسق السياق والبناء النصي لندخل ومبدعنا في لعبة تساقط الفرضيات :
أهو وهم أم هم تحمله بين ضلوعك ؟
لا يقف عند دهشة النفس، وبريق العين المختفي لينزل بنا الكاتب صلاح هشام درجات السلم درجة ، لنتحسس وإياه الأطراف نأخذ نفسا لمواجهة الهلع ونحن في حالة نزول وصعود لا ينتهي لا خلاص منه إلا بالفرار من كابوس الحقائق ومحاولة التنصل من صرخات الذاكرة !
لا حل إلا بتغيير أرشيفها هو وحده الضامن للاستمرار في مواجهة مطاردات وإلحاحات السؤال.
تتسارع الاستدراجات كاساليب وتقنيات يتبعها مبدعنا لممارسة سلطة الحكي ، وشد انتباه المتلقي.
الإجابة تأتيك في ضوء القمر، قد تعتقد إلى حين كونها الحقيقة والحقيقة قد تتحول بدورها إلى وهم حينما نبالغ في الوثوق بها تحاصرك الحمى والهذيان المحموم، يضعك في مواجهة الأنت تواجه خطر الاعترافات ،أنت أمام شمس العالم: شمس داخلك وكأن الشمس التي نلمحها ليست إلا ظاهرة فيزيائية لا غير والشمس الحقيقية هي تلك التي تستوطن أعماقنا،هي حالة المكاشفة والمصالحة والعري التام ونحن نقف أمام المرآة بلا تزييفات ولا أدنى رتوش كما نحن، حيث تغيب الألوان والمساحيق أن تتوقف عن أي محاولة تجمل
لا زرقة بحر لا أرض لا سماء لا هدير أمواج لا صخب لا ضجيج .
أنت فقط من أجل مهمة وحيدة في مواجهة لسؤال يطاردك كظلك:
من قتل الحفار ؟
فمن سيدفن موتانا إذا مات الحفار ؟
هل نحن أمام موت جماعي محقق؟هل نحن أمام انتحار كوني كدعوة شوبنهاور في مثل هذا التورط الجماعي!!!! ؟؟؟
أنت وحدك من ستنفذ مهمة الحفر ومن ستلقي بنفسك إذ لا خيارات أمامك تتهاوى كل احتمالات التراجع عن لعب نفس دور الحفار ففي غيابه كلنا حفارون إذ يستنجد مبدعنا بخليل حاوي: 
عمق الحفرة يا حفار!
عمقها لقاع القرار!
يتوسل Salah Hachcham بكل شئ من أجل اختلاق نص يعج بالرموز وبالإحالات والاستعارات والاقتباسات.نص وجودي ليتعداه إلى ما هو معاش ولحظي في زمن تناسلت فيه الرداءة وغزت واكتسحت رياح الدمار كل شيء
البحث عن الخلاص  أمام فرضية موت الحفار محاولة فاشلة بالأساس.
قد تحشر مع أطفال السياب تسعى جاهدا للخروج من أنقاض السؤال الذي انهال عليك فجأة وكدس من فوقك ركاما كثيرا غطتك الأتربة وحجبت عنك ضوء آلشمس،عليك أن تستحضر نشيد المطر  نشيد الأطفال الأبدي
تتواتر الأسئلة وكل سؤال يفضي بك إلى إجابات لا تقل خطورة!
نص متاهة لا يقرأ إلا بانفعال وتوتر كبيرين!
---------------------------------------------------------
خاطرة : لقد  مات الحفار!
بقلم الأستاذ صالح هشام !
يجف ريقك ، يتلاشى بريقك  ، يتحجر سؤال عريض ٠٠٠ غليظ  على شفتيك :
-كيف مات الحفار ؟
يتكوم  السؤال على نفسه أمام عينيك ، تحار في أمره أهو وهم أم هم تحمله بين ضلوعك  ؟
  تتكور الإجابة  على نفسها ، تنغلق ذاكرتك  ، تسود  سراديبها ، يغبر أرشيفها ،  ويمحى ما علق على جدارها ، تستعصي عليك الإجابة   فتضيع في متاهات السؤال من جديد  :
  تفرك قبضتيك ،تأخذ نفسا عميقا ٠٠ تسترخي ، تعيد  التنفس عميقا ، تغمض عينيك ، تقطع حبل صلتك بواقعك!
تأتيك الإجابة ، في ضوء القمر ، تخبو وتضيء وتتلاشى تماما ٠٠يحضنك  هذيان محموم  من جديد !
تغمض عينيك  : إنك أمام شمس العالم ، شمس في  قلبك  :
لا  زرقة بحر ، لا  مستقرا ومثوى ، لا هدير أمواج  ! تتصورها في قلبك  ، في  جوارحك ، في كل خلية من خلايا ك ، دماغك يصيبه الاهتراء والصدأ ،  تبحث فيه  عن  حقيقة ضائعة في نفسك :
-من قتل الحفار ؟
  عالمك مثخن بالجراح  ، شمسك تغرب في قلبك ، يأتيك همس عبد الرفيع الجواهري :
غربت شمس العالم في القلب !
فاحفر قبرك ، مات  الحفار !
تتساءل :
- فمن سيدفن موتانا إذا مات الحفار ؟ 
  -احفر قبرك،  احمل نفسك، ادفن نفسك  بنفسك،  فقد مات الحفار !
عمق حفرتك، عمقها لقاع القرار ، يجيبك خليل حاوي:
عمق الحفرة يا حفار !
عمقها  لقاع  القرار !
حقيقة موت الحفار نجمة ، بقايا نجمة ، شظايا نجمة ، مدفونة خلف المدار ، و أنت مكسور الجناح ، لا حول لك  !
لا تأسف ، ربما موت الحفار نهاية العالم ، نهاية الحفر ، لا قبور ، جثتك أولى بها النسور ، حقيقة  عالم محموم  :
تخرج من قوقعة نفسك ، تبحث عن خلاص مستحيل تحشر نفسك في جموع أطفال السياب ،  تتلمس فيهم براءة طفولة  تنشد غيثا ، تنشد حياة ، لا تشعر  بموت الحفار ، تجهل  يوما قادما ستحفر حفرة قبرها بنفسها ٠٠
تند س  في جموعهم  ، تشعر  بالراحة والارتياح ،تنشد نشيدهم ، نشيدا فيه حياة ، فيه أمل  :
يا مطرا يا شاشا !
خبر بنات الباشا !
يا مطرا من ذهب !
تكتشف جمال حقيقة  عالمك المجنون، في جمال مطر من ذهب يسقي البهيمة ويحيي الحقل ، يصون جمال الجمال في نفس إنسان ضائع ، هائم  ، يبحث عن الحياة  :
رقصا على الضباب !
قبضا على السراب!
تشعر  بإنسانيتك ، معذبة ، لاتجني إلا العذاب ، تريد الخلاص من وهمك  ، من  همك  ، تحتمي  بالأطفال تمسح   خيبتك  بأسمالهم٠٠ تطلب السقيى، تطلب قتل  ( الوهم / الهم ) في نفسك  الضائعة ، تبحث  عن حقيقة إنسانيتك  ، في نشيد الأطفال  ،علك  تجمع شتات  نفسك  ، المتشظية من  عذاب السؤال :
آشتى تاتا... تاتا! 
آوليدات الحراثة !
يا ربي اعطينا الشتا !
تقاوم  صراخك  المكتوم   ، وتبحر بعيدا  مع الملاحين ، يروقك هدير الموج ، وقعقعة الرعود ، وبريق البرق ،وتنتشي بصياح نوارس البحر ممزوجا بملوحة رضابه ، برذاذه الناعم  ، بحر ممتد إلى ما لا نهاية  ،  تهبط وتعلو  مع  الموج ، تنسى ، همك ووهمك  :  لحظة زئبقية ،  تسلم ..تستسلم .. ترضخ ، لحقيقة  وهم الحقيقة ،لحقيقة هم الحقيقة !
تترك نفسك تنساب في جداول الزمن ، علك تعثر على إجابة شافية  لسؤال  تحجر على شفتيك حتى أصابهما التشقق:
-من قتل الحفار ؟ من سيدفن موتانا  ؟
هل في جمجمة قديمة طواها النسيان ؟ ، هل في كتاب مصفر مهتريء ؟ هل   في مكتبة الموتى ، هل  في شظايا جسم طفل بريء غذرت به  قذيفة غادرة طائشة ؟
  لن  ترتاح ، و لن تريح نفسك وغيرك من حر السؤال !
قد  ينبلج الفجر  يوما  في نفسك  ، وتشرق شمس قلبك  ٠٠  لكن  احفر حفرتك ، فقد مات الحفار ، فلا دافن ولا مدفون بعد اليوم ، نفسك  تملكها منك شر لا مفر منه ،  فنفسك  رعيتك ، وأنت  راع مسؤول عن رعيتك  !
بقلم الاستاذ : صالح هشام
--السبت 9 نونبر 2016 --

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق