المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 18 يناير 2020

بقلم : سامية البحيري / تونس ( القصيدة المكروسكوبية ( الشاعر عبدالجبار الفياض / العراق ) .

النهار المفقود والواقع المثقوب
القصيدة المكروسكوبية /المجهرية
Le poème microscopique
عبد الجبار الفياض يضع اللبنات الأولى  ويؤسس لمدرسة جديدة.

سامية البحري / تونس
     __________
تصدير :
وهكذا الشاعر حين يكتب القصيدة
فلا يراها بالخلود تنبض
سيهدم الذي بنى، يقوض
أحجارها ثم يمل الصمت والسكونا
وحين تأتي فكرة جديدة
يسحبها مثل دثار يحجب العيونا
فلا ترى إن شاء أن يكونا
فليهدم الماضي، فالأشياء ليس تنهض
إلا على رمادها المحترق
منتثرا في الأفق
وتولد القصيدة
بدر شاكر السياب /القصيدة والعنقاء
__________   
  مدخل :
لا شيء يولد من فراغ ..
حتى الفراغ يخرج من رحم فراغ أوسع منه
أما القصيدة فتولد من عمق ذاكرة مدججة بأصوات نسمعها وأخرى ابتلعها الأنين . .
وعندما يكون النهار مفقودا ..والواقع مثقوبا ..وراء حجاب العتمة  ..
ثمة احتمالات عدة للتسرب من أي ثقب شئنا ..فكل ثقب يؤدي إلى عالم القصيدة ..!!
*لحظة التسرب في واقع مثقوب  كأنه الجمل يخرج من عين إبرة :   
بروح مشروخة نلج هذا النص الممزوج بمرارة في طعم الحنظل
نرصد عالمه العجيب. ..
وقد نسجه صاحبه بأدوات التقط تفاصيلها من وجه نهار لم يأت. .
أو توارى خلف تلك الوجوه التي سلخها الوجع كما تسلخ الشاة بعد ذبحها ..
وهل يعنى  الشاة سلخها بعد أن ترجلت المدية على رقبتها تقطع منها الودج ؟؟
وما أكثر تلك المدى وهي تقطف الرؤوس ..!!
رؤوس قد أينعت،وحان قطافها..
نظرية خبيثة أسسها الحجاج بن يوسف ذات تاريخ أسود..
طوى الردى الحجاج ...وتناسلت تلك النظرية في تلك النفوس المتعطشة للدم ..!!
التاريخ ...؟؟
له وجوه عديدة ..!!
كل وجه فيه الف ثقب ..كل ثقب ..تخرج منه أفعى تشرب الرحيق من عيون الورد..
والقصيدة بندقية في فوهتها كاميرا بكل الأبعاد تلتقط التفاصيل الصغيرة والجزيئات المكروسكوبية المقبورة  في هذا الواقع المتعفن...
هذا الواقع الذي غدا مجموعة من البرك الآسنة في كل بركة يرتع الذباب ..ويحتفل البعوض ..
ويتغذى على أرواح نفوس مقهورة ..مدحورة. . تكالب عليها الأوغاد من كل صوب وحدب..!! 
عالم من الاضداد تمشي جنبا إلى جنب. .أضداد مالها وجه يقرأ. .
نهار بساق مبتورة ..
يبحث عن لونه في رماد موت
أكل الناس والحجارة
سحب ملعونة تحجب آفاق تشرين
الصدور مقابر جماعية. .
الموت ارقام على أرصفة الرفض
والسنوات عجاف..عجاف..
والافواه المستأجرة تعوي كذئاب مسعورة تصنع باطلا وتقبر عدلا في محكمة على عينيها غشاوة   
حتى حنين خرج منها بلا خف     وأبو رغال بصك براءة ..
كل هذا لأن للقاضي باب خلفي !!  
ومتى كان للقاضي باب خلفي ..سقطت كل المعادلات الممكنة لخلق نظام يشد نسيج المجتمع بعضه إلى بعض
تهاوت المدنية ..والقوانين ..والقيم ..
والمبادئ...!!
وتسرب نظام الغاب من نفس الباب الخلفي للقاضي..!!
وعندما تسقط المنظومة القضائية وتعاقر الفساد في كؤوس سوداء
نديمها القهر والظلم والفساد
تسقط كل المنظومات الأخرى. .
لا خير في دولة بلا قضاء عادل
لا خير في وطن بلا قضاء عادل
لا خير في أمة بلا قضاء عادل  
ولا خير في كائن بأصغريه ..قلبه ولسانه وسلاحه عقله ..في أحسن تقويم ولد..ثم بعث ..
لا خير فيه إن لم يقوض هذا العالم
ولا يمد يده متسولا. .بل يصنع بيديه الرغيف ...!!
ويهدم كل تلك الصفقات التاريخية المشبوهة. .تلك التي خلفها أولائك الذين صنعوا فتنة الكرسي منذ أحداث السقيفة ..حتى كذبة ظل الله في الأرض. ..!!
  عندها يصبح الخبز أشرف المناضلين !!
وهي نظرية في الصميم ..لا غبار عليها ..
ثمة بطون جائعة..وثمة عقول مشتعلة ..
وعندما يلتقي الجوع بالنار تشتعل الأرصفة والشوارع والميادين
أجل الثورة الحقيقية التي لا تعرف الخوف ولا تهاب الرصاص يصنعها الجائعون...
في وطن الذهب الأسود. .في وطن تنهب فيه الثورات ..
في وطن عميق ..عميق..
ودولة عميقة...عميقة...علموا الفصول الأربعة أن تسرق 
والفجر الصادق أن يكذب
و الهرة تأكل صغارها وتموء
لا شفقة عليهم ..بل جوعا وقهرا
أفعال يخر لها الشيطان ويسجد
ويتمنى لو كان واحدا منهم..
وعندما يحزن الشيطان ويسجد فاعلم أنه ثمة تبادل أدوار وخبرات
وثمة انسان قد قبر في صميم انسان ..
وثمة وحش خرافي قد مزق كتب الخرافة وخرج يضرب في الأرض شرقا وغربا ..
رأسه في الغرب ..وأذنابه في الشرق.. 
وكلما قطعت له ذنبا تناسل من جديد ..!!
وكلما هرم له رأس ألقى به في مزابل التاريخ . .ونبت آخر أشد قبحا ..!!
فهل يكون كل ما يحدث وما حدث هو بداية الصعود إلى قمة الهبوط؟
كما تنبأت القصيدة؟ ؟
وكيف تكون هذه المفارقة العجيبة
بين مكونات معجمية تمشي في اتجاهات معاكسة بين لحظات؟ مفارقة :
بداية الصعود # قمة الهبوط
وهي معادلة تبطن وتظهر في آن
وما ظهر أنه السقوط المدوي الذي يكون نهاية حتمية لكل فعل يتأسس على الشر ..
وما بطن قد يكون رؤية استشرافية نحو موقف تبشيري ..يرى أن كل فعل شر قد يبلغ الذروة فينقلب إلى ضده ..لتخرج منه منظومة جديدة تبشر بالخير. .   
تنهل من تمثلات فيزيائية حول حقائق علمية قد تحدث بين الأرض والسماء
كما الهواء الساخن كلما ارتفع في شكل بخار تكسر بفعل الموجات الباردة وتحول إلى قطرات ماء
تخصب الأرض والإنسان والحيوان
..........
لكن الفعل الفيزياء أشد نبلا وأبعد في الإنسانية. ...
فذاك الماء رواء لأرض يقتلها الظمأ
وهذه الأرض بحكم  قانون الجاذبية تتعايش في سلام مع بقية الكواكب
ولاسيما مع كوكب أشد خطرا عليها وهو الشمس
التي تدير ظهرها إليه في خفر
تخشى إن منحته وجهها يحترق
فيكون الوبال العظيم . ..!!
لعمري إن الكواكب والجماد وكل الظواهر الكونية من حجر وشجر وجبال وبحار ووديان ..
كلها أشد سلما وأمانا من هذا الإنسان الذي خلق من طين ..
ونفخ فيه الروح ..وإليه يعود ..
هذا الإنسان الذي ارتدى جلباب إبليس. .
إبليس الذي توعد هذا المخلوق ..
ورفض أن يسجد له..
وأعلن ضده  حربا تأتي على الأخضر واليابس ..
هاهو اليوم يعلن براءته أمام هول ما رآه من فعل ابن آدم. .
كما يعلن هزيمته ..ويتمنى أن يكون واحدا منهم..
وعندما يعلن الشيطان هزيمته ثمة كائن خطير يولد في مستنقعات السياسة . ..
كائن مجهري..خطير . .خطير..
شديد الأذية والبلاء ..
وقد قالها رب الحكمة  المتنبي عاشق الضاد ذات قصيدة عصماء..عندما تنبأ بأحوال هذا الإنسان واوجاعه
لا تحقرن صغيرا في مخاصمة
إن البعوضة تدمي مقلة الأسد
وكم من بعوض فتك بالملايين
وكم من فيل سقط تمتصه جحافل من الذباب والدود..
إنها القصيدة المكروسكوبية! !
بكل ضوابطها وقوانينها ..
القصيدة الجديدة ..التي يؤسس لها الشاعر عبد الجبار الفياض
تلك القصيدة التي تكتسب قدرة على التقاط تلك التفاصيل الدقيقة
وتصور الكائنات المجهرية التي لا تراها العين المجردة
وهي قصيدة العيون المتعددة ..تلك العيون بلا جفون..لا تهدأ. .ولا تنام ..
تتحدث بمفردات أخرى . .
خارج النظام المعجمي والبلاغي المألوف. .
تتلون في كل حين. .
ترينا السواد الأعظم في مواضعه
وترسم دربا أخضر لوطن ما عاد أخضر. .مذ تكالبت عليه الضباع والذئاب والكلاب المأجورة ..
وتتحدى في خطاب صريح ..وفي صوت مدجج بالوجع
أيها الصانعون من الظلام توابيت بلا ارقام
مقابر محمولة على سيارات ذات هلال
دعوا الطير لأعشاشها تعود...
وهل تعود الطير ؟؟
بعد أن سلخوا جلدها..فأضحت مسخا..تمشي مكبة على عوراتها..
حتى عباءة الليل لا تستر عورة!!
والنهار بساق مبتورة ..
قد طلق شمسه ..فأطلقها تسعى إلى حين. ..!!       
قف عند ما أرادته بقعة حمراء
تخضر وطنا من غير قيد ..!!
جمالية رهيبة ..!!
جمالية تنهل من عمق وأعماق قبح واقع مثقوب..
بين لونين لا يلتقيان إلا في أرض العرب ..
أو في لوحة تنتمي إلى المدرسة المتوحشة في الرسم ..
الصارخة ..الشديدة..
أحمر يصنع المأساة والموت
نقيع يغسل الشوارع العربية
به توضأ المنافقون ..وهللوا وكبروا
وصلوا في عقر مساجدهم بوجوه ملطخة بالعهر والرذيلة ..
وأخضر يرسم درب القادمين..
يخيط سربالا لحلم جميل ..
وفي نقطة توهج قد يتحول الأحمر إلى أخضر..
فتتوهج الروح ويزهر الوطن كما القصيدة. ..!!
اعدل القضاة
قد يشوه للتاريخ وجه
لكن ثمة نسخة منه محفوظة في ضمائر ..سلمت من غي!!
تلك هي القصيدة استقراء لواقع مثقوب واستشراف لغد أفضل
قد يكون ..!!!
على هذه الأرض ما يستحق النضال ..!!
سيبقى الحلم ممكنا ..والابتسامة أجمل في رحاب القصيدة !!
ثمة عالم تستوطنه القصيدة
وثمة قصيدة ستستوطن العالم
إنها القصيدة المكروسكوبية 
تلك التي يخيط أركانها ركنا ركنا الشاعر السومري عبد الجبار الفياض  ..ويشيد أسوارها بمزج كبير بين جملة من العلوم الجديدة
تتوحد كلها في عالم النص الشعري . .
ويمزجها  بمدرستين في لحظة واحدة ..الواقعية والسريالية
بيد أنه يقلب كل الموازين
إذ يجعلنا نرى السريالي والواقعي في آن...
فيتوارى الواقعي في ظلال السريالي ..
حتى لم نعد نعثر له على أثر ..
نغادر وفي النفس شي من القصيدة ..!!
كما غادر سبويه وفي نفسه شيء من حتى ...!!
نخشى أن نغتال بعض الكلام في دهاليز الذاكرة ..
لكن حتما للكلمات خناجر..تدقها في الحناجر لتعلن عن رغبة شديدة في الولادة ..
عندها لا أحد يمكنه أن يقاوم تلك اللحظات الشديد..
مخاض شديد يعلن عن بعث جديد ..
تلك هي القصيدة الحديثة ..كالماء تجري لا نعثر لها على نهاية
سواء في العملية الابداعية الأولى(أثناء الولادة والتشكل) أو في العملية الابداعية الثانية(أثناء البعث والانبعاث) وما يرد بعدها..
في لحظتين مختلفتين
لحظة التشكل الشعري ولحظة التشكل النقدي ..
في كل لحظة ولادة جديدة ..
تسقط سلطة الأبوة الأولى التي تعود إلى الشاعر في ذاته الذي نفخ فيها من روحه ..وتؤسس لشرعية جديدة ..تفتح لتعدد الانتماءات للنص الشعري الواحد ..الذي يفتح الآفاق نحو إنتاج القارئ الجديد الذي يقطع مع المفهوم النفعي /الامتاعي الى قارئ يسكنه الهوس وتطيح به الحيرة ويركب صهوة السؤال فكأنه على رحل سابح تدك حوافره تلك البيداء في ليل بهيم.. وقد تكفر بكل السلط المختلفة في مختلف تجلياتها .. منها الفكري والثقافي والسياسي والاجتماعي لتؤكد أن الخطاب الشعري لا يمكن أن يكون إلا منطلقا ..لا يعترف بالتقنين والتقعيد..
إنه كما يقول الشاعر الفرنسي المعاصر رينيه شار "الكشف عن عالم يظل أبدا في حاجة إلى الكشف " ومن هنا نؤكد أن القصيدة ستظل تطارد هذا العالم المخبوء حتى يرفع الله هذه الأرض وما عليها
فهي مغامرة أبدية لا تعرف الحد. ..فالشعر يضع كل الظواهر الكونية على محك السؤال ..ويسعى إلى البحث. .يحس الأشياء إحساسا كشفيا  ويرى ما لا يرى..ويسمع ما لا يسمع..فهو ميتافيزياء الكيان الإنساني       !!
الناقدة والأستاذة الباحثة سامية البحري /تونس

. . . . .

               النّهارُ المفقود

بساقٍ مبتورة
نهارٌ
يبحثُ عن لونِهِ في رمادِ موتٍ
أكلَ النّاسَ والحجارة . . .
يخنقُهُ دخانُ بترولٍ
سُرقَ من تحتِ بيوتِ صفيحٍ
لا تُزاورُ عنها شمس . . .
أضدادٌ ما لها من وجهٍ يُقرأ . . .
كيفَ لها أنْ تُنكرَ أنَّ سُحباً ملعونةً قد حجبتْ آفاقَ تشرين ؟
كيفَ للبصرةِ ألآ تتذكّرَ أنَّ سيفاً من ثقيف
قطفَ ثمارَها يوماً من غيرِ سِلال عادَ رصاصاً مُباحاً
يختارُ أيَّ صدرٍ مقبرة ؟
وهل من أقصاها لأقصاها
أنْ تنسى أرقامَ موتٍ مُحترقةً على أرصفةِ الرّفضِ الممتدِّ في عروقِ سنواتِ الجدْْب ؟
روحٌ
صَلبتْ موتَها على جذعٍ 
يُهزُّ رطباً لفمٍ
شبِعَ من عذوقِ عرقوبَ بما ملأَ  جفانَ مواعيدِه . . .
. . . . .
هنا
في أحسنِ تقويمٍ وِلِد . . .
لا يمدُّ يدَهُ متسوّلاً إلآ إليه . . .
ليسَ لهُ أنْ يُصفّقَ عارياً في موكبِ سلطانٍ
قضى ألآ يُستظَلَ إلآ بظلِّه . . .
رويْدَكَ
أيُّها الملفوفُ بعُملةٍ
استبدلتَ بها حبلَكَ السّرّيّ !
فأربابٌ
عُبدتْ سنيناً
أمستْ بلحظةٍ جُذاذاً بفأسٍ صغير . . .
قفْ عندَ ما أرادتْهُ بقعةٌ حمراء
تخضرُّ وطناً من غيرِ قيد . . .
انزعْ ثيابَ مكبث
إنَّها تتحدّثُ بمفرداتِ الغَصب . . .
عباءةُ الظّلامِ لا تسترُ عورة !
. . . . .
ربّاه
لقد علّموا الفصولَ الأربعةَ أنْ تَسرِق . . .
الفجرَ الصّادقَ أنْ يَكذِب . . .
أنْ تأكلَ الهرّةُ صغارَها وتموء . . .
متى تُمزّقُ ثيابُ البسوسِ قِطعَاً لمسحِ الأحذية ؟
تلتهمُ النّارُ عرشاً
استقذرتْهُ هوامُ الأرضِ
تكالبَ عليهِ شرذمةٌ
تمنّى الشّيطانُ أنْ يكونَ واحداً منهم ؟
إنّها بدايةُ صعودِهم إلى قمةِ الهبوط !
. . . . .
أيُّها الصانعونَ من الظّلامِ توابيتَ بلا أرقام
مقابرَ محمولةً على سيّاراتٍ ذاتِ هلال . . .
دعوا الطّيرَ لأعشاشِها تعود
في مناقيرِها ماءٌ لم يُلوّث . . .
قذارتُها
أطهرُ من فمٍ مُستأجرٍ في محكمةٍ على عينيْها غِشاوة . . .
خرجَ منها حنيْن بلا خُفّ . . .
أبو رُغال بصكِّ براءة . . .
حقيبةٌ حُبلى
تجرُّ يوماً لأجلٍ غيرِ معلوم . . .
للقاضي بابٌ خلفيّ !
. . . . .
متى
لجُدرٍ ألآ تحملَ لافتاتٍ مثقوبةٍ
تسيلُ عطشاً لحياة ؟
هلّا أبقيتُم نوافذَ الشّمسِ بلا أزرارٍ 
تُذيبُ الشّمعَ الأحمر . . .
ما شأتُم أنْ تكونوا على صُورِه
لكم ذاك . . .
فصُورُ فرانكو 
موسيليني
في كُلِّ الأحوالِ واحدة . . .
دجاجُ الأرضِ لا يُحلّقُ بأجنحةِ النّسور . . .
النّوارسُ
تشربُ ظمأَ البحر
ولا تنزعُ ثوبَها الأبيضَ إلآ ميّتة . . .
. . . . .
يا جاحداً أرضاً
تدحرجتَ على تُرابِها كُرةَ لهو . . . عققْتَ ما لها عليك . . .
أما حسبتَ أنَّ يوماً لا يلدُ بعدَهُ لكَ يومٌ
تتجمّدُ على لسانِكَ فيهِ حروفُ التّوبة ؟
حتى تصنعَ موتاً برصاصٍ أعمى . . .
زنزانةً خرساء . . .
دُخاناً
يُكفّنُ حاملي مشاعلَ ولادةِ نجمٍ يمهُرُ الأرضَ بجديدِه . . .
وَيْ
اغتلتَ جودو في عيونِ الانتظار !
لكنَّ آلافَ الذّبابِ لا يُخلّفُ وراءَهُ إلآ زوبعةً من طنين . . .
يُعجزُهُ أنْ يكونَ عصفوراً
يُذكّرُ الصّبحَ بصلاتِه . . .
. . . . .
تُغازلُ الثُّريّا الثّرى
حكايةٌ بيضاءُ في ليلٍ أسود . . .
آهٍ
لو علِموا أنَّ كعكةً استحالتْ مقصلةً توحّمتْ برقبةِ ملكةٍ حسناءَ على أبوابِ الباستيل  . . .
فيا أرغفةَ الخُبزِ المسروقِ من تنورِ البؤساءِ في بلدي
ماذا عليكِ أنْ تكوني ؟
مَنْ قالَ أنَّ الخُبزَ ليسَ بأشرفِ المُناضلين
أعدلِ القُضاة !
قد يشوّهُ للتاريخِ وجه
لكنّ نسختَهُ الثّانيةَ محفوظةٌ في ضمائرَ
سلمتْ من غيّ . . .
. . . . .
عبد الجبّار الفيّاض
6 / 1 / 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق