المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الاثنين، 27 يناير 2020

بقلم : عمر بنحيدي

قصة قصيرة :  أجب بنعم أو لا.

غالبا ما ينادوني بغليض الرأس. وذلك لكبر حجم رأسي وفي الوقت نفسه لثقله في إدراك أبسط الأمور. وطبعا أنا لا  أرضى بمثل هذا الكلام فهو إهانة. في حقي. لهذا حاولتُ إثبات العكس.
استيقظت باكرا وقررت أن أقوم بخدمة مفيدة. وبذكاء أدركت أن أنبوب  غاز البوطان وهو من النوع الكبير قد فرغ  . أسرعت  إلى الدكان لأستبدله بآخر مليئ... ..
لسوء حظي، استعصى علي ّٓ تركيبه  . فاجتهدت. استخدمت عقلي الذكي لكنه دوما في راحة بيولوجة. أخذت الملقاط  وبذلت كل جهدي لأزيل شيئا اعتبرته زائدا يمنع الغاز من الخروج وبالتالي الاشتعال. نجحت.   ها قد أزلت الجزء الزائد. لأضع آلة الملقاط في مكانها. ((هكذا بقليل من التنظيم  ستٓسْهُل حياتُنا .)). ولكن ما هذا؟ إني أشم رائحة الغاز، بل أسمعه يتسرب . الأنبوب  يتنفس.  يا الله يا الله ماهذا الذي فعلت؟. لأضع أصبعي على مكان التسريب..  لا شيء يمنعه من... يا ويلي ماذا أفعل الآن..؟
أتيتُ بالملقاط من جديد. ولكنه  قاطع فقط وليس لاصقا .  أيقظت عقلي من جديد وقد غط في نومه العميق .((يا بارد الگلب! أغثني بفكرة، أسرع ، قبل وقوع الانفجار العظيم.)).
  الآن فهمت و بالملموس المقصود بنسبية سرعة  الزمن. فزمن تسريب الغاز أسرع من زمن البحث  عن  الملقاط.؟
    في  رمشة عين بدأت أختنق . فبدأت  أصيح:  افتحوا النوافذ. أطفئوا الأضواء، أسرعوا، أسرعوا..النجدة! .. وماذا عساي أفعل؟ أسرع أيها العقل الذكي هل عدت لنومك.؟ يا لمسؤوليتك !  نحن في خطر محدق وأنت  في نومك العميق؟ . لا. لن أنتظر أكثر مما انتظرت.  أفصح كلامك، لم أسمع جيدا.))   آه ! وهل في مثل هذا الظرف تبقى الحواس متيقظة! كلها فقدت توازنها بفعل المفاجأة الغير سارة. إلا أنت. وحدك غير مبال بما يجري وسيجري لنا. أسمعك. أسرع، أنجدني...(( عليك بحملها إلى خارج العمارة، هناك إلي الهواء الطلق. وهناك اتركها تٓفْرٓغ لوحدها.)) ....  أ  أحملها؟ وإذا انفجرت علي؟. يا عقل تعقل قليلا. لكن ما باليد حيلة. يجب أن أغامر. أفضِّل فقدان حياتي على إلحاق الأذى بحيوات بريئة.. أه كم هي ثقيلة جدا هذه الأنبوبة! ليكن. و لأتشجع أكثر. ها أنا أنزل السلم... واحد ..إثنان .. ثلاثة.  ألقيت بها فوق العشب، و أنا أصيح .. ابتعدوا.! ابتعدوا.! ستنفجر. ارتميت على بطني ويدي على أدنيّ و مغمض العينين . وجهي على العشب. قلبي سينفجر قبلها. يا الله الطف بنا.
لم أدر   كٓم انتظرت من الوقت ولكني لما  فتحت عيني وجدت النساء والأطفال متحلقين حولي،.
أول شيئ سألت عنه هو أنبوب الغاز و قد كانت  الدائرة   تزداد ضيقا إلى أن صرت واحدا من هؤلاء المتحلقين حولي  .
    قبل أن أنطق بكلمة واحدة  توقفت حافلة لا أدري إلى أين اتجاهها. ركبت مع الراكبين، في الحقيقة هم من أركبوني بتدافعهم. أردت أن أسأل عنها. ولكن جرفني التيار البشري، فنسيت أمرها..

. وطارت بنا الحافلة. ونحن نتدافع. أمواجا  تلو أمواج. الصاعدون  أكثر من النازلين  .
     حين نزلت  أحسست ببرودة الأرض تتسلل من أسفل قدمي إلى رأسي . الآن فقط وعيت أني فقدت  الحذاء والمعطف. لا تسألوني كيف ولكني احمد الله على أن أعضائي سالمة..
  مٓنْ سيصدق مٓن عقلُه يغطُّ في النوم؟ فهو كمن لا  عقل له. لأجرب.
  كانت طفله تنظر إليّٓ فسألتها. من فضلك  هل شاهدت أحدا نازلا من الحافلة ومعه زوج أحذية ..؟ لم تكن تنتظر مثل هذا السؤال.  لم تنبس بكلمة ولكنها جرتني من يدي وأدخلتني عمارة ضخمة. صعدت معها إلى الطابق رقم واحد. وبباب شقتها وجدنا امرأة متوسطة العمر، بيضاء كالحليب، ذات وجه بشوش، وشعر كستنائي . بصوت الحسون سألتِ الطفلةٓ.؟.إين وجدته؟ . إنه أبوك ... ماذا. ؟ردت الطفلة، عرفت فيما بعد أن اسمها راندا، ردت :كان تائها عن الطريق. حاولت أن أفلت يدي من يدها، لكنها كانت تدفعني إلى الداخل وأمها تجرني بقوة وهي تزغرد وتردد :  ((واعلى سلامتو، وعلى سلامتو .)) .
   أقيم احتفال كبير  على شرفي. رقص الجميع بمن فيهم أنا . الطفلة  راندا  لاتفترق عني خوفا من أن أهرب أو أختفى من جديد. . أخبروني  بأني كنت مفقودا منذ سنتين. لكني لم أتذكر أي شيء، بينما هم ( المرأة وابنتها والجيران كلهم يعرفونني ). استغربت كيف عرفتني البنت و أنا لم أعرفها ،.
  قالوا لي :
  _ إنها كانت يوميا تقف أمام صورتي المعلقة على الجدار بالغرفة. وحين يستفسرونني أين كنت  أجيب أني كنت أعيش حياة أخرى.
  مرت أربعة أشهر على إندماجي في هذه  الأسرة وبدأنا ننسى الماضي وأحزانه إلى أن جاء عون السلطة ومعه محضر، و قد اندهش من وجودي  وبعد استفسار عن هويتي طلب مني أن أرافقه وزوجتي إلى المخفر  وهناك أحاط بي رجال الشرطة وبدأوا سلسلة من الأسئلة أسفرت عن اعتقالي بتهمة  انتحال شخصية زوج امراتي.
  بقيت قرابة شهر وراء القضبان بحجة تعدد الزوجات ضدا على القانون. فقد أٓعلمتْ الزوجة الأخرى رجال الشرطة باختفائي المفاجئ..
  وأخيرا استسلمت للنوم في زنزانة أبرد من الثلاجة، رغم ارتعاشي. و لكن لا شيئ يرجى من عقول عوجاء. تعبت من الشرح والتفسير وأخيرا و على غرار أسئلة المسلسلات. طرحوا على عدة  أسئلة وأعطوني  اختيارين    :  نعم أو  لا.
   السؤال.1:   أنت هارب عن زوجتك الأولى لتتزَوج  أخرى ضدا على القانون؟
     نعم أو  لا..
  السؤال 2.: .قتلت أخاك التوأم لتتزوج امرأته.
  نعم.  أو  لا.
  السؤال 3:  أنت إرهابي هارب، حاولت تفجير العمارة التي تقطن بها وفشلت.
    نعم  أو  لا.
    وبدأت أصرخ و أصرخ : برئ و الله برئ  .  أغثني يا الله !.....
    لم أكد أكمل دعائي حتى أحسست بيد تربت على رأسي و بصوت يناديني  باسمي:   آدم آدم.. فتحت عيني، فوجدتني قد سقطت من فوق السرير و برودة البٓلاط تتسرب إلى كل أوصالي. وزوجتي المسكينة  تساعدني على النهوض   ،
     لقد فرحت فرحا كبيرا حين استرجعت وعيي وتأكدت بأنه فقط كابوس...
  انتهت
                               26/1/2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق