المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأربعاء، 19 أغسطس 2020

الأدب ‏الحي ‏والأدب ‏الميت ‏/ ‏بين ‏مشروع ‏مارشال ‏ومشروع ‏كورونا الامبريالي ‏/ ‏بقلم ‏الأديب ‏والناقد ‏: ‏طه ‏عثمان ‏البجاوي ‏

الادب الحي والادب الميت
بين مشروع مارشال ومشروع كورونا الامپريالي
______________________________________ 

قد يظن البعض ان الادب هي حالة ذاتية منعزلة تماما عن الحراك  السوسيولوجي للشعوب فليس الادب البتة حالة وجدانية داخلية وانما هو حالة من الشعور الجمعي التي فيه تتناغم  كل تجربة إبداعية مع محيطها  الاجتماعي  وبين مقولتي : " الادب امتاع ومؤانسة " والادب مأساة أو لايكون 
 يبقى الادب ولا يزال حالة انثرپولوجية يحكمها قانون السيرورة والصراع  .. وإما عن السيرورة  فالمقصود بها ان الفكر المتجمد. لا يمكن له أن يصنع ادبا حيا واما عن الصراع فليس المقصود خلق للتنافر الاجوف  والصدام العابث والفوضوي  وانما الصراع المنتج للحركة والاكتمال  ..
ان الادب الحي هو الادب الذي يننفس  اكسيجين المعنى والجمال والقيمة والفضيلة وهو ايضا الادب الذي يقاوم كل صور الانحطاط والقبح والعهر والرذيلة  وليس الادب البتة في هذا السياق تحطيم للقيم واعراض عن الماضي ونكران للتراث  ..  بل هو تجانس في ايقاعي الماضي و الحاضر  وقد عبر ادونيس عن ذلك في كتابه الثابت والمتحول  بأنه " من لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له "  بحيث ان المتأمل في تاريخ الادب العربي  يدرك هول الزخم الابداعي لمصابيح ادبية ظلت على مر القرون مضيئة بانوار التميز والتجديد 
لكن بعد احتلال  العراق  من قبل الامپريالية المتوحشة وجدت الأمة العربية نفسها امام مرحلة جديدة من الفوضى الثقافية الخلاقة  بحيث ان  سقوط بابل الادب  مهد لانتشار الوباء  الثقافي الجديد  لدى السواد الاعظم  من الشعراء والادباء والنقاد والفنانين حيث فقدنا بوصلة حقيقية ترشدنا 
فصارت قبلة هؤلاء الفوضى والعبث الخلاقين .. فسقطت بموجبها  كل مراكز الادب والثقافة _  سوريا _ مصر  _ لبنان اليمن _ ليبيا  _ السودان  وهو ما اكد ان فيروس الرداءة بات هو المحرك لمعظم الأعمال الابداعية  باستثناء الحالات الابداعية  الراقية والمميزة  وطبعا كان من الصعب جدا خلق حركة ادبية وثفافية مقاومة لهذا الانحطاط طالما انه ينكر القائمين على العمل الادبي والثقافي في الوطن العربي حركة الممانعة هذه وينكرون اصلا مشروعيتها  بحيث انهم  لا يزالون  ينكرون  وجود حالة من الانفلات والعهر  والانحطاط ... ويرجعون ذلك الى حرية التعبير والفكر بوصفه حقا اساسيا لا يمكن تحديده أو ظبطه ..
ويبقى الادب الحقيقي هو الادب الحي الوفي لنبض الأمة وانفاسها وليس لانفاس حالة ادبية سادية  .. طالما ان الأمة تعيش احلك مرحلة في تاريخها شبيهة بحالة ملوك الطوائف

بقلم : 
طه عثمان البجاوي
الاديب والناقد المتحلج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق