المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 29 أغسطس 2020

بقلم ‏: ‏سعاد ‏بازي ‏المرابط ‏🎶🎶🎶🎶🎶🎶🎶🏕🏕🏕🏕🏕🏕🏕🏕

أرى اليقينَ تتساقط أوراقه  
اليقينُ بلغ الخريف 
كل شيء مُحتمَل الحدوث 
الإمام  في المساجدِ لَم يعد يقول : 
اصطفوا  
تراصوا 
المصلون لا يسدون الفجوات  

لا أدعي اليقين 
لا أدعي أني شاعرة 
وأنا أتربص بقصيدة طارت حروفها 
حتى تناثرت الأوجاع المتوارية 
خلف أجنحتها 
كسرب عصافير عادت مخذولة 
بعد أن وجدت السماء
 لاذت بكوكب  مجهول 

لا أدعي أني عريقة 
الأرصفة أعرق مني 
لها آذان تلتقط خطوات مرتاديها
الأرصفة تبقى على العهد 
لا تلفظ الصعاليك  

لا أدعي أني زاهدة حد المنح 
لأني أغير مراسيم استيطاني 
عندما لا أجد من يُسنِد نحولي  
من بين أولئك الشداد  
الغلاظ 
كالجلادين 

أبْدي  توازني كخدعة بصرية 
أشفط دهون من يقشرون تفاح انتصاراتي 
أهجر مدائن اللئيمات اللواتي لا وجه لهن  
معروضات كسلعة أرخص من " ماسلوفا " 
تمارسن هوايات دنيئة في الإيذاء 
في الإفتراء 
يتنكرن لكل جميل 
ويتركن نافذة كمرصد سري للتلصص 

كل شيء محتمل الحدوث 
اليقين اقترف الخريف 
قبل الخريف  

سعاد بازي المرابط 

١) ماسلوفا " اسم لبائعة هوى ورد ذكرها في رواية " البعث"  
ليو تولستوي

الأربعاء، 26 أغسطس 2020

أنخاب ‏العطش ‏/// ‏بقلم ‏: ‏سليمان ‏أحمد ‏العوجي ‏🐗🐗🐗🐗🐗🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽🐽

أنخابُ العطشِ
--------------------
كأيِّ عجوزٍ في مقتبلِ الموتِ..
يبيعُ أبي حطبَ العمرِ بحفنةٍ من صكوكِ الغفران
قد يغيبُ بعد حينٍ تاركاً ثروةً ماهولةً من الحزنِ
وجبيناً مجعَّدَ الحسراتِ
قدرهُ أن يجوبَ حدائقَ الحقيقةِ بقدمين متورمتين
من مطلعِ الريبةِ حتى مغيبِ الشكِ..
يصبُّ خمرَ الخطيئةِ في كأسِ التوبةِ..
والأهل عنهُ لاهونَ.. يتبادلونَ أنخابَ العطشِ..
سبحةُ أبي لاتملُّ الدورانَ بين أصابعهِ ..
وفي حلقهِ لم يبقَ إلا الطمي وأسماءُ الله التي لاتجفُ..
هنا مدينةٌ نَشِفَ فيها ريقُ الماءِ
وأميرةُ البيادرِ سنبلةٌ في رَيعانِ الحنطةِ تمشي حافيةَ الحلقِ جَرَحَها الماءُ بوعدٍ كاذب.. 
تفرُ من غيرِ ضمادٍ 
تعبرُ وحلَ من طغيان
لاذنبَ للماءِ السجينِ ياأميرة... 
وهوَ يرمي في عنابرِ النهرِ الخاويةِ آخرَ أمانيه.. 
متى تخرجُ عشتارُ من قمقمِ الردةِ لتُعَدِدَ سجايا الفصول وتمسح دمعَ الحقول...؟؟
 المارّونَ من هنا ارتشفوا الغضبَ حتى آخر قطرةٍ
المارّون( أهلي)  حطموا الاصنامَ...
ولاماء لنطفئَ ماجمعَ ( النمرود)  من كيدٍ
فيا نارُ كوني برداً وسلاماً
نمْ ياصغيري على وسادة العطشِ ..
غداً سيأتي ( الخابور)  بعرائسِ الماء...
لا ياأمي أولادُ السلطانِ يلهونَ برئته 
ويسدونَ دروبَ الشريانِ بمخالبهم.. 
مآذن قصية الإيمانِ
وإمامُ الظلِ يرفعُ آذانَ الأباطيلِ ..
كيف أنامُ ياأمي والماءُ الذابلُ يمسكُ بطرفِ ثوبك كآخرِ ملاذ ..
لاذنب للماءِ إن تشققتْ شفاههُ..
لاماء في جوفِ المدينةِ لأغسلَ صدأَ الماءِ ..
هزي بجذعِ الغضبِ وَدَعي الملحَ يلعقُ جرحي.. 
أخوةٌ كانوا لي أخوةً.. يسيجونَ العطشَ ويرفعونَ أسوارَ الموتِ..
يَرْشونَ الذئبَ والجبَّ والسيارةَ...
قلْ لمن يكنزونَ الريحَ في خزائنِ صدورهم: 
لا لنْ ينامَ الثأرُ حتى يصيرَ فراتاً من كرامة. 
        - بقلمي
سليمان أحمد العوجي
- سوريا

الثلاثاء، 25 أغسطس 2020

دراسة ‏نقدية ‏ذرائعية ‏مستقطعة ‏لديوان ‏" ‏خليوني ‏نحلم ‏" ‏من ‏إعداد ‏: ‏عبدالرحمان ‏الصوفي ‏🏕🏕🏕🏕🏕🏕🏕🗻🗻🗻🗻🗻🗻🗻🗻🗻🗻

دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة للديوان الزجلي " خليوني نحلم " لمحمد مهداوي
الدراسة النقدية  من إعداد الناقد : عبدالرحمن الصوفي / المغرب
عنوان الدراسة النقدية الذرائعية المستقطعة ( ديوان " خليوني نحلم " في ميزان فلسفة علم الأخلاق / مدخل الخلقية الأخلاقية الذرائعية ) .
 
أولا - التقديم : 

لقد أصبح القارئ للشعر الزجلي في مواقع التواصل الاجتماعي يلعب دورا مهما وحقيقيا ورئيسيا في الكشف عن خبايا القصائد الزجلية ، من خلال التعليقات ، أو القراءات النقدية الانطباعية ( تقتصر على التفسير ) . بحيث تتميز كل قراءة نقدية للقصيدة الزجلية الواحدة بنظرتها المختلفة عن قراءة أخرى ، لأن كل قراءة تقود إلى نتائج تتلاءم مع الافتراضات التي تناسب التفسيرات المحتملة التي يضعها بين يدي القارئ .
للكشف عن ما هو باطن ومخبوء  في  كل قصيدة زجلية ينبغي الابتعاد عن الانطباعية والإنشائية التي تستسهل نقد القصيدة الزجلية . إن  وضع استسهال الزجل  كتابة ونقدا أفرز اختلافات وخلافات كثيرة شوشت كثيرا عن مسار القصيدة الزجلية ...
أجمل وأهم باعث للتفاهم والتخاطب وإشراك واشتراك بين الزجال والمتلقي ، هو باعث " فلسفة الاستفهام " ، فهذه الفلسفة ليست بالهينة . الاستفهامات تحتاج الى إجابات ، لذا فقد جعل المبدع الزجال فضاء الإجابة مفتوحا أمام القارئ المتذوق والعاشق . ليس المقصود ذلك الاستفهام البلاغي الذي هو فن عظيم من فنون القول والكلام ، وطلب الحصول على جواب في الذهن و العقل إما تصديقا وإما تصورا  ، وإنما المقصود فلسفة السؤال الذي يتفجر داخل القصيدة وخارجها وداخل الذات والموضوع وخارجهما ... إن علاقة الفلسفة بالاستفهام علاقة أصل منذ بدء نشوئها ، كونها لا تهتم بالحلول والإجابات على الأسئلة ، إنما مهمتها اسمى وأكبر ، فهي تهتم بنقد الإجابات والحلول ، لتبني واقعا مستقبليا علميا  .
الزجل هو جنس إبداعي شعري راقي ، يتحدث بلسان عامة الشعب ، تتنوع وتتعدد متونه تبعا لاختلاف كل منطقة عن أخرى ، وهذا لا يعني أن الكتابة بالدارجة هي في متناول جميع الناس ، لأنها لغة التواصل اليومي ، الكتابة بالدارجة بخاصة الزجل من أصعب أنواع الكتابات ، بالمقارنة مع الكتابة في كل الأجناس الأدبية الأخرى الفصيحة ، صعوبة لا يتصورها إلا من ( سكنته جذبة الحرف ... )
لن يتمكن من كتابة الزجل إلا الفنان الذي طبعه مرهف الإحساس ، عبقري في الإصغاء لنبض الكلمة الدارجة الحية ، ماهر في تطويع للغة المعاني ، بلاغته تشد السامع بجماليتها وسحرها  وتميزه عن غيره ، بارع في نقل الواقع بحكمة الصور والتصور ، وعميق الرؤية الشعرية  ،  و بلاغة تشد السامع بجماليتها وسحرها …

يمكن الغوص في قصائد ديوان " خليوني نحلم " ، انطلاقا من خمسة مفاتيح نقدية : ( المفتاح النقدي الألسني العام ، المفتاح النقدي اللغوي النفساني ، المفتاح النقدي المنطقي الألسني ، المفتاح النقدي الأسلوبي ، ثم المفتاح النقدي للخلقية الأخلاقية  ) . والمفتاح النقدي الخامس هو موضوع دراستنا النقدية الذرائعية المستقطعة  .

ثانيا - المدخل البصري لديوان "خليوني نحلم "  

" خليوني نحلم " ديوان زجلي للشاعر الزجال " محمد مهداوي " ، الديوان من الحجم المتوسط ، يحتوى على " إهداء " و تقديم للأستاذ " محمد موح " ، وسبع وعشرين قصيدة بين قصيرة , و متوسطة الطول وطويلة  . افتتح الديوان بقصيدة " خليوني نحلم " ، واختتم بقصيدة " يا لغافل " . من بين عناوين قصائد الديوان : ( حلمة الغولة - لوان الطيف - خير و سلام - الشرق والغرب - شكون أنا ؟ - يا قاضي وفي الميزان – يا عالم ... ) .
بقول الأستاذ " محمد موح " : " ...وكما هو الشأن في ديوان " لباردي والفردي " ، يبقى الجانب الإنساني ببعده الواسع كثير الحضور في هذه المجموعة الشعرية الجديدة ، حتى العنوان الذي اختاره يجسد في حد ذاته حلما إنسانيا يرجو منه تحقيق المصالحة بين الإنسان والحياة ..." ( 1 ) 
ويقول سعيد فرحاوي : " ...( خليوني نحلم )هي فكرة بنائية قوية تحدد مرجعيات خفية في خطاب إبداعي يظهر شكلا ، أنه بسيط ، لكن العمق يتسرب كالماء عندما يخترق كل ما يجده قربه هشا فيشربه شربا ، أما إذا كان صلبا فيكفيه جزء من الزمن ليقوم بتذويبه ، فيحكم عليه بلغة الوداع. 
الشاعر محمد مهداوي تناول معنى من زاوية نظر سوسيوثقافية عميقة ليحولها شعرا ، اي حوله الى طلب اجتماعي ونفسي بأسلوب إبداعي فني ..." ( 2 )

تتوسط الوحة التشكيلية للأستاذ " عبدالحفيظ  مديوني  " الواجهة الأمامية للغلاف ، إلى جانب العنوان " خليوني نحلم " ، وصنف الديوان " زجل " ، واسم الشاعر الزجال " محمد مهداوي . أما الواجهة الخلفية للديوان فتضم صورة للزجال ، وصورة لديوانه الأول " الباردي والفردي " ، ومقتطفا من قصيدة يقول فيها :

خليوني نحلم
بالكرمة والكانون
بالتويزة ويام البون
بالصف والحايك
ف بني عامر وبني ميمون
خليوني نحلم
بيوم واحد بلا تيليفون
نطير ... نطير
ف السما بحال المجنون
نتفكر ايام جدودي
ونعيش وخ غي دقيقة
ورا القانون
نخلي البارود
نعرش ونسبس
واللي بغا يكون يكون

ثالثا - العتبة الأولى / العنوان ( خليوني نحلم ) :

تشكل العنونة بابا مهما من أبواب الدراسات النقدية الذرائعية سواء المستقطعة المدخل أو 
كاملة المداخل ، " بوصفه المدخل أو العتبة التي يجري التفاوض عليها لكشف مخبوءات النص الذي يتقدمه ذلك العنوان " ( 3 ) . 
لقد أصبح العنوان البوابة الأولى التي تضيء للناقد الذرائعي الدخول إلى مدخل " الاحتمالات المتحركة في المضمون " ، " للغوص في عالم النصوص ، والتعرف على زواياها الغامضة ، فهو مفتاح تقني يجس به نبض النص وتجاعيده ، وترسباته البنيوية وتضاريسه التركيبية على المستويين الدلالي والرمزي... ( 4 ) 

1 - خليوني : فعل أمر ( الجمع / أنتم ) يقصد بها " اتركوني " و " دعوني " . خليوني ( الفعل ( الجمع / أنتم ) + نون الوقاية + ياء المتكلم ) . تقال ( خليوني ) في لحظات حضور وعي الذات في يقظتها وليس في نومها . لأن النائم يسقط عليه إصدار أمر ما أو طلب شيء من الآخر سواء فردا أو جماعة . تذكرني " خليوني " برائعة ناس الغيوان  " الرغاية " ( 5 ) .

آه واواو خليني نبكي ونوح
آهْ وَاوَاوْ خليني مُشْكِيلِي مْطرُوحُ
وَالعَمَّالَة رَاهْ السّْوَايع ْبْدّالَة
والعمالة راه الشهادة جوالة
كية اللي ما باح ب ضره

2 - نحلم : ( الحُلْمُ : ما يراه النائم في نومه والجمع : أحْلامٌ ) ( 6 ) . يقابل النون في " نحلم " ألف المضارعة ، أي " أحلم " . 

3 -  تركيب لجزأي العنوان ( خليوني نحلم = دعوني أحلم )

علاقة الحلم بالنوم علاقة وطيدة ، إلا أنها في عنوان الديوان ليست هي المقصودة ، بل المقصود حلم اليقظة العقلية في أبهى إشراقاتها الفكرية . والمقصود كذلك ليس المفهوم 
الضيق لحلم اليقظة في علم النفس ، ولكنه تأمُّل فلسفي بخصب خيال الإبداع ، ويغذي رؤى المستقبل من خلال اللغة والواقع والحلم والخيال وصولا إلى السفر في الذات والذاكرة 
الفردية و الجماعية والأرض والتراث والمجتمع الإنساني عبر انصهار الأنا / الشاعر ( خليوني = ني ) بكل حمولتها المرجعية الفكرية والفلسفية والسياسية والدينية ... ورغباتها البعيدة والقريبة ، الشعورية واللاشعورية في مساء لة لعلاقة للأنا / الشاعر بالآخر..
يقول سعيد فرحاوي : " محمد مهداوي في ديوانه الثاني ( خليوني نحلم )، يسترجع الذاكرة فتصبح مستقبلا مؤجلا في حلم مسجون. 
ما نعرف عن الحلم هو تطلع الى المستقبل ورغبة قوية في النظر إلى الزمن القادم ليكون فضاء يستحضر بطلب وترج لتحقيق اماني ما ، إما عندما نعود إلى الزجل سيتغير هذا التطلع وتتحول الرغبة ليصبح الماضي هو ضرورة حية يسعى الشاعر استرجاعها والرغبة في إعادة إنتاجها . لنفهم من ذلك معطين : 
اولا رفض تام ومطلق لما هو كائن في هذا الان الخشن ، فتصبح النظرة نقضا رافضا للقيم المعاشة من جهة ، وبالتالي يكون الفائت والمنتهي زمنا ذهبيا في رؤية الشاعر الثاقبة. الا أنه حلم مشروط بالتخلص من مرفقات تعيق هذا الترجي ، ما يفيد ذلك هو أن الشاعر يرى أن التطلع مشروط بتخلي الاخر عنه ، هذا الآخر الذي قد يكون ثقافة أو تاريخا أو إنسانا أو رؤية أو مؤسسة ، أو ما وراء ذلك ، لكن الأكيد أن هذا أو ذاك هو سبب طلب شاعر في إنتاج تطلعات بضرورات جد مؤكدة.  ثانيا : يأتي الحلم بإعادة صياغة الماضي ليتحول مستقبلا بشكل مكرر ..." ( 7 ) 

رابعا - السيرة الذاتية للزجال " محمد مهداوي " :

(انظر دراسة نقدية ذرائعية مستقطعة لديوان " لباردي والفردي " لمحمد مهداوي ) ( 8 )

خامسا - مدخل الخلقية الأخلاقية للقصائد الزجلية لديوان " خليوني نحلم " : 

يقول عبدالرزاق عودة الغالبي :" ... إن المجتمع مهما تكن درجة تمسّكه بالخلق الكريم ، لن يكون أبدًا مجتمعًا من الملائكة ، وإن الشرّ كان ولا يزال وسيظلّ موجودًا في كل مكان  يوجد فيه إنسان ، بيد أن الحقيقة لا تكون مسوغًا للعمل ( )على تحويل الناس إلى شياطين، 

ومن جهة أخرى فإنّ القضاء على الشر قضاءً كاملًا لهو ضرب من المستحيل ، بل لابدّ من العمل على محاصرته في أضيق مكان ممكن ، وإذا كان هناك تعارض  بين الخير والجمال ، فلنقل بين الدين والأخلاق من جهة ، والأدب والفن من جهة أخرى ، فلماذا ينبغي أن تكون الأولوية للأخلاق على الأدب...؟ والإجابة سهلة وهي أن الشرّ يسمّم الحياة ولا يبقي معه مجالًا للاستمتاع  بأيّ شيء ، وإذا طلب من الأديب الإقلاع عن الترويج للشرّ والفساد في عمله ، يستطيع أن يجد موضوعات أخرى لا تحصى يبدع فيها أدبًا يستمتع به ، فلا هو إذًا ولا القرّاء سيفوتهم ما ينشدونه من متعة ، أمّا إذا تركنا الأدباء المنحلّين يغرون بالفاحشة ويعملون على نشر الإباحية ، فلن يمكن تدارك الأمر بحال من الأحوال ، فإن تماسك الأمم وقوتها الأخلاقية أهم مليارات المرات من متعة فنية تجلب وراءها التفكك الأخلاقي والانحرافات النفسية والآفات الاجتماعية ... إذ لا بد من خلفية أخلاقية تصون الأدب من الانحراف وتحارب الإسفاف والتحلّل الأخلاقي في الأدب .....وهذا ما تدعو له الرؤية الذرائعية بمستواها الأخلاقي ... " ( 9 ) 
تدرس نظرية الأخلاق الأسس العقلية والمنطقية للقواعد والمبادئ التي ينبغي أن يعمل الإنسان بمقتضاها في مناحي الحياة المختلفة ، و تجيب بالضرورة عن إشكاليات فلسفية 
تسائل أسس سلوك الإنسان ومعاييره ، ومصدر هذه المعايير . من هذه الإشكاليات ، معيار الخير والشر ، ومصدر الإلزام الخلقي ، ومفهوم المسؤولية الإنسانية وشروطها وعلاقتها بالحرية الإنسانية ، وعلاقة الحرية الإنسانية بالحتمية والقدر ، ومفهوم الواجب الأخلاقي وعلاقته بالخير الأخلاقي ، وإمكان وجود الجزاء الأخلاقي ، ونية الإنسان ودوافعه الموجبة لعمله ، ومدى علاقة الجهد الإنساني بالأخلاقية .

1 - الخلقية الأخلاقية للنصوص الزجلة في ديوان " خليوني نحلم " : التلقين - المتعة - التظهير . 

النصوص الادبية الرصينة فصيحة أو عامية في مجملها تبنى على مواضيع وأغراض خاصة إما ذاتية وجودية ، أو سياسية ، أو اجتماعي ، أو إنسانية... يلاحق فيها الأديب و الشاعر والفنان كل أنواع السلبيات ليثبت القوائم الأخلاقية في المجتمع الإنساني ، وكل هؤلاء ملزمون باحترام قواعد المنظومة الاخلاقية المحلية والعالمية العامة مع احترام الأديان وعدم إشاعة الفوضى بين الناس وإشاعة وتشجيع الإرهاب في المجتمعات ، وكل هذا يدفعنا لطرح الأسئلة الذرائعية التالية ..
ما الإبداع ؟ ولماذا الإبداع ؟ ولمن الإبداع ؟ سنحاول تقديم أجوبة لهذه الأسئلة ونحن نغوص في قصائد " ديوان " خليوني نحلم " من باب الإبداع وفلسفة مدخل الخلقية الأخلاقية الذرائعية  .
يقول " محمد موح " في تقديمه للديوان : " ...إلا أن القضايا المحورية التي لاحظت كثرة ورودها في هذه المجموعة الزجلية ، والتي بنى عليها صاحبها أغلب قصائده فيها ، تكاد تحصر في ثلاث قضايا ، غالبا ما يجمع بينها في القصيدة الواحدة . وأحيانا يفرد لكل قضية قصيدة مستقلة ، وقد يورد شذرات منها جميعا في أكثر من قصيدة ...." ( 10 ) 

يقول الشاعر الزجال في قصيدة " لوان الطيف " / الصفحة : 17 

الخلقة ب جمالها ...
من خلق العدنان
الروح إلى خسرت
ولبست عمامة الباطل
وسط الظلام
تفقدوا لمان
وخ علامك يرفرف
ف لعلالي
وبحرك فرع الدوالي
يمكن يتقطع
وطيح خيمتك
يبرك عودك
ف سوق الدلالة
وتعم عيونك ضبابة
ما هي سحابة
ما هي جلالة

الشعر بكل أصنافه هو فن من فنون المحاكاة ، كما سماه بذلك أرسطو ، والمقصود ب " المحاكاة " ، أي أن يصير الشعر انعكاسا أو تقليدا أو رسما ، مغلفا بلغة استعارية ، فيصير صورا ناطقة من الأحاسيس والمشاعر هدفها أن تصل إلى المتلقي بغرض التلقين والمتعة والتطهير النفسي ( الروح إلى خسرت / ولبست عمامة الباطل /  وسط الظلام / تفقدوا لمان... ) فتصبح ذريعة الزجل والشعر عموما هي أن يخلق أثرا معينا في جمهوره ، فهو يستعمل المحاكاة وسيلة لتحقيق المتعة والتلقين والتطهير النفسي ، أي أن غايته النهائية تلقين القيم الخلقية  .يقول محمد موح : " ... ولرد الاعتبار إلى هذه الهوية اليزناسنية الأصيلة ، يتخذ الزجال من التغني بالقيم الخلقية والفضائل الاجتماعية التي كانت تقوم عليها حياة الناس البسطاء ..." ( 11 ) 

لنتأمل مقتطفا من قصيدة " خير وسلام " / الصفحة : 19

كلتلو هاذ الذيب لحم وعظم
كالس معانا
يسمع كلامنا
وياكل طعامنا
آش المعمول يا عالي المقام ؟
ونقتطف من نفس القصيدة / الصفحة : 20 مايلي :
قلت لو يا سيد الفقها
الذيب هو أنت
ؤ هذا ...ؤ هاذو ...
لحلال رديتوه حرام
لبستوا لباس ذبوبه
آش هاذ لحكام ؟

" ...لم يَكنْ " أرسطو" مُبالِغًا حين وصف " علم الأخلاق " بأنه العلم الجليل، المنظَم ، الأساسي ، لصلته الكبيرةٍ وارتباطه الوثيقٍ بيْنه وبيْن شتى العُلوم والمعارف الإنسانية ، ولا سِيما علم الفلسفة..." (12 ) 
هنا يَعرض الزجال في قصيدته العلاقة بين الرسالة الزجلية والدين ( جاني ذيب ف المنام / سولت فقيه / قال لي خير وسلام ... ) علاقة تثبِتَ صِلةَ الأخلاق بغيرِها مِنَ المواضيع المحيطة بها ، مثل : ( السلوك - الضمير - الخلق - العُرف - العادات - التقاليد ... ) . ( لا بد يجي نهار / اللي تشرق فيه شمس الحق / ويطيح الظلام / لا بد الكمرة تطلع ضاوية / ؤ تبرا لسقام / نفرحو كاملين   ) .
الشعراء الحقيقيون هم من يستعملون " المحاكاة " من أجل المتعة والتلقين والتطهير النفسي ، فالمتعة تحث الإنسان على قيم الخير ، وهي مبتغى الجمهور والمتلقى ، والأرض الخصبة كذلك للميزات النقدية والفلسفية ومعاييرهما .. فالشعراء بخلقيتهم الأخلاقية يطهرون النفوس ، يدخلون المتعة إلى قلوب جمهورهم ، فتصبح غايتهم أن لا يقلدوا الأشياء الموجودة ، أو التي وجدت . بل يبحثون على ما ينبغي أن يكون ، فتغدو الأشياء ذاتها التي يبحث عنها الشاعر ضامنة للغاية الخلقية التي يهدف إليها الشعر( ؤ هذا ...ؤ هاذو .../  لحلال رديتوه حرام / لبستوا لباس ذبوبه /  آش هاذ لحكام ؟  ) . عالم الشعر تخفى فيه الأفكار ، مما يجعله يستميل كل أنواع السلوكات الإنسانية ، فيعجب به ( الزجل ) الأشرار والأخيار ، والشجعان والجبناء ، والأصحاء والمرضى ...فالكل العامة تقبل على الزجل وكأنه عسل فيه شفاء للنفوس  .

لنتأمل مقتطفا من قصيدة " أحياني عليكم ... " / الصفحة : 58 و 59 

اليوم الناس طغات
والوقت تبدلات
العبد ولا عدواني
آحياني عليكم ... آحياني
البنت صغيرة
باعت راسها
دمرت شرفها
وتصاحبت مع شيطاني
آحياني عليكم ...آحياني
هاذا زمان الغفلة
كاشي غرق ف لحرام
كي المراهق
كي الشيباني

2 - الخلقية الأخلاقية : الإلتزام وذريعة الكتابة 

يعتبر الشاعر الزجال عنصرا هاما من فئة المثقفين في مجتمعه ، له تكوينه الذاتي ونشأته الخاصة ، وهو وليد مرحلة تاريخية محددة ، يعيش واقعا اجتماعيا وسياسيا معينا ، ويتأثر بموروث ثقافي لمجتمعه وأمته وعصره .
تأثر الشاعر ( محمد مهداوي ) بما يحدث حوله في الواقع الخارجي ، من خلال ما تعلمه في مدرسة الحياة من تجارب وخبرات على مدار سنوات طوال ، تراكمت في ذاكرته وأثرت في وعيه ، واستوعبت الواقع المحيط وتفهمت أبعاد حركته ، وتجلى اﻷمر واضحا في الكثير من قصائد ديوان ( خليوني نحلم ) ، الذي تبلورت فيه رؤية داخلية للحياة وقضاياها المختلفة وللكون ، وهي ما عبر عنها الكاتب الروسي تولستوي بأنه : " البناء الروحي الذي يتكون في غضون عملية التفكير و النشاط . (13  )

يقول في قصيدة " الشرق والغرب " /  الصفحة : 24
 
شرقت ؤ غربت
طويت لرض
سبع طيات
نقلب على نغمة
للسنتير
نكلم الحروف
التايهة
ب لسان الطير
آش يمكن للعطشان
يعمل ...

يعيش الشاعر أو المبدع عموما على حافة القلق المتحرك ، الذي يفرض عليه الالتزام الأخلاقي بقضايا مجتمعه ، فالحيرة والقلق مشروعة ومجال تأمله ، والحزن جغرافيته المكانية ، والتفاؤل مسقط رأس إبداعه الزجلي ... يقول د . محمد عبدالله : " ...
يستند أي مذهب أخلاقي على فكرة الإلزام، فهو القاعدة الأساسية والمدار الذي يدور حوله كل نظام أخلاقي، ذلك أنه إذا لم يعد هناك إلزام، فلن تكون هناك مسؤولية، وإذا عدمت المسؤولية فلا يمكن أن تعود العدالة، وحينئذ تعم الفوضى، ويفسد النظام، وكيف نتصور قاعدة أخلاقية بدون إلزام ..." (  14 ) 

ونقطف من نفس القصيدة ( الشرق والغرب ) ما يلي : 

شحال قدك من خرج
تهز عليه هموم لعباد
إلى كان الخرج مثقب
الصريمة مهرسة
والسكنى في القوير
لا تطلي دمك
لا تخون بني عمك
لا تصرف قيمتك
بقلالش القصدير

ليس نقصا أو عيبا أن يعيش الشاعر الزحال الفعل والتحول والحقيقة والوهم والوضوح والغموض والقلق ... لأنها الدوافع الأولى للرغبة في الكتابة وعقباتها الشاقة الطويلة . بل 
لعل قلق الشاعر يفوق قلق المنتجين اﻵخرين في " الحقول الفنية " الأخرى ، ومن المتعارف عليه أن الكتابة السابقة تغيبها ظروف لحظة الكتابة المكثفة الجديدة ، ولا تغيب حياته ، و أحلامه  وتمرداته ، وسياسته وعلاقته بالمجتمع (  لا تطلي دمك / لا تخون بني عمك  / لا تصرف قيمتك  /  بقلالش القصدير... ) 
 يعرّف الباحث المغربي محمد رمصيص قلق الكتابة بأنّه ( حيرة فكرية وإعصار تأملي جارف ، مخاض عسير مصحوب بأوجاع لا قرار لها ... ) (15 ) 

3 - الخلقية الأخلاقية : الإنسان والقضية ، الإنسان قضية 

إن طبيعة الشاعر الزجال كإنسان تمكنه من التمييز بين الحق والظلم ، والتمييز بين الحسن والقبيح من الناحية المعيارية اﻷخلاقية ، وعلى هذه المكونات تتأسس علاقة الشيء بالمعنى في الديوان ( خليوني نحلم " لمحمد مهداوي . 

يقول " ابراهيم فيلالي " : " ... كل واحد منا داخل هذا المجتمع أو ذاك و في مسار حياته الفردية الخاصة مطالب بإعطاء معنى ما لحياته و لوجوده، و إلا فانه سيتيه حتى النهاية و يصبح ملكا للآخرين بهذه الصيغة أو تلك، فينو جد و يعبر بالمعنى الذي يعطيه الآخرون للحياة. يمر في الظل و لا يملك يوما ما الجرأة الكافية لرؤية الشمس و معانقتها ..." (16) 

لنتأمل قصيدة " شكون أنا ؟ " /  الصفحة : 29 

شكون أنا ؟
ف هاذ الكون
شمعة ...
ولا دمعه
كرمة مجلية
ولا أرض بورية
ظلمة ...
ولا كلمة
ولا حلمة
شكون أنا ؟

قد يعتقد من يطلع على الزجل أول مرة ، أن الزجل مجرد أفكار تخالج الخواطر ، فيستسهل الأمر ، ويجعل من كل الناس شعراء زجل ... لكن الزجل توفيق بين المعنى والمبنى ، فالمعنى مطروحة في الواقع العيني أمام كل الناس ، لكن اقتناصها يحتاج إلى مهارة لا يتميز بها كل الناس ، وحين تـقتص يلبسها الشاعر الزجال الفنان حلة أسلوبية فنية جمالية لتصبح أثرا فنيا عظيم القيمة ...

ويقول في نفس القصيدة / الصفحة  : 31 

شكون أنا ؟
تلعتم لساني
ؤ لبحر اداني
لاش بغيت تعرف
شكون أنت ؟
خليك جميل
لا تكونشي أناني
باش يبقى عقلك مرزن
وقبك هاني
غني ....
ؤ زيد غني
يا الغيواني
راه الدنيا مرهونة
وأنت سير غربل الريح
راك رجل براني

القصيدة الزجلية الرصينة تعطي للقارئ والسامع معنى للحياة ، تفجر فيه أسئلة فلسفية حول الحياة والموت و الوجود والعشق و الحرية والعدل والظلم ... ( يمكن ايجي نهار اللي / لقنية تتبورد علينا / والكنفود يلبس لحرير / يمكن إيجي نهار اللي نت / متوليش هو أنت / خيالك يقيسو بوحمرون / وأنت يقيسك بوصفير ( ص 28 ) , و تفجر كذلك في أعماق دواخله طبقات قيم وثقافات ( قيم و معايير و ادوار و أنماط السلوك) ، فتترك رواسب و بصمات في تفكيره و أسلوب حياته ... . تجارب الحياة ، هي المدرسة الأولى للتجربة الشعرية ، التي تظهر وتبطن ما يمر الشاعر منه بحواسه ، و مشاعره ، و قدرته على التفكير،  و الصمود أو العجز و الخنوع و الموت الرمزي ،  أو ميلاد لمن يعشق الحياة و يحب الإنسان باعتناقه لقضاياه التي تعطي معنى لحياته و وجوده ، لأنها ترتقي به و تأخذه إلى أعماقه ليجد أن القضية التي يعانقها و يحملها إلى حقيقتها تسكن أعماقه منذ الأزل ، هي الوضع المشترك بينه وبين  أخيه الإنسان ( قضايا الإنسان / الشاعر الإنسان / الشاعر القضية / القضية الشعر  ) ...

ويقول في قصيدة " كلام الحق " / الصفحة :  33 

يا ساكن في الجراح
خيول مسرجة
تتبورد ب صفايحها
على محرك القلب
عجاجها فالسما
مغطي لفراح
الدرسة إلى خسرت
محال عليها يصبح
الصباح ...
شحال قدك تبورد
ب كلام ...
ما هو كلامك
يا الغادي للحرب
بلا سلاح

سقراط وتلميذه أفلاطون يؤكدان أن للقيم الأخلاقيه وجوداً ثابتاً لا يتغير من زمان الى زمان ومن مكان الى مكان ،  وهي مطلقة لا تحتمل أي تغيير أوتبديل ، (   قد يكون هذا المنطق صحيحاً في زمانهم  ) ، أما اليوم فالأخلاق تتغير بالتأثيرات الخارجية وكذلك الداخلية المجتمعية والنفسية  . يكون للنفس وظيفة هي الحياة وفضيلتها في حسن توجهها للحياة السعيدة ( يا الصايم على فوله / موضي الحق / بحليب الشك / راه صيامك / قفل بلا مفتاح / شكون عارف / فين الصولة ...) .

ونقرأ له في نفس القصيدة / الصفحة : 35 

راه الشارب من كيسان المنكر
حلاوة معتقة
يجي نهار اللي تتهرس
ليه لقداح
والهم لازم يرفع راسو
وسط لغمام
نهار تشرق الشمس
الظلم لا زم يتلاح
الحق يبقى حق
والباطل يبقى باطل
وخ دير لو براح

فحين تضع العدالة كافة قوانينها  الإنسانية التي تصب في خدمة المجتمع ورقيه ،  ولما كانت الحياة فانية  ، وأن الإنسان  له في وجودها حق الحياة والتلذذ بها ، والعمل بمقتضى ما عليه من واجبات لسعادة ألآخرين ، فلا بد له حق التمتع والعيش دون خوف أو اضطهاد . ( أما بالنسبة إلى الحاكم فيعتبر حالة وقتية في حكمه ،  يقدم خدماته إلى الدولة وأن وجوده في الحكم مبني على أساس الانتخابات التي تقرر مصير بقائه في السلطة أو رحـــيله وهو أمر يتقبله الحاكم في هذه المجتمعات المتحضرة فتتغير السلطة الحاكـــــمة بورقة انتخابية يقررها الشعــــــــب ) ( 17 ) . (  نهار تشرق الشمس /  الظلم لا زم يتلاح / الحق يبقى حق /  والباطل يبقى باطل /  وخ دير لو براح   ) .

4 - الخلقية الأخلاقية / علاقة الجامعة للعاطفة الصادقة والإشراق والتحقق والرموز المحسوسة في قصائد ديوان " خليوني نحلم " .

تطالعنا الكثير من القصائد الزجلية في ديوان " خليوني نحلم " بتدفقها العاطفي الجياش ، المنسجم والمتناغم مع غاية ولغة لغة الزجل ، وأثره وقيمته الخلقية الأخلاقية ، فالشاعر يمتاز بالتعبير  عن عواطفه ، من خلال عملية للخيال مسيرة لأحلامه ، ومكيفة للصور الذهنية و الأفكار مع العواطف التي تخلق عالم المتعة المطهرة للنفسية القارئ والمتلقي . ( يا نجمة في لعلالي / يا اللي ناشرة ضيها / على الدوالي / راه النوم بلا بك / ميحلالي / مين تغيبي / نبكي زهري / الخوف يسكن / خيمتي  / ( " خيمة لحروف " الصفحة 45 ) . تحولت العوالم الشعرية الزجلية عند الشاعر إلى حقائق وعمليات عقلية ، لأن الشعر ينبع من روح الشاعر ،  مشبعا بطاقاته الخلاقة المحاكية لصور العالم الخارجي ، وهنا يصبح الشعر عند " محمد مهداوي " ليس شكليا كما هو الحال عند أرسطو ، كما أنه ليس محاكاة لأعمال الإنسان وصفاته كما هو معروف في النقد الكلاسيكي ...بل " إن فعل الشعر هو وازع من العواطف و والرغبات ، فيسعى هذا الوازع للتعبير عن نفسه ، أو هو الدافع الأساسي للمخيلة الخلاقة التي تشبه الشاعر نفسه ، في أنها تمتلك منبعها الداخلي للفعالية ، أي التعبير بصدق عن العواطف والقدرات العقلية ... " ( 18 ) 

يقول الشاعر في قصيدة " يا عالم " / الصفحة : 42 

يا عالم ...
تمنيت نكون شمعة
نضوي عليكم
ظلام الحكرة
نسقي جبالكم
من حر الدمعة
نعطر قلوبكم
بالمسك ...
والعرعار
ونفوسخ أيامكم
أيام الجمعة
باش تزيان الدرسة
ؤ تذبال الفكعة
يا عالم ...
عاود توضا
وغسل عظامك
ب حر لعمال
على الله تبراح

يؤكد معظم المهتمين بموهبة الإبداع أنه يمر بأربع مراحل متشابكة ومتداخلة وآنية اللحظة ، منها الإعداد والتحضير و يسميه بعض النقاد  " اﻹشراق والتحقق  " ، حيث يولد العمل 

اﻹبداعي التي يمثل علامة مستقلة بذاتها ، يتداخل وتشابك فيه آنيا ، الرمز المحسوس ، والموضوع الجمالي ثم علاقة الشيء بالمعنى ، أي المعنى المشار إليه ، وهي علاقة تخيل ووجود محدد ، فالعلاقة هنا مستقلة بذاتها ، بل تحيل إلى السياق الكلي للظاهرة الاجتماعية الخاصة بوسط معطى ( العلم ، الفلسفة ، الدين ، السياسة ، الاقتصاد ... ) 

يقول الشاعر في قصيدة " المدينة الفاضلة " / الصفحة : 70

يا ناس ...
مال هاذ العالم
ركبو لهبال
شمسو باهتة
ؤ وجهو مذبال
قوس قزح بهاك
والورد ولا بالمال
فين ( المدينة الفاضلة )
فين القيم ؟
فين السلم ؟
الجبال ذابت
من كثرة لهوال
يا عالم ...
أفلاطون هجر مدينتو
وانسى فلسفتو
الحق ولا مكبل
بشلا عقال

يقول محمد موح : " ...ولكي تحقق هذا الحلم ( خليوني نحلم ) ، يلجأ الزجال ألى تقمص دور الوسيط ذي المساعي الحميدة ، فتأخذ من أسلوب الوعظ والإرشاد والتذكير وسيلة يحاول من خلالها إيصال رسالته إلى المسامع ، يحول الحرف إلى أجراس مدوية يقرع بها الآذان الصماء المعرضة ، علها تهتدي إلى الصواب بمسامعها لهذا الدوي القوي ، فتعمل على استعادتها للدور المنوط بها كما في قصيدة " يا قاضي وفي الميزان " ..." ( 19 ) 

لنتأمل مقتطفا من  قصيدة " خيمة لحروف " / الصفحة : 47 

هذا كلام الخاوة
معمرو يذبال
سمعني يا صحيبي
واستلغى لي قوالي
يحفظك ربي
ؤ يرفع شانك
الرب العالي

5 - اﻹشراق والتحقق / الرموز المحسوسة في ديوان ( خليوني نحلم ) / الاغتراب والتمرد 

إذا انتقلنا من التعميم إلى التخصيص ، فسنجد أغلب قصائد الديوان متمحورة حول المجتمع والذات كموضوع رئيسي ، ومتمحورة حول القيم الأخلاقية  ، التي تعتبر مفتاحا قرائيا لرموز ودلالات متنوعة في الكثير من القصائد الزجلية في ديوان " خليوني نحلم " ، على اعتبار أن حياة اﻹنسان الاجتماعية متفاعلة أبديا مع الطبيعة المحيطة ، التي تؤلف مختلف أسس النشاط الاجتماعي ، وتتوسط العلاقات بين اﻷفراد ، و تتواجد في الحياة الاجتماعية بمختلف المؤسسات ، أو العادات والتقاليد والتراث الاجتماعي  ...

يقول الشاعر في قصيدة " ثورة حمار " /  الصفحة : 74 

لما شافني عكزان
حن علي حماري
حل بيبانو
وفتح لي اشواري
قال لي اركب
راك مع الرجال
ماشي مع الدراري
شحال من مرة علفتني
وعطيتني شعير
واسترت عاري
م ناكل رزق الناس
م نحكر جاري
أنتما فاضحيني ليل ونهار
ونا معمرو خرجت
عليكم سراري
نهار تحتاجوني
تكولو مرحبا يا حماري
ونهار تغضبو عليا
تبيعوني لأول شاري

الشاعر إذا ما استثاره شيء من الواقع الخارجي ، أو أرقته مشكلة خاصة أو حفز قدراته اﻹبداعية محفز ما ، قد تكون فكرة طارئة ، أو ومضة كاشفة  ، أو لقطة سريعة أو مشهد عابر أو واقعة معينة ، او حادثة ما ( يا ولاد بلادي / كلكم ركبتو عليا / نهار وصلتو / نكرتوني / كي الجاهل / كي اللي قاري / نهار نمرض / ما تقبلو عذاري / وخ أنا صوت عليكم / أنتما تسوطوني / ) ... فإن الانفعالات العاطفية تنتج إبداعا فنيا كرد فعل مصنوع من مادة خام لغوية حامل لعلامات جمالية .  إن الشاعر عموما  منفتح على الكثير من  الخبرات  ، يسمح لكل حافز بالانتقال وبكل حرية عبر جهازه العصبي دون أن يتعرض لأي وقائي أو دفاعي .  إن الشاعر يعي اللحظة المعيشة كما هي ، وبذلك فالقصائد زاخرة بالحيوية اتجاه كثير من الخبرات والتي تقع خارج التصنيفات المعتادة . وهنا تنطلق شرارة اﻹبداع عند الشاعر الزجال محمد مهداوي ...

يقول في قصيدة " يا قاضي وفي الميزان " /  الصفحة : 37 

يا قاضي وفي الميزان
راقب الرقاص
خلي عيون العدل تبان
حضى الشمعة لا تطفى
راه دموعها غاليين
يشهدو عليك
نهار يخرس لك لسان
يا قاضي وفي الميزان
خل الخيمة
تظللها ...
خلي خيول الحق
تروضنا ...
خلينا نشوفو
الدنيا زاهية ب للوان
يا قاضي وفي الميزان

تنطلق شرارة اﻹبداع وتتضح عند الشاعر حين يمتلك موهبة زجلية أصيلة ، وحدسا صادقا يساعده على التخلص من كل ما يقلقه ، فيزيل اﻷستار عما كان مبهما عنده ، وصولا إلى إنجاح إنتاج جديد وأصيل ، على اعتبار أن الزجل والشعر عموما هو وسيلة لتوصيل التجارب نفسها مترجمة ،  بألفاظ حاملة لرموز عديدة . (خلي خيول الحق / تروضنا .../  خلينا نشوفو /  الدنيا زاهية ب للوان /  يا قاضي وفي الميزان  ...) .

 على القارئ بدوره أن يحول هذه الرموز إلى تجارب تقمصية ، للوصول إلى الإشراق والتحقق لقصائد ديوان ( خليوني نحلم ) ، وللوصول كذلك إلى  أبعاد شخصية المثقف الواقعي الذي يمثل واقع اجتماعي معين ، في وقت معين ...يقول محمد موح : " ... التمرد على الواقع المعيش  ، والاستياء ممن لا يرجى منه خيرا ، أو ممن يريد هدم صرح الأجداد وتخريب بيته بيده ، فيحث الأبناء والأحفاد على التمسك بفضائل الأجداد ... ( 20 ) 

ونقرأ له في قصيدة " يا الغافل " /  الصفحة : 91 

يا الغافل ، شوف فين غادي  ////راه الموت عليك تقلب وتنادي 
يمكن تدي اليوم جارك  //// ؤ غدا يمكن يجينا خبارك 
شحال من واحد تقوى وتجبر //// نهار طاح ، مات موتة لغدر 
وشحال من واحد حفر قبر //// اتدفن فيه بعد ما تقاضى السفر
 
يرتحل الشاعر في قصائده الزجلية أحيانا بعيدا عن المجتمع ، محاسبا ومعاتبا ومنبها ، مغتربا في الذات ، وهو مستقر داخل مجتمعه ، لكنه منعزل عنه ، والعزلة هنا استعمال موسع لمصطلح اغتراب  ، وهو شعور طبيعي حين يشعر الشاعر المثقف بالتجرد وعدم الاندماج خلال لحظات التأمل الفكري ( الموت ديما ف جنبك بحال ظلك //// فوق راسك ساكنة ، غدا تلغالك ... )
للشاعر عدة مواقف كمثقف يرفض ( الحكرة / الظلم ) بكل أشكاله ومجالاته ، ورفض كذلك المآل الذي وصل إليه المثقف العربي من موت معنوي تحت عنف وفشل وقمع ...

نقرأ في قصيدة زجلية " يا الرياح العاصفة " / الصفحة : 85 

يا الرياح العاصفة
يا لملجمة ب لجام الخيل
مال صفايحك حديد
صهيلك رعد ؤ برق
ؤ سالفك جريد النخيل
بهدلتي زين الدفلة
ريشتي الطاوس
نتفتي جنيحاتو ...
و نشرتيهم كديد
يا الرياح العاصفة
حني علينا ...
شوفي ف حالنا ...

 
6 - الخلقية الأخلاقية للنص / اللغة و معيار التلقائية 

تحتل اللغة مكانة هامة كالكائن لغوي دارج  حي ، وهي التي تفعل فعلها الخاص في كل نص زجلي ، خاصة الصور البلاغية كالتشبيه والاستعارة وغيرهما ، والسؤال الذي يطرح نفسه علينا ونحن نقرأ قصائد ديوان " خليوني نحلم " ، هل اللغة النصية هي لغة الكلام الطبيعي التي يعبر به عن العاطفة والخيال ، ام أنها تقليد مقصود لتقاليد شعرية ؟ فهل القصائد صورة صادقة لطبيعة الذات ؟ أو هل هي ملائمة لمتطلبات أحسن أحكام الذوق أو الصفات العامة عند البشر ؟ وبمعيار آخر هل القصائد صادقة ؟ وهل تلائم نوايا الشاعر وعواطفه وحالته العقلية الحقيقية وقت كتابتها ( لحظة الحلم ) ؟ 

يقول الشاعر في قصيدة " لالة لمريا " /  الصفحة : 80 

أنا لالة لمريا
م عندي سر نخبيه
م عندي ورث
نهديه ...
كلمة الحق مكولها
وخ نتهرس شقوفة
ها وجهك ...
ها خيالك ...
خذو ولا خليه
اللي بغا طريق الحق
نوريه ...
وللي بغا مال ليتامى
نمشي ونخليه
أنا لمرايا ...
صافية بلار
م يبدل صيفتي
عطار ...

لقد أصبحت طبيعة الذات مرآة شفافة تقدم للقارئ نظرات ثاقبة في عقل الشاعر وقلبه ( أنا مرايتكم كاملين / م نستر عيوبكم / ما ناخذ رشاويكم / م نزوق فضايحكم / سولو الكمرة الضاوية / على سراري.../ تعرفو قدري ومقامي / ) 
، يسطيع القارئ أن يصل إلى منابع التفاصيل والنتائج في القصيدة الزجلية على أساس فعل العامل الفعال في الجمهور الذي عنده الشعر هو عاطفة تعبر عن نفسها لنفسها في لحظات العزلة .. فجميع الشعراء يلتقون في طبع مناجاة النفس ، للتأثير في الناس ، وهو طبعا الغرض من الشعر طيلة قرون عديدة  .

نقرأ في قصيدة " مال لبحر مالح " /  الصفحة : 65 

آه يا طير الطيور
مالك تحولت ل طير الليل
مين اما جا الميل تميل
لسانك عوج
ؤ صيفتك تبهدلت
بغيت تعيش وسط الروم
نسيت ايام الحلفة والدوم
لمن خليت حمارك
لمن خليت دوارك
راه لوتاد مزالا مغروسين
في قلب الرحبه
في كانت تحلى الدرسه
وتتبورد السربة

الإحساس العاطفي  في  قصائد ديوان " خليوني نحلم " إحساس فطري ، وهو شاعر بالطبع لا بالتطبع ، حيث أصبح الإحساس معبرا عن طبيعة الذات المفعمة بالتعبير التلقائي للعاطفة ...

سابعا - خاتمة : 

وأختم دراستي المستقطعة بتعريف ورد في كتاب ( النظرية الذرائعية في التطبيق ) حول صفات الناقد الأدبي : ( من الضروري أن تتوفر في الناقد الأدبي مجموعة من الشروط وهي : سلامة الذوق ، والذكاء ، والخبرة المتمثلة في معرفة الناقد بشكل كامل ، ودقة الإحساس ، أي انفعالات الأدب في الناقد وأثرها ، التعاطف ، أي المشاركة الوجدانية ، والثقافة الخاصة والعامة ، والفردية أي الذاتية ، والصدق والجدية ، والصبر بالمواصلة ، 
وحب صيد الأفكار المخبوءة ، ومحاولة صيدها بأي شكل من الأشكال .... ) ( 21 ) 

الهوامش والمراجع :

1 – مقدمة ديوان " خليوني نحلم " / ذ . محمد موح / الصفحة  : 8
2 – قراءة نقدية / ذ . سعيد فرحاوي 
3 - العنوان في الشعر العراقي المعاصر ( بحث ) / ضياء الثامري / الصفحة : 13 
4 - السيميوطيقا والعنونة / بحث / د . جميل حمداوي /  الصفحة : 96 
5 – قصيدة " الرغاية " / ناس الغيوان 
6 – انظر " معجم المعاني " 
7 – انظر المرجع (1 ) نفسه 
8 – انظر دراسة للأستاذ  " محمد موح للديوان الزجلي " لباردي والفردي " لمحمد مهداوي 
9 – النظرية الذرائعية في التطبيق / عبدالرزاق عودة الغالبي / الصفحة 159
10 – انظر المرجع ( 1 ) نفسه / الصفحة 6
11 – انظر المرجع ( 1) نفسه  / الصفحة 7
12 –انظر /   دور الذرائعية في سيادة الأجناس الأدبية / عبدالرزاق عودة الغالبي 
13 – انظ /  الذرائعية اللغوية بين المفهوم اللساني والنقدي / عبدالرزاق عودة الغالبي
14 - محمد عبدالله / رسالة دكتوراه / دستور الأخلاق في القرآن  / الصفحة  : 11
15 -  انظر " محمد رمصيص / كتاب «قلق الكتابة... تأملات نقدية في الكتابة الأدبية» (طوب بريس- المغرب) / الصفحة : 21
16 - ( الإنسان والقضية ، الإنسان قضية / ابراهيم فيلالي / موقع الحوار المتمدن 
17 – أفنان عبدالله أحمد الغامدي – الكتابة الأبداعية – مشروع ميداني في مجال الموهبة والتفوق العقلي ESPE-462- ص 14
18 أنظ   د. محمّد أحمَد الأسطل- الخـاطِــرةُ الأدبيــّة- 
- محاضرات بالمركز المغربي لتعليم النقد الذرائعيي التابع لحركة التجديد و الابتكارفي الادب العربي  
19 – انظر المرجع ( 1 ) نفسه / الصفحة 7
20 – انظر المرجع ( 1 ) نفسه الصفحة 7
21 – انظر المرجع ( 9 ) نفسه / الصفحة : 112
22 - - محاضرات بالمركز المغربي لتعليم النقد الذرائعيي التابع لحركة التجديد و الابتكارفي الادب العربي

السبت، 22 أغسطس 2020

بقلم ‏: ‏نبيلة ‏حماني ‏🎸🎸🎸🎸🎸🎸

وأنت تلامس فيض الشوق
 الثائر على وجنات الحنين
وانت  تعلو سماوات النور 
كنت تمنح اللحظة خلود حلمي  ..
أريج الشدى
بهاء الندى ..  
ترنو للسحر بلهفة المريد ..
وكنت  على مسالك النور 
أتلو تراتيل تعبدي 
أدون حقيقة مولدي..
بعيون الضياء ..
أشدو على عزف همسك 
ألحانا طرزتها لهفةٌ اللقاء.. 
اختصرتِ اللحظة أعمار حلم قديم  
ارتدت أكاليل عشقِها  
ظلت صحوا لا ينام بذاكرتي ..
كنت يوسف  يسكب السحر بعيني
يمسك يد انبهاري 
يمنحها من دمه طهرا
يغزل من النور ذرا
يوشي  ناصية  انجذابي
فتغرد النوارس من لحنه  بخافقي دهرا ودهرا 

****
وأنت هنا بنبض الصفصاف   
كان الطريق يحن إلى لقاء 
إلى ابتسامة تغتال الحريق ..
هي زغردات دم جن بالورد  
هفهفة شوق تصدع ينابيع  رحيق
وفراش ثمل من ارتشاف سحر همسك ..
****
حلمي الذي نام قريرا 
على صفحات المعاجم 
سعى للنسك بسماء بحارك  .. 
كنت تقود بهاء الليل إلى جزري
تسكب السحر غيما  بجنات المدى
تغرد لعيون الحنين
تضيع ما تبقى في من أناة 
تهطل رذاذا على  سنابل الروح
خصبا ثار بربوع أرضي 
تختصر العمر 
في غفوة بظلال صفصاف و ماء ..

   نبيلة حماني

الخميس، 20 أغسطس 2020

بقلم ‏: ز‏هراء ‏الأزهر ‏/ ‏ ‏

حكاية صديق
أذكره من نور على جبينه
كان يضيء كالوسام

تذهلني  رؤيته
ترج خافقي على الدوام

كان الجبين لازلت أذكره
يطاول السحاب يصاهر الأحلام

يطفو فوق أنف الصخر
يعانق الأرض يصاهر الأحلام

كنت أراه فارسا لا ككل الفرسان
دون سيف يتخلل كل الأيام

كبرت وكبر في نظري
معه كبرت كل الأحلام

حدثني يوما عن نقاوة الضمير
عن الشوق حين يسائل الأوهام

عن وجع الصمت المهيمن
حين يغالب ما تحدثنا به الأيام

وغاب عني صاحبي
ضاع وسط الزحام

في تلك المدينة التي
تئن تحت قبضة الظلام

يتم ....البسمة
أقبر.....الأحلام

اليوم عاد بشعلةالعشق
يوقد شمعة يحرق الظلام

ينثر الربيع في الدروب
يوقظ في العيون الأحلام

يقطع الحدود الوهمية
بالأقدام يسير للأمام

بقلمي: زهراء الأزهر

الأربعاء، 19 أغسطس 2020

الأدب ‏الحي ‏والأدب ‏الميت ‏/ ‏بين ‏مشروع ‏مارشال ‏ومشروع ‏كورونا الامبريالي ‏/ ‏بقلم ‏الأديب ‏والناقد ‏: ‏طه ‏عثمان ‏البجاوي ‏

الادب الحي والادب الميت
بين مشروع مارشال ومشروع كورونا الامپريالي
______________________________________ 

قد يظن البعض ان الادب هي حالة ذاتية منعزلة تماما عن الحراك  السوسيولوجي للشعوب فليس الادب البتة حالة وجدانية داخلية وانما هو حالة من الشعور الجمعي التي فيه تتناغم  كل تجربة إبداعية مع محيطها  الاجتماعي  وبين مقولتي : " الادب امتاع ومؤانسة " والادب مأساة أو لايكون 
 يبقى الادب ولا يزال حالة انثرپولوجية يحكمها قانون السيرورة والصراع  .. وإما عن السيرورة  فالمقصود بها ان الفكر المتجمد. لا يمكن له أن يصنع ادبا حيا واما عن الصراع فليس المقصود خلق للتنافر الاجوف  والصدام العابث والفوضوي  وانما الصراع المنتج للحركة والاكتمال  ..
ان الادب الحي هو الادب الذي يننفس  اكسيجين المعنى والجمال والقيمة والفضيلة وهو ايضا الادب الذي يقاوم كل صور الانحطاط والقبح والعهر والرذيلة  وليس الادب البتة في هذا السياق تحطيم للقيم واعراض عن الماضي ونكران للتراث  ..  بل هو تجانس في ايقاعي الماضي و الحاضر  وقد عبر ادونيس عن ذلك في كتابه الثابت والمتحول  بأنه " من لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له "  بحيث ان المتأمل في تاريخ الادب العربي  يدرك هول الزخم الابداعي لمصابيح ادبية ظلت على مر القرون مضيئة بانوار التميز والتجديد 
لكن بعد احتلال  العراق  من قبل الامپريالية المتوحشة وجدت الأمة العربية نفسها امام مرحلة جديدة من الفوضى الثقافية الخلاقة  بحيث ان  سقوط بابل الادب  مهد لانتشار الوباء  الثقافي الجديد  لدى السواد الاعظم  من الشعراء والادباء والنقاد والفنانين حيث فقدنا بوصلة حقيقية ترشدنا 
فصارت قبلة هؤلاء الفوضى والعبث الخلاقين .. فسقطت بموجبها  كل مراكز الادب والثقافة _  سوريا _ مصر  _ لبنان اليمن _ ليبيا  _ السودان  وهو ما اكد ان فيروس الرداءة بات هو المحرك لمعظم الأعمال الابداعية  باستثناء الحالات الابداعية  الراقية والمميزة  وطبعا كان من الصعب جدا خلق حركة ادبية وثفافية مقاومة لهذا الانحطاط طالما انه ينكر القائمين على العمل الادبي والثقافي في الوطن العربي حركة الممانعة هذه وينكرون اصلا مشروعيتها  بحيث انهم  لا يزالون  ينكرون  وجود حالة من الانفلات والعهر  والانحطاط ... ويرجعون ذلك الى حرية التعبير والفكر بوصفه حقا اساسيا لا يمكن تحديده أو ظبطه ..
ويبقى الادب الحقيقي هو الادب الحي الوفي لنبض الأمة وانفاسها وليس لانفاس حالة ادبية سادية  .. طالما ان الأمة تعيش احلك مرحلة في تاريخها شبيهة بحالة ملوك الطوائف

بقلم : 
طه عثمان البجاوي
الاديب والناقد المتحلج

الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

بقلم ‏: ‏نبيلة ‏حماني ‏/ ‏المغرب ‏

كما عودِ ثقاب
تأكل النار أصله 
فيمضي لاحتراق 
فلا بدء ولا انتهاء ..
كما عود ثقاب 
تصعقه صدمة التلاقي 
يشعله بريق يومض بالمآقي ..
فكلما دنوتُ من خافت الهمس
وزرعتُ النور على المسافات
أحدثُُني عن النصر..
عن أول نقطة ضوء 
وكيف كانت خلودا 
أنار جبين شهرزاد   ..
على بحر صحرائي الممتد
 تبعثرت  أطرافُ الحلم 
منحت ثغره سراب الماء 
فتشظى حمما 
تلهبه زفرات ريح عاتية 
تخطو عليه زواحف العطش
تنهل بنهم دماه ..
كلما أقسمت على الصمود بعمقك 
نارا من برد وسلام 
سفرا من عوالم الأحلام  
بعبق الأزل ..
تستبد بي عواصف الأقطاب
وجليد فصل ممتد ..
يغتال  قصة الألف ليلة 
لتعود صولةُُ شهريار ..
فيغزل من وجعي أردية الشفاء ..
ومن خصلاتي المتعبة وصمتي
ما يصنع تاج الجلال ..
كلما عتقت فيك كؤوس الحياة 
وخلتني مداما 
يمنح للشريان الدماء
تخالط شرابي لعنة الخيبات 
فتكسر كأسا في يد الحلم 
ويستبد عطش بقطراتك الشاردة ..
تنزف تلك الجراح
فينجلي رمح الخاصرة العليلة 
وقد شرب كل دمي
يسقط ظلي في هوة اغتراب 
أناديه 
أمد إليه حبل النجاة ..
أحضن ذعره 
فيحدق بي 
يقول للعشق سكرات ..
هو الموت الذي يحيا فينا 
يغتال أمنيات حبلى 
يغرق الفرح في دمعه جنينا 
شاخ ولم ينعم برشفة حياة ..

       نبيلة حماني

صرخة ‏//// ‏بقلم ‏: ‏عبداللطيف ‏خوسي ‏

شعر: عبد اللطيف خوسي 

* صرخة *

إذا حَدبَ الهَوانُ على الهَوانِ
وَ هانَ الذَّب عن شَرفِ الكِيانِ

فَلَا تَسأَلْ مُعاودَةَ الطِّعانِ
وَ لا وَهَجَ السُّيوفِ و لَا السِّنَانِ

وَ لكِنْ سَلْ لِمَ التّطبِيعُ أمسى
كنفث السُّمّ في رَحِم الأمانِي؟

يُصفِّقُ لِلهزيمةِ صَانعُوهَا 
و يَحتفِلُ  القِيانُ مَع الغَوانِي

وَ يَفرحُ بِالدَّسائِسِ من أَباحُوا
جَوازَ الهَتكِ في دَمِنا المُدانِ

وَضيعٌ يَستَدِرُّ رِضَا وَضيعٍ
فَتُخلِفُهُ المَعَالي وَ المَعانِي

سَلُوا * الأقصَى* عن الحَرمِ الذّبِيحِ
عَن المَسرَى و مَحرقةِ الزّمَانِ

سَلُوا جُمُعاتِ أَعوامٍ خَوالِي
تَقاطعتِ القَنابلُ بِالأذَانِ

سَلُونِي عن دِماءٍ يومَ * صَبْرَا *
وَ قدْ زحفَ النَّجيعُ عَلى المَكانِ

فما كَادتْ جِمارُ الأمسِ تَخبُو
لِتُحرقَنِي لَهائِبُ ما دَهانِي!

وهاأَنَذَا أُسطِّرُ وَجهَ طُرْسِي
أُوقِّعُ خَيبتِي زَمنَ ارْتِهانِي

تُسابقُ رِيشتِي خَفقَانَ حَرفِي
عَلى عَجلٍ كما فَرَسَيْ رِهانِ

أَذُمُّ القُبحَ في بَيعٍ بِبَخْسٍ
وَ قد حَدبَ الهَوانُ على الهَوانِ

عبد اللطيف خوسي
2020

.

الاثنين، 17 أغسطس 2020

شعر ‏//// ‏أجراس ‏الحكمة ‏/ ‏بقلم ‏: ‏تيسير ‏الشماسين ‏

-               أجــراس الـحكمــــة                                        -

دَعْ لِـلـخَـلـيـقَـةِ شَــأنَــهــا و تَـــعــالَ
          فـــالــلّٰهُ أَوْلَـــــى بِــالـعِـبـادِ تَــعـالـى

مــا زادَ فـيـكَ إذا عَـلِـمتَ شُـؤونَـهم
          أو قَـــلَّ شَــأنُـكَ إنْ جَـهِـلـتَ مَــقـالا

دَعـهُـمْ ، فَـمـا لَـكَ بِـالعِبادِ و مـا لَـهُمْ
          فـيـمَا بَـلَـغتَ مِــنَ الـفُـضولِ مُـحـالا

دَعْ عَنكَ ما يُرديكَ فـي نَظَـرِ الـوَرى
          و اخلَــعْ عَلــيكَ مِـنَ الرِّضـا أَحمــالا

و اصْـنَـعْ مِــنَ الـعُـقَدِ الَّـتـي آسـيْتَها
          إِذْ لاحَ فَــجــرُكَ لــلـوصـولِ حِــبــالا

قُــمْ لا تَـلُـمْ سُــودَ الـلَّـيالي و اغـتَنِمْ
          فـيـهَـا الـبَـصيصَ و لَــو فَـضـاكَ أَلالا

و اخـلُـقْ لِـروحِـكَ إن أَرَدْتَ سُـموهَا
          صَـــبــرَاً لِــتَـبـلَـغَ غـــايَــةً وَ مَـــنــالا

و اكـنُـسْ فُــؤادَكَ كُـلَّ يَـومٍ وَ اخـلِهِ
          لِــلـنّـاسِ تَــلـبَـثُ أو تَــشُــدُ رِحــــالا

و اخــرُجْ بِــه لِـلـنّورِ حَـيـثُ يَـقـودُهُ
          عَــقـلٌ و يُـجْـلَـدُ إنْ أَطـــالَ فِــصَـالا

و اجْـلِسْ و نَـفْسَكَ حـينَ كُلِّ عَشِيَّةٍ
          و احـسِـبْ لَــعَـلَّكَ مــا رُزِقـتَ حَـلالا

و اردَعْ ضَـمـيـرَكَ إنْ تَــجـاوَزَ حَــدَّهُ
          و ارجَــــعْ بِــحَــدِّكَ إنْ أَرَدْتَّ كَــمـالا

و احْـفَـظْ لِـسـانَكَ فَـالحَريقُ شَـرارَةٌ
          وَ الـــشَّــرُّ يَــبـلُـغُ بِـالـلِّـسـانِ قِــتــالا

عَـيْـنـاكَ لَـــو حــادَتْ يَـمـيناً فَـاثـنِها
          فــي غَـيـرِ أَرضِــكَ أن تَـحيدَ شِـمالا

و اذهَـبْ بِـسَمعِكَ حَيثُ لا تَرضَى لَهُ
          قــيــلَاً ، و لا تَــرضَــى لَـــهُ مِــقـوالَا

و احــــذَرْ مُحــــاباةَ النَّمــيمِ بِقولِـــهِ
          سَـيَـقُـولُ فــيـكَ كَــمَـا بِـغَـيرِكَ قــالا

إيَّــــاكَ .. لا تـــولِ الـمُـنـافِـقَ هِــمَّــةً
          فَــغَــداً يَـبـيـعُـكَ إذ لِـغَـيـرِكَ وٰالـــى

و احـــذَرْ مُـقـارَعَـةَ الـصَّـغـيرِ فَــإنَّـهُ
          يَــرقـى لِـشـأنِـكَ إنْ أَتَـحـتَ مَـجـالا

و اهـبِـطْ لِــدونِ الأَهــلِ تَـعلُ مَـكانَةً
          فَـالـمَاسُ مِــنْ قَـعـرِ الُأروضِ تَـعالى

لا تَـطـلُـبَـنَّ وَجــاهَـةً ، و اركُـنْ لَــهـا
          تَـطـلُـبْـكَ رَغــمَـاً إنْ أَجَـــدْتَّ فِــعـالا

لِــبــسُ الــعَـبـاءَةِ لا يَــزيــدُ مَـهـابَـةً
          إنْ لَـــمْ يُــنِـرْ عَــقـلُ الـمُـهابِ عِـقـالَا

فـالـرَّاشِـدُ الــفـاروقُ خَــيـرُ خَـلـيـفَةٍ
          و الــثَّـوبُ مِـــنْ آلِ الــرِّقَـاعِ تَـبـالـى

مََـهـمَا صَـنَعتَ فَـلَنْ تُـضيفَ لِـناقِصٍ
          فَسُــهولُ أَرْضِــكَ لَــنْ تَـصـيرَ جِـبالا

و احْفَظْ مَـكانَكَ في المَجالِسِ ماتِعَاً
          مِــكـيـالَ قَــولِــكَ لِـلـحَـديثِ ثِــقَـالا

فَـمـهـابَةُ الــرَّجُـلِ الـحَـكيمِ بِـصَـمتِهِ
          و إذا تَـــكــلَّــمَ جُـــــــلُّ ذٰلِــــــكَ زالا

فَـــرُزِ الــرِّجـالَ و لا يَــغُـرُّكَ قَـولُـهُـمْ
          فَـعُـيـونُهُمْ بِـالـقَـولِ أَصَـــدَقُ حـــالا

و ابــدَأ بِـذِكـرِ الــلّٰهِ مَـسـموعَاً تَـكُـنْ
          و اجـزِلْ تَـطبْ عِـندَ الحُضورِ وِصالا

و اصْـبِـرْ عَـلـى مُـتَـحَذلِقٍ أو جـاهِلٍ
          و تَــحَــرَّ ، لا تُــــولِ الـمَـنـاكِفَ بـــالا

و اكــبَـرْ عَــلـى مُـتَـكَـبِّرٍ مُـتَـعَـجْرِفٍ
          و ابْــسُـطْ كَـمـالَـكَ فَــوقَـهُ وَ تَــعـالَ

أَبــنــاءُ تِـسـعَة يـــا ابـــنَ آدَمَ كُـلُّـنـا
          و عَــلـى شَـفـيـرِ مَـصـيـرِنا نَـتَـوالـى

فَـالـرُّوحُ مُـلـكُ مَــنْ الـتَـهيتَ بِـمُلكِهِ
          فَــغَـداً تُـــرَدُّ و لَـــو مَـصـيـرُكَ طــالا

مـــا دامَـــتِ الـدُّنـيـا لِـسَـيِّـدِ خَـلـقِـهِ
          حَــتَّـى تَـــدومَ لِـخـائِـلٍ قَـــد خَـــالَا

فَــارفِـقْ بِـنَـفـسِكَ لا يَـغُـرُّكَ زَهـوُهـا
          لا نَــفـسَ تُـنـكِـرُ أصـلَـهـا الـصِّـلصالا

و الْــهِـمْ بِـخُـلـقِكَ عـــاذِلاً و مُـعـادِياً
          لِـلـخَـيرِ ، و افْـسَـحْ لِـلـصَّفاءِ مَـجـالا

و اخفِضْ جَناحَكَ لِلسَّلامِ فَما انثَنَتْ
          فــيـكَ الــمُـروءَةُ لــو حَـقَـنتَ نِـكـالا

فَــالـشَّـرُ مَــعـقـودٌ بِــــأرذَلِ خَــلْـقِـهِ
          و مُــحـالُ يَــهـوَى الـطَّـيِّبونَ عِــذالا

فـإذا اضْـطُررْتَ إلى النِّزالِ و مُرغَماً
          فَــاكـسَـبْ غَــريـمَـكَ إنْ أرادَ نِــــزالا

و زِنِ الـصَّداقَةَ فـي الـظَّلامِ فَـمَا لَـها
          وَزْنٌ لِــيُـبْـصَـرَ إنْ لَــمَــحـتَ هِــــلالا

لِــلــنَّـاسِ أَوزانٌ تُـــقــارِبُ بَــعْـضَـهـا
          غَـيـرُ الَّــذي فــي الـقَـلبِ أَكـثَـرُ مَـالا

و يَفيضُ مِنْ عُنُقِ الفُؤادِ إذا انقَضى
          مـــالٌ ، وَ مـــلَّ الـحَـظُّ مِـنـهُ و مــالا

فَـالـنَّـاسُ لَـيْـسَـتْ بِـالـمَظاهِـرِ إِنَّمَــا
          بِــالـفِـكـرِ تُــبـصِـرُ لِـلـحَـيـاةِ جَــمــالا

فَـالـمَـظهَرُ الـجَـذّابُ يَـخـدَعُ فـارِغَـاً
          و يَـروزُ نَـدْسٌ تُبَّــــــعَاً و زِمـــــــــالا

قَــدْ صــارَتِ الأَشـنـابُ تُـعـتَقُ زيـنَةً
          مُــــــذ آلَ مِــنــهـا لِــلـخَـنَـا مـــــا آلا

زَمَـنٌ ( تَـوَلدَنَ ) و الـرِّجالُ تَـضاءَلَتْ
          و يَــقــودُ أَشـبــاهُ الــرِّجــالِ رِجـــالا

بَـعضُ الـسُّيوفِ مِنَ الحَديدِ تَشَكَّلَتْ
          و يُـزَيِّــنُ الــحَـجَـرُ الـكَـريـمُ نِــصـالا

فَـالقَصدُ فـي بَـسطِ الـحَديثِ مَفادُهُ
          أَنّـــى بَـلـغـتَ بِــمـا بَـسَـطّتَ فِـضـالَا

أَعــرِضْ عَـنِ الـفِعلِ الَّـذي إن شـابَهُ
          رِيــــبٌ تُــضَـيِّـعُ بِــالـحَـرامِ حَــــلالا

و اسـلُكْ طَريقَكَ في الحَياةِ فَسَهلُها
          وَعـــرٌ ، فَـكَـيـفَ إذا سَـلَـكـتَ تِـــلالا

فَـانظُرْ ، فَـحَولُكَ مِنْ فَصيلَةِ جِنسِنَا
          بَـــشَــرٌ بَــــواقٍ يَـمـتَـطـونَ خَــيــالا

فَـالبَعضُ مِـنهُمُ لَـو قَـرأتَ وُجـوهَهُمْ
          لَـسَـلَـوتَ فـيـما قَــد قَــــرَأت مَــــآلَا

فَـاخْـتَرْ رَفـيـقَ الــدَّربِ مِـمَنْ مـا لَـهُ
          وَجــــهٌ لِــيُـقـرَأَ إنْ أَصَــبـتَ مَــطـالا

و احـقِر - مِـنَ الـقَومِ - الَّـذي بِـلِسانِهِ
          نَـــمِــرٌ و يُــصْـبِـحُ إنْ زَأَرتَ غَــــزالا

لا تَقــرَبَنَّ الـنَّذلَ في نَسَــبٍ و خُــذْ
          مِــــنْ بَــيــتِ أَصــــلٍ إنْ أَرَدْتَّ دَلالا

فَــإذا الـسُّـنونُ تَـلاءَمَـتْ بِـجُحودِها
          عِـــنْــدَ الأَصــيـلَـةِ لا تُــبَــدِّلُ حَــــالا

و بَـنـونُـها يَـــرِدُ الـمَـخـاوِلَ عِـرقُـهُمْ
          فَـاخْـتَـرْ لَــهُـمْ قَـبْـلَ الأُمـومَـةِ خَــالا

و اخـتَـرْ أصــيـلاً لـلـكَـريمَةِ حَـيـثُـما
          لا يَــصْـنَـعُ الــمــالُ الـوَفـيـرُ رِجـــالا

فَـالـمالُ يَـذْهَـبُ و الأَصـالَـةُ مــا لَـها
          عُـــمــرٌ لِـتَـفـنَـى أو تَــشِــحَّ جَــــلالا

و الـمـالُ لا يَـشـري الـرُّجـولَةَ إذْ بِـها
          نَـــــــزفٌ ، و طَـــبْـــعٌ لِـــلـــرَّداءَةِ آلا

و اقـصُـدْ بِـيـوتَ الأكـرَمينَ مُـجاوِراً
          تَـــنَـــلْ الــكَــمـالَ إذا أردتَّ كَـــمــالا

إنْ لَــمْ تُــزَدْ فَـضـلاً فَـيَـكفي طـالـما
          تَـــزدادُ مِــنْ شِـيَـمِ الـكِـرامِ خِـصـالا

و احـــذَرْ مُـجـاوَرَةَ الـبَـخيلِ فَـبَـيتُهُ
          قَــبــرٌ وَ تُــحـسَـدُ إنْ قَــرَعــتَ دِلالا

و تَـجَنَّبِ الـرَّجُلَ الـحَلوفَ و مَـنْ إذا
          جــادَلـتَ يَـسـبِـقُ بِـالـيَـمِينِ جِـــدالا

فَـالصِّدقُ يُـقرَأُ إنْ نَـطَقْتَ وَ فُـسحَةٌ
          لِـلـصِّـدقِ تَـنـضِبُ إذْ حَـلَـفْتَ طِـوالا

و يُـشَـكُّ فـيكَ إذا اسْـتَعَنتَ بِـشاهِدٍ
          لِــيَـقـولَ فــيـكَ مَــراجِـلاً و نِــضـالا

مَـعـنى الـرُّجـولَةِ لا يُـصـاغُ و أَصـلُهُ
          فِــعــلٌ يُــــذاعُ إذا أجَــــدتَ فِــعـالا

يــــا أيُّــهـا الإنــسـانُ أنَّـــى تَـبـتَـغي
          فَــضـلاً ، و تُـبـخِسُ رَبَّــكَ الأَفـضـالا

لا تَـــرجُ دُنــيـاكَ الــغَـرورَ ، فَــواهِـمٌ
          مَــن عاشَ فـــي أحضــانِها مُخــتالا

هَل ذات يَومٍ قَــد عَلِمـتَ مِـنَ الوَرى
          مَــنْ طالَ أنـفـاسَــاً لَــهُ و خَـيالا ؟!

مَـن لَـــم يَنَلْ مِـــــنْ أَمـــرِهِ أنفَاسَــهُ
          أَيَنالُ مِــنْ زَيـفِ الـدُّنا مــــا نَالا ؟!!

هٰذي هــــيَ الـدُّنـيـا فَــكُـلُّ مَـتـاعِـها
          إن لـــم يَـــزُلْ فَـلِـصـاحِبٍ قَـــد زالا

بِــالــلّٰهِ نُــؤمِــنُ و الـدِّيـانَـةُ مَــنـهَـجٌ
          و الـنَّـهـجُ يَـسـبِـقُ لِـحـيَـةً و سِـــدالا

جَــرُّ الـمَـغانِمِ و المَـكاسِبِ قَــد غَـدا
          بــاســمِ الــدِّيانَةِ حِــرفَــةً و مَجَـــالا

فَـاعرِضْ عَـنِ الـمَــرءِ الَّذي في دِينِهِ
          غـــايٌ لِـيَـبـلُغَ فـــي الـحَـيـاةِ مَــنـالا

و ابــذُرْ فَـخَـيرَاً إنْ بَــذَرتَ حَـصَدْتَّهُ
          أَجــرَاً وَ تَـكـسَبُ إنْ حَـصَدتَّ غِـلالا
  
تيسير الشَّماسين
الوطن العربي - القطر الأردني

٢٨ / ١ / ٢٠١٧

شعر ‏: ‏تيسير ‏الشماسين ‏

-                مُرور على الخاطر

أَوجَـعـتَنى يـا قَـلبُ مـا فـي وحـدَتي
          نَـــاسٌ ، و لا فــي مَـجـلِسِي جُــلَّاسُ

أَوجَـعـتَني حَـيـثُ الـمَـواجِعُ لا تُــرَى
          مِـنهَا الَّتي مــا في الخَفَــا قَدْ داسـوا

عَــادَ الـجَـميعُ إلــى حَـقـيقَتِهِمْ و مــا
          قُـــرِعَــتْ وَرَاءَ إِيــابِــهِـمْ أَجـــــراسُ

عَــادوا إِلــى حـيثُ الـفَضَاءات الَّـتي
          فــيـهَـا إِلَــيـهِـمْ تَــصـلُـحُ الأَعــــراسُ

عَـادوا ، كَـأَنَّ نَـسيمَهُمْ عَـصفٌ و ضُو
          ءُ ، نَــهَـارِهِـمْ و شُــروقُـهُـمْ إِدمَـــاسُ

خَـلَـعوا قُـشُـورَ وُجـوهِهِمْ و تَـكَشَّفَتْ
          مِـــنْ دونِــهـا الأَلـــوانُ و الأَضـــراسُ

كــانــوا أَمــامــي كـالـمَـلائِـكَةِ الَّــتـي
          فَـــوقَ الـــوَرَى ، و صَـلاتُـهُمْ قُــدَّاسُ

كَـانـوا كَـزَهـرِ الـبَـيلَسانِ ، و عِـطرُهُمْ
          إِنْ فـــاحَ تُــدمِـنُ فَــوحَـهُ الأَنــفـاسُ

كَــانــوا بِــأَريــاقٍ يُــخـالِـطُ شَـهـدَهـا
          مَـنـطـوقَهُمْ و الــبَـوحُ و الإِحــسـاسُ

لَــمْ يُـخْـلَقُوا مِــنْ طِـيـنِ آدَمَ حـيـنَما
          شَـــــقَّ الــفُــؤادَ بِـعَـتـمِـهِمْ نِــبــرَاسُ

يَـتـلَـوَّنـونَ .. و بِـالـنُّـفوسِ سَـويَّـتـي
          قَــدْ عَــزَّ عَـنـهَا فـي الـخِداعِ حِـدَاسُ

فـأَنَـا الَّــذي فـي شـارِبي قَـطَنَ الـوَفَا
          و بِــظِـلِّ ذِقــنـي يَـسـتَـفيءُ حَـمَـاسُ

لا أُتْــقِـنُ الـلُّـغَـةَ الَّــتـي قَـــدْ أَتـقَـنـوا
          لُـــغَــةُ الــنِّــفـاقِ دِرايَــــةٌ و مِــــراسُ

لُـــغَـــةٌ تُـــجَـــرِّدُ أَهــلَــهَـا أَثــمـانَـهُـمْ
          و يــخـيـبُ فـيـهـا بِـالـلُّـغاتِ قِــيـاسُ

كُـــلُّ الـمَـعـارِكِ غَـيـرَ مَـعـرَكَةِ الـخِـدا
          عِ يَــحــوزُهَــا مُــتَــمَـرِّسٌ خِـــــلَّاسُ

إِلَّا أَنـــــا فَـمَـعـارِكِـي مــــا خُـضـتُـهـا
          و حُــسِـبـتُ أَنّــــي رابِــــحٌ قَــــوَّاسُ

قَـــد بَــاعَـدوا بَـينَ الـمَـفَاهيمِ الَّـتـي
          مِــنــهـا تَـــرَسَّــخَ لِــلـوَفـاءِ أَســــاسُ

الــكــاذِبـونَ الــمــارِقـونَ الــفــاسِـدو
          نَ الـضَّـامِرونَ عَــنِ الـرُّؤَى الأَنْـجَاسُ

لَــمْ يَـبْـقَ مِـنهُمْ فـي مَـعاقِلِ خـافِقي
          رَجُــلٌ لِـيُـقرَعَ فــي حُـضُـورِهِ كــاسُ

فَــرُّوا مِــنَ الـبَـابِ الـمُخَصَّصِ لِـلنِّسَا
          ءِ ، و لَيتَهُمْ قَدْ أَصلَحوا ما حاسُوا !!..

تيسير الشَّماسين 
الوطن العربي / القطر الأردني

عمَّان - ١٠ / ٨ / ٢٠٢٠

رسالة ‏إلى ‏زجل ‏قادم ‏/ ‏من ‏قصيدة ‏: ‏مديح ‏الجذر ‏العالي ‏/ ‏عزيز ‏غالي ‏

رسالة إلى زجل قادم

من قصيدة " مديح الجذر العالي "

مقتطفات : - فْتوح الحداثة -

* احفظوا
كبدي/قلبي
أمعائي والرئتين
في خوابي في كل الجهات..

ولا تحفظوا أشعاري
فهي تحت شفاعة الريح
تحفظها في السحاب..

ألأني صاحبت الآلهة
طول حياتي..؟

ربما تدرون.

* الشعراء يتبعهم الغاوون
وأنا الغواية.

* أنا وُ الحداثة
شْرَبْنا
مَن الما الصّْديدْ..

وُ عْزَفْنا بَلَوْتارْ
" لحن الخلود "

وُ غنِّينا فْ شُوَّاظْ النار
" وحياة عينيك ".

* اليُومْ
غَنَعْطي الحُرَّاسْ..
بِالمُوافقة مْعَ شي ناسْ
أمْرْ
باعتقالْ
الشِّعرْ المُباشرْ..

وْ غنعطي لَلْحَوَاسْ
بْصَوْتْ لَنْفاسْ..
أمر
بالبحثْ
في غموضْ النَّصْ الآخرْ..
بصفتي شاعر.

* لِيكْ أنا ساجَدْ
قُتليني
يا " إيزيس " 

كَفّْنيني
بْخيوطْ الشمسْ..

وُ حركِgيني
بالما مالَح
كgاسّْ.

 * مَزيان
يا ظَلْمة
تبقايْ ف Noir

عْلاشْ عْليكْ بِظُلُمَاتْ
الميلتيكولورMulticolore

تفضحَكْ بَاللّْوانْ.

* ما سخات الكgمرة
بَرْفاكgتْ العشاقْ..
وُ قَيّْلَتْ
حْتى لَلصباحْ..

بَعْدْ دَرْكَتْهَا
شمس الطّْلوعْ..

تْغطّاتْ بشجرْ التَّفاحْ
وُ غْفاتْ..

باتْ الليل الثاني
مَشتاقْ/ مفجوعْ

وماتت
" إيزيس ".

* شكون طرز التريسينتي
بشمع الكريان
للي مزال بْلا ضو بلا ما..
لشاعر كان يتعاف
بغى يْسَخَّن ليه لكتاف
بكgرايد القبطان..

عْلى غِرارْ
مبايعة " أمغار "..

ياك هو للي
خَيَّط فُمْ
شَمَّعْ فُمْ
وُ ركَّبْ فَّامْ جداد
طْلَقْها
تسرَح وُ ترعى
ف فيرما
عريضة وُ واسعة
أرضها بورْ
و ماها غورْ..

شكون عكَّgزْ الما..؟

طار
" أنزار "
للسما..
و بلا رَجعة.

* بحالِّي
شفتيها بعينيك..

دجاجة خنثى
دارت ما دار الفروج
ل خوتو..

عوقات
دلات الجناح
وركبات
على خَتْها.

* زيدوا عرِّيوْني
وانا De'ja عريان..
ياك ثالثنا الشيطان..

خلِّيوْ " أفروديت "
تْغازَلْ " أرتميس"..

واه يا لهوى

" حَيَّدْ ايدَكْ
على راسي
حتى نفوتوا لعراصي ".

* واحد
جوج
ثلاثة..

أنا و بَّا..
بعنا الهواتف الذكية
ف Sparta 
بمعركة " سلاميس "

وُ تْخَلَصْنا مَن المُوتى.

* الليف البا تَّ
انتَ اكثر
من ظلمة
بسرعة الضو..

و اكثر من الشِّعر 
للي جاي
قتاتة.

* الليف البا تَّ أثَ..

ألا هل أتاك
انزياح الحداثة
لفعل/ شحث و امتطى..

في شعرِ ارتضى صدقة..

رام السطر واتَّكى..

لولا زجال الحلقة
لسان و كgلب و ورقة
مَلَّكْ حطَّة بْحطة..

ما طبَّعْ ما ضبَّع..

غنَّى العُروبة 
حتى ضرَّاتها الضرسة..

دَّا السخط
و باع الرضى..

و ضحكات أوروبا
ف جامعنا لبلا
حتى مشات
تسطى.

* ميرنا عنقات سردينا
باحت ليه بسر
و تغطاو بالخز لحمر..

الحوت لكبير
زاد فالمحضر
إسم خُر..

تنفاو خارج لبحر..
طاحو فطاجين باسل..

ذات مهرجان زجل
في  " Volubilis فولوبيليس"
ب وادي " خومان "

تْخَلَّطْ فيه الحوت لكحل
بالحوت لبيض الحر..

خرج الحوت كامل
واجه الرمل
بغى يعرف السر..

طْلَعْ الحوت لكبير
مشدود من الخَيْشُومْ

باستفهام كgوشي صغير
ل صَنُّورْ صغير..

عادْ اليُوم
بْدا العُوم.

* و حق " أساف " و " نائلة "
حتى ندير عرس..

ناخذ معايَ الشعرا
و نديروا التبوريدة
 ف الكgمرة..

خاص غير أفلاطون
يِتْصَنَّتْ لمرئ القيس..
و يعطينا ترخيص.

يتبع

بقلم ‏: ‏نور ‏أبو ‏شامة ‏حنيف ‏

نُزْهَةُ الْإِشَارَاتِ فِي بِلَادِ الْبِشَارَات
...
1 –
لِلْقَلْبِ مِيقَاتُ الرّنِين ... 
 فَاكِهَةٌ تَسْرِقُ مِسْكَ الرّوح 
 تَـرُشُّ غَضَبَ الْقَوافِي  
رَشّات ...
وَأَنَا أَمْضِي 
 أَمْضِي إِلى وَجِيبِ الْإِشَارَات 
أَبُثُّ الطّرُقَاتِ مَرَايَا ،
وَ فَرَاشَات ...
 أَبْنِي حُقُولَ الْعِشْق 
 لَبْلَاباً ...
 يَتسَلٌقُ مَدَارَاتِ الْحَنِينِ 
فِي أَراجِيحِ النّهَايَات ...
2 -
تَنْدَسُّ صَبَاحَاتُكِ 
بَيَاضاً فِي جُبّةِ اللّيْلِ 
تُحْرِجُ شِفاهَ الْفَجْرِ  
بِلَذِيذِ اللَّثْمِ الْمُتْرَفِ ... 
دَمِي نَافُورَةٌ مِنَ الظّلَال . 
الْآنَ فَقَطّ
 أَفْهَمُ سرّ انقلابِ الْإِيقَاعَاتِ  ، 
فِي هَوَاجِسِ الْإِشَارَات 
...
3 -
هَذا الْقُمَيرُ عَلَى جَبِينِكِ 
يَتَنَازَلُ لِي أَنَا وَحْدِي ... 
أُحَدِّقُ فِي بَصِيرَةِ الْهَالَاتِ  ... 
وَ لَا أَنْبُتُ فِي كَفَّيْكِ 
إِلَّا سُؤالاً ، 
يُشْبِهُ طِفْلاً ،
 يَلْبَسُ الْجَنَّةَ جُبَّةً  ... 
وَ تُعَرِّيهِ مِنْ دَمِهِ 
طَوَاسِينُ الْإِشَارَات
...
4 -
قَلْبُكِ ، وَحْدَهُ الْبِشَارَةُ 
وَ كُلُّ الْبِشَارَات ... 
وَ الْبَاقِي ، مَوْجَاتٌ ... 
مَهْمَا أَرْخَتْ خُصْلَاتِهَا
عَلَى زِنْدِي... 
تَبْقى الْمَوْجَةُ مَوْجَةً ... 
وَ الْبِشَارَةُ ، إِشَارَات
...
5 -
فِي لَمَاكِ ... 
تَرْتَعِشُ شَهْوَةُ النَّهْرِ ... 
أَهْجُرُ الْبِلَاد ... 
تَتْبَعُنِي صُرَاخَاتُ السَّيْل 
أَفْتَحُ بَابَ الْجُنُونِ ... 
تَجْرِفُنِي سَنَابِكُ الْخَيْل ... 
وَ إِذَا عَيِيتُ ، 
أَرْقُدُ قَرِيرَ الْعَيْنِ 
عَلى نَشِيدِ الشِّفَاه ... 
فِي انْتِظارِ لَغْوِ النّهارَات
...
نون حاء

بقلم ‏: ‏أمينة ‏إزداغن ‏

كنزي حروف

ما تقوليش، اعلى سر خطوطي
قولي... اعلى ذاك الكنز لمخبي حروف
قولي... اعلى شهدة عسل حديثي
المكتوبة معاني بدم الجوف

خامة...تهد بصداها حيوط
تعيط بميزان قوافيها عالي

طالعة ندهة... حرفها بركي حرطان
مورداه أنا، نحكيلو عيوط قصايدي

سري كان حرف...كان وصية فنان
شمسي بيه كانت صباحي مضوية اتلالي

روحي عاشقة لذاك السر لمبخر لوبان
جذبة الحرف، كنز لجدود ورثو غالي

زممتوا فقلبي طابع، حرفو صليب فنان
يا الساكن فروحي مجذوب اقوالي

تبورد فضلوعي عيوط، نشد لجامك بحكمة زمان
نفرق البهجة امثال و معاني، اعلى كل من كان بحالي.

بقلم ذة. أمينة سعيد إزداغن
في يومه  13 غشت 2020 بالدار البيضاء - المغرب

بقلم ‏: ‏سعاد ‏السبع ‏

تيه الروح...
 
هو ذا أنين الحرف و عزفه يهز
الأوتار
من يدري
عساه يحكي قصصا
ويغازل الجرح
وما بال الأوصال؟
أتفرس الواقع ينزاح
عن السياق
دعوا الأيام العجاف
تخطه ما دام التاريخ
خرجت من قمقمه الأساطير
فما بال عرش بلقيس
وإيوان كسرى
لا يسمعان وكأن في آذانهما
وقرا؟
أدركت أن كل شيء إلى
زوال..
وحدك أيها الحرف
شاهد وشهيد
والباقي نثار وغبار
وحده البياض يسكن العيون
والسواد يختلس الخطى في بهاء
لا تسالوا بربكم كيف
توارت الابتسامة حيث
أقام القهر فمن ترى منا
الملاذ..؟
تحول العالم إلى كومة بارود
فانفجرت منه الحرائق
فكان ميلاد سيمفونية ضجيج
ثار في صورة سراب
تاركا وراءه أنين صبية
تحن لروح مرت من هنا
أكيد كم كانت تداعب أوتار
الفؤاد وتراقص شعلة
ستبقى تروي صهوة
الجنون
ما هم إن راقصت عنوة
إيقاعات السيوف
ففي بريقها يولد نشيد
الشجون
والجفون

سعاد السبع من المغرب

قصيدة ‏من ‏ديوان ‏غوانيات ‏مجذوب ‏/ ‏محمد ‏كتامي ‏

💦 آشتا تاتا 💦
شحال من دولة هذا حالها
 مستعمرة راسها
بسنانها و ضراصها
 و ما جايبة اخبار
 دايرة  راسها من الكبار
معمرة أرضها غير بالغبار
ومدوخة  كبار و صغار 
 بقصة  جحا  والمسمار
 الخدمة بالرشوة و العبار
هد يضرب تمارى بالليل القمار
هدا ياكلها باردة  بالنهار الگهار
هدا يبوس و  يعطي الفلوس
 باش يوصلو الخبار 
حتى يتمكن من المدينة و الدوار
يدير حوانت و يبدا يرفع فالأسعار
يزرع الصهد باش تموت شلا أشجار
يدير فالطرقان  كوارث و يسميها فالكود و الفار 
يدير مشاريع باش يشري فيرما و يبني فيها الدار
على ظهر نخل و الزيتون و التفاح و العرعار
يغلي  الماء و الضوء عل المسكين بدون إشعار
 ويسكتو هادي هي الأسعار
يتسيف فصفة الخير و هو شر من ألأشرار
شحال من خو مستعمر خوه بلا استعمار
فقلب الدار
شحال من جار حاسد الجار
 على والو
 غير من حيت هو جار
حتى القصة ما بقاتش غريبة
 الطيارة ولات بلا طيار
العالم وصلوا الخبار
و بدات نواقص تطنطن على راس العطار
لي ما صنع طيارة و باقي متشبت بالحمار
باقي تيتصرع و يتكوى باجمار
باقي معمر القهاوي وخاوي الدار 
 الوقت محسوب عليه و ما جايب اخبار
قلة ما يدار
يعجبوك فكلام الخيار 
العلم نور و الجهل عار
و هما معمرين القهاوي بالليل  و النهار
مدرسة من مدارس هدم ألأفكار
أجيو  نبيعو القهاوي  و نشريو المصانع
نغنيو عن السؤال شحال من هابط طالع
ما بين القهوة و الجامع
ما بقى عارف فين غادي واش واقع
ما تيسمع غير أش من فصيلة انت تابع
واش من الحراثة 
ولا من اصحاب آشتا تاتا
ولا تعرف تلون و تكون تاتا
ولا غياط تتسمع طبل الحواتة
ولا قاري وفاهم الرجل من شماتة
سير حتى
ما تبقى حتى نبتة
ونزرعوك  قوقة ولا لفتة

قصيدة من ديوان غيوانيات مجذوب
للشاعر الزجال محمد كتامي🇦🇱🌴💖🌺💦🌺💖🌴
17/08/2020

قراءة ‏نقدية ‏بقلم ‏: ‏سعيد ‏فىحاوي ‏/ المغرب ‏

ج1.

دلالة النفي والمحو بعمق التجلي في صناعة العالم من خلال متاهة محمود درويش ودوامات  مصطفى الشليح داخل الشعر.

مصطفى الشليح يكلم الموت لتتشظى الحياة في حوارية خارج المعنى لإنتاج كتابة تتسرب من ملامح يوسف وهو يحدث الوجود ويوقف نبض الارض والسماء. يوسف يكتب الرفض لتنتعش الرؤيا وشاعر ببدين فارغتين يحدد وجع الَنوارس  وهي  تشق تعب الموج سعيا عن  بحث في أبدية متشظية. إن يوسف محمود درويش ظاهر َمعلن عنه؛ اما يوسف مصطفى الشليح مبطن تحيل عليه عبارات دلالية بنوع من الحذر الواعي الذي تلتقطه بعض المؤشرات البنائية والسياقية من جهة أخرى. محمود دريش يكشف عنها بجلاء تام(انا يوسف ياابي...) ؛ مع مصطفى الشليح ينقرها بمؤشرات عدة ( هل قلت لك...) '؛ثم إحالات اخرى لفظية؛ منها اسلوب (ياابي..)  التي تكررت لفظيا؛ لتفيد صياغة (ماذا فعلت عندما  قلت ياابي...) ؛ هو اسلوب يربط بين شاعرين في توظيفهما قصة يوسف للدلالة عن عوالم تعني لهما  مسار تحققهما معا من زاوية كل واحد كيف يحدد موقعه الطبقي داخل مجتمع الشعر؛ كرؤيا وتصور الى العالم؛ وكنسق معرفي يجعل منه الشاعر كتابة يفجر بها ما يلائم تصوره للحياة في  الكتابة الشعرية. 
مرافقة حميمية تفتث الغاز. المعاني وهي تحبو في  بحر متاهة الرحيل.  لأن للشعر  اطراف متعددة؛ متناحرة احيانا ؛ متداخلة احيانا اخرى؛ بل متصارعة في مجالات متعددة بأبعاد بنائية هادفة؛  لان اساس الحمق في تجليه هو عندما يحاول الشاعر اخراجه من ذاته ليجعل منه عمق متاهته . ربما كان ذلك سرا قويا جعل مصطفى الشيح يقذفنا بهذا البعض من شعره؛ فكان مرا يحاور الموت؛ ويجعل منها حياة في صناعة تجليه. ما جعلني استحضر يوسف في دوامة الرجل هو اعتماد  عدة إحالات نصية تفيد لغز الترابط بين يوسف مصطفى الشليح ويوسف محمود درويش؛ فهما معا انتاج تحولات عميقة في تمفصلات الكتابة بأبعاد مرجعية متنوعة.  هنا يوسف يتمظهر  بغلاف مختلف؛ لأن استحضار يوسف وتوظيفه؛ ليس من اجل الاجترار والنسخ؛ بل كل شاعر جعل منه عمقا في اختياراته ومحور كونه بتلاعبات عدة. ساكون مجبرا  للكتابة عن اليوسفين حسب التوظفين المتمايزين . 
يستهل مصطفى الشليح خطابه بسطر شعري دال: (هل قلت لك.:) ؛ هنا تثيرني دوامة يوسف محمود درويش؛ (هل جنيت على احد عندما قلت إني...) ؛ ماببن العالمين تتحقق تجليات مثيرة تفصح عنها التلفظات المتفاوتة الرؤى والتصورات. هي احالة قوية في المرجعية على الغياب والموت؛  اللذان اراد الشاعر جعل منهما موضوعا لتفاهة حياة تبزغ بسمة القتل المجازي الذي يفكك بنيات عمقيقة في تفكير شاعر يعيد التاويل من زاوية تهم تفكيك أفق انتظارنا البسيط.؛ لكن كل يوسف ذهب في منحى خاص به. تختلف الابعاد وتعدد الدلالات ؛ لان مصطفى الشليح ذهب بالخطاب من الذات  الانية(ديكارت)  الى  الذات /الاخر/الهو (هايدغر) ؛ ليصبح الكون عنده ارض صغيرة تتلولب في تيهه؛ وهي تغرد حمقه الشعري بصبغة ان حدد مساحتها في متاهته فجعل منها كوكبا صغيرا يجتر تجاعيد بحر جامد؛ لان ارضه ثابثة لاتدور؛ هي كذلك لان عالمه صغير جدا؛ فماذا فعل هو عندما راى الارض بمحددات جد مضبوطة؛ هل في ذلك خطأ عتدنا جعل منها حمقا  غير مقبول كما فعل اخوة يوسف في قصتهم مع يعقوب الاب؛  ماذا فعل الشاعر عندما اجتر  سرب النوارس وهي تمطط أمواج سرابه  في أرض محكوم عليها بالموت؛ مادامت ثابثة. كما النوارس ثابثة هي الاخرى؛ محكوم عليها بلاطيران فوق ارض جامدة  لاتتحرك؛ في فضاء مكاني صغير؛  دائما في خطاب موجه لاب غير محدد؛ يعاتب وينتفض؛  رافضا ماراى ؛ واصفا المحتويات التي تحيط به؛ يتساءل حول الموج باحثا عن من علمه السباحة؛  في كل حركة يستحضر الموت كنتيجة.
 الارض الثابثة التي لاتدور هي موت مجازي مشفر ؛ والنوارس التي لاتطير هي إحالة على حياة راكدة والامواج التي تسبح خارج المعنى هي بلا ذات متعفنة جامدة محكوم عليها بالفناء والغياب؛  فيعود نافيا طرحه لمقولة القول؛ ناكرا ومستنكرا؛ لايريد ربط عوالمه بفن الكلام؛ لانه يعرف انه مسعى فارغ يقود نحو الموت والنهاية ؛ يقول؛: (انا ماقلت لك؛)؛ هي  إحالة على هروب من واقع القول الذي سيقود لامحالة نحو الموت الى واقع اللاكلام الذي بكل؛ تاكيد؛ سينتج بعضا من الشعر. . 

شيءٌ من الشعر:  
     
هلْ قلتُ لكْ:
لمَ هذه الأرضُ الصغيرةُ
لا تدورُ ؟ ولمْ تجاعيدٌ يدا للبحر
تبدو يا أبي ؟

سربُ النوارس موجة
ليستْ تطيرُ. تكسَّرتُ، والرملُ
يجبرُ أَوْ يشيرُ، وجثة / زبدٌ قتيلٌ
يا أبي ؟

منْ علَّمَ الموجَ السباحة
خارجَ المعنى، فقامرَ باليدين 
وضجَّ، منْ تعبٍ، وعاجَ على اليدين
وكان موتا يا أبي ؟

منْ كلَّمَ الأبديَّةَ البيضاءَ
فجرا كلٌَما نسيَ النعاسَ بشرفة
وأطلَّ، مبتهجا، على الأبديَّة البيضاء
تنعسُ يا أبي ؟

منْ ناولَ المعنى كلامَ البحر
فارتهجَ الكلامُ، وهاجَ، منه، الموجُ
ساقا كلَّما زبدٌ لها خفَّان يختلفان صوتا ؟
أنا ما قلتُ لكْ

 عندما نبحث في تجليات المعنى واليات انتاج  الخطاب في قصيدة انا يوسف ياابي  لمحمود درويش.؛ فإننا سنمر من منحى مغاير عن ذاك الذي سبح فيه مصطفى الشليح وهو يحبو في متاهة القول الذي يقود نحو موت مجازي محقق؛ كلها مؤشرات جعلت منه يرفض الكلام ويبتعد عن حرارة الخروج من ضجيج الصمت مرتعشا؛ صامتا بكلام لا يفهم تعبه سوى شاعر يرى مايريد.
 هنا يقول محمود درويش: 
انا يوسف ياابي 
ياابي اخوتي لاَ يُحِبُّونَني , لاَ يُرِدُونَني بَيْنَهُم ..
يَا أَبِي يَعْتَدُونَ عَلَيَّ وَيَرْمُونَني بالحَصَى وَالكَلاَمِ .
 يُرِدُونَني أَنْ أَمُوت لِكَيْ يمْدَحُونِي .
وَهُمْ أَوْصَدُوا بَاب َبَيْتِكَ دُونِي .
وَهُمْ طَرَدُونِي مِنَ الَحَقْلِ.
هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي .
وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي .
حَينَ مَرَّ النَّسيِمُ وَلاَعَبَ شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ .
 فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي .
الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتْفَيَّ , وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ , وَ الطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ .
فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي .
 وَلِمَاذَا أَنَا ؟
أَنْتْ سَمَّيْتَِني يُوسُفاً , وَهُوُ أَوْقَعُونِيَ فِي الجُبِّ , وَاتَّهَمُوا الذِّئْبَ ؛ وَ الذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي ...
أَبَتِ !
 هَلْ جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَمَا قُلْتُ إِنِّي :
رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً , والشَّمْس والقَمَرَ ,
رَأّيْتُهُم لِي سَاجِدِينْ ؟؟

 (من ديوان "ورد أقل" 1986). 

عندما وقع اختياري على قصيدة انا يوسف ياابي ، لم اكن اعرف  الاسرار الخفية التي جعلتني اتيه في شعر احترم كاتبه كثيرا، مازاد من اندهاشي هو القصيدة نفسها عكس باقي القصائد الاخرى. بعد الصدمة الاولى، اخرجتني من ضيقي ، اهلتني ان  اقول مع نفسي:  قد اطلع على بعض الكتابات حول القصيدة عينها، فرحت اتجول في رحبة فضاء غوغل الذي اسعفني ببعض المقاربات، طبعا سأحترمها لانها خرجت من المجهول نحو المكتوب،  فأصبح لها موقعا في بوابة التاريخ، الا انه من عادتي لابد ان اختلف واتمير ببصمتي الخاصة، عليه وجدت نفسي امام اول سؤال وجب التركيز عليه : ما سر علاقة الشاعر بيوسف  في قصيدة استنجد فيها الباث  بالاب لينتقد الاخوة، ؟ ثم لماذا الشاعر مثله مثل يوسف خرج من واقع الحياة العادية ليعتنقا دوامة عالم النجوم والكواكب واحدى عشر كوكبا،  عبر بوابة الحلم او الرؤية ليخرجا معا من العادي ويصبحان موضوعا في تصور الاخوة ، مما جعل الشاعر يجد نفسه في مأزق لايحسد عليه؟  واخيرا ماذا يعني يوسف في مساءلة البوح الشعري من زاوية نظر اختراق الوجود العادي والعلو في تجليات حياة اخرى تعني الكثير لشاعر قلق من واقع معيشي اوجعه كثيرا؟ ...تلك اول عتبات ولوجي وقاحة حياة تتأسس في مساحة ضيقة عمقها التأكيد والنفي بين صورتين احيانا متقاربتين،  ومرات اخرى ممزقتين ، في متاهة البعد بين الحقلين عطاء ونفيا، او موتا وحياة، ربما بصبغة ادق،  تجلي بقيمة التحقق وابتعاد بصيغة الرفض، في ساحة التلاعبات تبنى لعب كتابة مستفزة بحركية جد متشاكلة عمقها يحكمه التعمق والتطور .
 يستهل الشاعر بوحه كاشفا عن صفة الذات ، محددا ماهياتها، بقوله (انا يوسف ياابي)، هو تأكيد بتجلي جد محدد عمقه هوية جد واضحة،هي صورة يحضر فيها ثلاث عناصر محورية،  لايمكن تغييب احدهما عن الاخر:
 الاول _____ الشاعر. / المتكلم.
 الثاني_____ الاب  / المخاطب.
 الثالث _______الموضوع / يوسف.
فتصبح الصورة بتلازم تحكمه مستوبات بنيوية جد قوية، لان الباث يحدد صفته بتأكيد (الانا )في الذات،  مبرزا ضمير الانية منعزلا / مبتدأ، ثم يزيد من تأكيد الذات بتحديد موضوعها (يوسف)، كما ان المخاطب يكون ملزما ان يصبح جزءا يخدم الذات لانه اساس ارسال الخطاب، فيأتي اخيرا ليخبر عن اسباب ارسال الخطاب بتجليات انماطه باشكال متنوعة ، لان المهم من كل محتويات الارسالية هو الموضوع الذي يعني الذات في خطاب البنية .
كلها عوامل ستجعلنا امام اشكال محوري يعني:  ماذا يعني الشاعر عندما يخاطب الاب بأنه يوسف في رسالة توكيدية بامتياز،؟ هو عامل سيجعله خطابا مواليا للاول ، جاء نافيا: 
 ياابي اخوتي لايحبونني...
فنصبح امام جملة النفي؛ تشرح جملة التوكيد الاولى، فتتأسس الحركية بلازمة يحكمها التوكيد الذي اجاب  عنه النفي. هي مرفقات تحكمنا ان نطرح السؤال التالي:
 لماذا الاب مخاطبا اولا ، في جملة التوكيد والاخوة سرا من اسرار لعبة النفي في تلقي اولي يعني الاب بالدرجة الاولى؟ ..فنصبح امام لعبة تيماتيكية يحكمها الاقتراب الذي يتحكم فيه الابتعاد والجزم، الذي يشغل الاخراج والابعاد الكلي ،  سنراه في الخطاطة التالية:
  العلاقة التيماتيكية بين مستويات الخطاب يحكمها التقاطع في تيمة العائلة على اساس ان الباث والاب والاخوة تجمعهم صلة القرابة العائلية،  لكن رغم ذلك نجد الحياة  في مسار تطورها عبارة عن صراع  تفرقها بنية النفي اللغوية الجلية على مستوى سطح الخطاب اولا/ لا النافية ، ثم تؤكدها علاقات متضاربة في محتوى الجملة المعجمية ( لايحبونني)، فنصبح امام مفارقة تنفي تيمة التنامي العائلي، مما يؤهلنا ان نبحث في صلة العمق بين يوسف الشاعر ويوسف النبي ، فيوسف النبي ،  في بنية اللعبة الدينية والتاريخية ، تفرقه بالاخوة اسرار التقارب من الاب والحسد  النفسي الذي دفع بالانتقام اسلوبا لانهاء المهزلة ، ثم تحكمها عمق البنية الدينية،  لان تصور انجاز الحياة من خلال صورة يوسف هي محكمة ربانيا لتنتج يوسف النبي ، ليصبح قصة من قصص حياة الانبياء والرسل كعبر ووعض منها يرى الاخرون الدنيا عموديا ، اما يوسف الثانيز  فحقيقة علاقته بالاب والاخوة هي علاقة متخيلة،  لان الشاعر سينزاح عن الوجود بالبحث عن قرائن منها يرى الحياة وبها يراه الاخرون  ، في العمق ليس نبيا ولا رسولا ، بل اختار قصة نبي ليذهب بها في منحى لاعلاقة له بتطور الحياة وفق الصيغة التاريخية التي تكلم فيها التاريخ عن نبي الله يوسف. الا ان التلازم والتلاقي يحكمه خيانة الاخوة اولا، سواء اخوة في العائلة/ يوسف النبي؛ او الاخوة في النسب والمذهب والمرجعية القبيلية كما ذهب الى ذلك ابن خلدون ، هي كلها دوامات تؤسس طبيعة السلطة في هرم مجتمعي مرتبك.

تفاعل ‏البرامج ‏السردية ‏وديناميكية ‏أقطاب ‏الخطاب ‏/ ‏قراءة ‏نقدية ‏بقلم ‏: ‏سعيد ‏فرحاوي / ‏المغرب ‏

تفاعل البرامج السردية ودينامية اقطاب الخطاب  في قصة فاطمة المعيزي /العدو.

بأسلوب يعتمد قطب الراوي الشخصية؛ تتحرك وتتطور الحكاية في نمط الكتابة التي تسير وفق المعلومة التي تعرفها الشخصية؛ فتتحول الى راو يقوم بعملية السرد. لكن المهم في هذا  الشكل التعبيري هو خروج القصة من الشخصية الانسان ليتحول الخوف الى فاعل قوي ؛ كما تتحرك ما سمته بالعدو/كورونا  الى مكون جد محدد في توالد وتمازج عدة مظاهر سردية ؛ ليصبحان معا شخصيتان محوريتان في كتابة اقل مانقول عنها انها خرجت عن المألوف لتشخص نماذج معاشة من الواقع اليومي؛، فتصبحان حركتان بنائيتان تقومان بأدوار جد هامة على مستوى توالد الافعال والاحداث. سمته الساردة بالعدو في اشارتها الاولى من خلال العتبة العنوان؛ مما يولد مسافة تداخل وانفصال بينها وبين هذا المكون الذي حعلته امامها متجليا ؛ بصفته  العنصر المشكل للعبة الازدواجيات؛ وهي ماسيبني برامح سردية متشابكة ومختلفة حسب نوع الافعال السرسيوثقافية المنجزة على مستوى الدينامية السردية؛ كلها اشكالات ستتطلب مواضيع قيمة مختلفة؛ على الشكل التالي:
الراوي الشخصية___عامل-ذات
قتل كورونا---موضوع قيمة. 
الرياضة+ العزيمة+المعقم  والتظافة___العامل المساعد
 قوة العدو+قدرته الكبيرة على الاختراق+ الخوف - - ---العامل المعاكس.
كما يمكننا النظر الى العدو؛، بصفته عامل له موضوع قيمة بانه ينجلي  بميزات سنحصرها في المحاور التالية:
 كورونا - - - عامل - ذات.
الساردة----موضوع قيمته.
 القدرة والقوة--عامل مساعد.
 المعقم والنظافة وعزيمة الساردة----عامل معاكس.
 إن تحديدنا كل  تفاعلات البرامج السردية في قصة العدو نهدف منه تحديد اشكال التفاعلات بين اقطاب الخطاب في القصة؛ كما نريد ان نوضح نوع تضارب العوامل وكيفية خلقها دينامية تنبني على افعال ازدواجية تتحكم فيها الاضداد وصراعها؛ لتسهم جميعها في بناء الفعل السردي بطرق جد متفاوتة؛ في كل فعل تنجلي الحركات العاملية لتسقط الاخرى؛ كما تظهر الثانية لتحد من حركية العامل الاخر؛ بحثا عن تأسيس فعل جديد؛ فتنتج في تراكمها افعالا متعددة تختفي بصور متعددة لتغني الحكايات بتمفصلات جد خفية تعمق الدلالة وتقوي من صور تمظهزاتها؛ فتنتج دلالة مبنية بأسس جد متداخلة؛،يحضر فيها التركيبي في علاقته بالتوليدي؛ كما يعمق مستويات بناء القصة من خلال بنيتها السطحية والاخرى العميقة؛ طبعا بتحريك تفاعل بنيات التخطيب بدرجات متنوعة.
 إن تبني عنصر التضمين؛ وهو استحضار قصص تخفي عمق القصة الام هو نوظيف  بنائي؛ لان الساردة تريد من اعتمادها اسلوب التكثيف الهروب من القصة المحور واخفاء تجليات فعلها في نفسية الشخصية المحور؛ وهو ماجعلها تهرب نحو الخوف؛ كما تحركت صوب أخيها لتناقشه لغة الرياضة الدفاعية/الكاراتيه؛ فتعود لتتكلم عن حضور العدو ومرافقتها لها في كل تحركاتها؛ تلعب بالزمن؛ كما تغير المكان؛ الى جانب استحضار محاور ثانوية؛ حتى وإن قمنا بتغيبها لن يتأثر الخكي؛ هي كلها اساليب فنية اعتمدت على شرط التشويق والتهرب من الحدث المحور.
أن قوة قصة العدو تحددها عدة عناصر؛ نحصرها في الاشارات الدلالية التالية:
  اولا تجسيد الخوف وشخصنة  جرثومة كورونا.
 ثانيا: تفاعل البرامج السردية ونتحولها من حالة الى أخرى؛ كلما استدعت الضروزة السردية حضور برنامح سردي وتفوقه عن الاخر.
  ثابثا:  بناء التص على بنية التضادات الازدواجية؛ بدون ان تشوش الازدوجيات على تماسك النص
. رابعا:  اعتماد على مكونات ثانوية غير مهمة لاخفاء محور التص؛ واضفاء متعة التشويق ودوره في  تعطيل الحدث.  خامسا:  تبني وقائع حية لاقناع القارئ بواقعية الحدث؛ في حين الحقيقي كل مايحكى هو من انتاج الخيال.
 سادسا: تبني السارد الشخصية لتصبح المعلومات مشتركة بين سارد وشخصية؛ لانهما معا يشتركان في لعبة بناء القصة. هنا تقتل السارد الاله الذي يعرف كل شيء ويحرك القصة برمتها بفعل ان يقول كن فيكون كل شيء بالصورة التي يشاؤها الراوي الاله.
 كلها عوامل شكلت في تداخلها وتماسكها؛ كما في صراعاتها التي لاحصر لها؛ في بناء قصة اختارت لها القاصة من الاسماء (العدو)؛، لتنتج منتوجا ادبيا متميزا سمته قصة قصيرة. 

العدو

مند شهور وأنا والخوف سيان، يلازمني وألازمه، وأحيانا يتفرس في وجهي وكأنه لايعرفني، حتى أنني أشعر بفرائسه ترتعد، فيما أنا أتظاهر بالتماسك وأعرف جيدا أنني مراقبة من طرف عدو ينتظر الفرصة لينقض علي بدون رحمة. يتربص بي  ليجعلني فريسته المشتهاة فيما أحاول قدر الإمكان تجنبه، ليس لعدم قدرتي على مواجهته ولكن لأنه لعين قذر ، مزق كل المسافات وطوى كل الأجنحة، واخترق كل الأجواء ليضمن قوته وجبروته على هذه الأرض، وليقول في العلن أنا هنا لي  ما لكم  ولي في أرواحكم نصيب.

أنا لا أحب السلاح، حتى الأبيض منه، ولو أن كل شيئ في حد ذاته سلاح، يمكنك استغلاله في الدفاع عن نفسك ابتداء من المقلاة والحذاء والشوكة ولسانك ......والحب أيضا.  
ومما ظل عالقا في ذاكرتي ، حركات أخي الحاصل على الحزام الأسود في رياضة الكراتيه   وهو يعلمني حركاته الخمس الأساسية " قائلا:
- لاتكوني ضعيفة ..... هيا استخدمي ركبتك...... حافظي ....حافظي على توازنك هيا .....
أبدأ في الشكوى مدعية العياء فيهجم علي ويصبح لزاما الدفاع عن نفسي فيما كان يصرخ : 
- لا تحتاحين سلاح، أتدرين ما معنى " الكراتي" اليد الخالية من السلاح

 ولا أكذبكم القول أن الأمر  ساعدني كثيرا في بعض المواقف، فيما ظل أخي كلما جلسنا على مائدة الأكل  ، بادرني بالسؤال:
- ماذا ستفيدك كرة السلة? تعلمي حمل السلاح بيديك فارغتين ،  ليس بالضرورة أن تتشابك مع منافسك لتنتصري عليه ، يكفى أن تعرفي كيف تتقي الطعن لتجبريه على التوقف "
- لكن يا أخي كيف أتفادى هذا العدو وأتقي ضرباته? 
مالم  أحصل على السلاح  ?
 - تعرفين أن هذا النوع من السلاح الذي ترغبينه مطلوب دوليا......أعدك بالتصرف.
 نمت مطمئنة على أمل أن أستيقظ صباحا وأرتذي..... الحزام الناسف وأقول بأعلى صوتي لعدوي  " هيث لك أيها النرجسي الجبان أنا هنا، أستطيع أن أنفض ذاكرتي مما بقي عالقا فيها من حركات الكراتيه ، وأسحقك.
تناولت قهوتي كالمعتاد على زقزقة العصافير التي اعتادت وجبة قمح من يدي كل صباح. توكلت على الله وبدأت بأول خطوة يوصي بها برتوكول الحرب القهري، وضع الكمامة......أختنق .... علي عدم إزالتها كما تقول التعاليم ..... هذه الكمامة أعفتنا نحن النساء من أحمر شفاه نتفنن في شرائه" ماركة مسجلة" بأعلى ثمن.... علىي ألا أضع يدي على مقود السيارة بعدما فتحت باب الحديقة بيمناي ... أكيد قد يكون العدو قضى الليلة ساهرا ينتظر قبلاتي الصباحية، وضعت يدي اليسرى على السلاح.... تذكرت ......يا إلاهي إنها اليسرى  , قد لاأتحكم في الضغط على الزناد...سأحاول... صوبت السلاح إلى  الباب ...طلقتين مات الباب.... 
صرخت داخلي
- والعدو?
 - لا أراه.
 صوبت أيضا طلقتين  ليدي  لربما مات  بعدما كان ينتظر نهايتي بكيفيته المقززة ، انطلقت مسرعة لا ألوي إلا على الإفلات من خوفي .
  القشعريرة  تنتهك حرمة  تجلدي، يجب أن أستجمع قواي، لست الأولى التي تقتل وتتجه لعملها كأن شيئا لم يكن، ثم ماذا?  كان سيموت على كل حال ، سواء بسببي أو بسبب غيري، علي أن أبقى هادئة ، فأنا متورطة في جريمة ، وكل غلطة ستودعني سجن غبيلة.
جلست أحاول التخلص من السلاح المخبأ في حقيبتي  . في هذه الأثناء يقف شخص ببذلتة الرياضية ونظارته السوداء يقول لي 
- معك المحقق  ..... 
- المحقق  ?
-  نعم خرجت للثو من قميص أغاتا كربستي

-  أظنه هو الضحية ?
- ربما هناك تشابه في الأسماء سيدتي
- أنا قتلته  ومعي الأدلة القاطعة
- لايمكنك ذلك،  وحتى إن فعلت، ستتمتعين بظروف  التخفيف
-ولما أنت هنا?
- لأسلمك سلاحا آخر أكثر فعالية....سلاحك  
دخيرته على وشك  النفاذ.
مد يده بقنينة تعقيم من الحجم الكبير وقال:
- الماء والصابون أفضل دبابة لمواجهته
- هل هي حرب عالمية ثالثة?
قال وهو يبتعد:
- حرب  .....ههههه   لانحتاج لحرب لنقتل أفكارنا .