المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 7 سبتمبر 2019

بقلم : عبدالرحمن الصوفي

تعليق ذرائعي على القصة القصيرة ( سر منتصف الليل ) لكاتبها ( الصديق الأيسري ) . وتعقيب للدكتور عبدالرزاق الغالبي / Razak Alghalibi
________________________________________________

تعليق بقلم : عبدالرحمن الصوفي

قوة جمال النص تتمركز على دعائم كثيرة ، سأغوص في ركيزته الأساسة وهي " السرد باستخدام ضمير المتكلم المفرد " في النص ..وهو ( ضمير المتكلم ) من بين الركائز الأساسية التي تروم إقناع القارئ باحتمالية وقوع الحدث ...الحياة في القصة القصيرة هي حياة غير عملية ، بل هناك عمليات سردية قصصية ، يستخدم فيها ضمير المتكلم ( لن تصدقوني ، أعلم ، أدرك ، علي ، فأنا .... ) . إذن فإن " الأنا " وحده لا يكفي لإقناعنا ، وبالتالي فإن مهمته الأساسية هي التدليل على نية الكاتب هي جعل السارد يتحدث كأنه بطل الأحداث أو بعبارة أخرى شاهد عليها .

إن كلمات مثل ( أنا - علي - إلي ...) كلها تشير إلى علاقة حميمية . والقصة الكتوبة باستخدام ضمير المتكلم هي إذن شديدة الذاتية ، لأن الكاتب قام بتفويض السارد سلطة الحديث ، فهو لا يفعل ذلك من أجل أن يسرد شيئا لا وجود له في ضميره . إن باقي الشخصيات الموجودة في القصة ما هي إلا أشياء في دائرة وعيه ، وهذا من منظور السارد الذي يتحدث باستخدام ضمير المتكلم ، هذا السارد هو الذي يتحدث عن نفسه وهو في دائرة الحدث الذي يسرده ، يقوم بدور البطل الرئيسي ، أما باقي الشخصيات فأدوارها ثانوية ، فتصبح الأنا / الكاتب سخصية شاهدة على الأحداث الهامة الصادرة عن البطل . نرصد إذن في القصة ساردين :

- السارد البطل

- السارد الشاهد

أتوقف في هذا التعليق عند الساردين لأنهما يحتاجان خوصا معمقا ....تحياتي واحترامي

_______________________________________________

تعقيب على تعليق الناقد الذرائعي الكبير عبد الرحمن الصوفي

الاخ عبد الرحمن سيد النقد الذرائعي  العربي ، لو تسمح لي اود ان اوضح فكرة الذرائع التي اقتنصتها من تعليقك الجميل هو ان المنهج الذرائعي الذي تساءل فيه الكثير من المفكرين والاخوة النقاد الباحثين العرب النجباء ، منهم من اتجه به نحو فكر النفعية البرغماتية البغيظ الذي (١٨٧٨)اسس للاستعمار والاستغلال السياسي والوضع المتأزم الذي نعيشه الان من الاستغلال وهذا التيار تسيده جون ديوي ووليم جيمس واخرين،وذرائعيتنا بعيدة كل البعد عنه ، ومنهم من اتجه به نحو البراغماتية اللغوية اللسانية التي ارسى دعاءمها الفيلسوف الامريكي ريتشارد رورتي في الربع الاخير من القرن العشرين ....فما اود اقوله هو توضيح للذريعة العربية النقدية وليس اللسانية التي لا تنتمي لتيار غير التيار العربي الاسلامي ولو ترجمت الى الانكليزية كمفردة تقع ترجمتها في كلمتين تشير الى عمومية وجودها في جميع اللغات كمفردة وليس مصطلح نقدي وهما(pretext / pragmatic) وهي موجودة في بلاغة  كمجازالمعنى في كل لغة ولها مفردة معينة تقابل تلك الكلمتين اما لو اخذناها مصطلحاً فتقع في حقلين :
- الحقل الاول : الذرائعية اللسانية : وهي ما تدرس المعنى في كينونة السياق وهذا لنا فيه جزء تحليلي مهم وهو المعنى
الحقل الثاني : الذرائعية النقدية : وهي حقلنا العربي الذي تعمل انت فيه وكل الذرائعيين الاخرين وهو حقل علمي يستند على نظرة الناقد في تحليله النقدي بنظرة علمية تثبت بذرائع وحقائق علمية تسند الخيال وتحوله من حالة اللاواقع الى حالة الواقع المسنود بذرائع واسباب واقعية ومنطقية مقرونة بحقائق علمية وليس انشاء فوضوي كفيف يسوقة مزاج وثقافة الناقد ، لذلك تعرف  الذرائعية العربية لدينا على انها المنهج الذي يقوم بتحليل النصوص ومخبوءاتها باعطاء ذريعة علمية لكل جانب او زاوية تقال في النص الخاضع للتحليل وتتاتى تلك الذرائع من الانطلاق من جنس النص وتكويناته الفنية والجمالية المسنودة بالاخلاق العربية الاسلامية...
اما علاقتها في الذرائعية اللسانية فتاتي من منطلق المنفعة الايجابية وليس النفعية السلبية وهناك فرق واسع بين المنفعة والنفعية ، وتاخذ المنفعة اشكالا في التحليل النقدي الذرائعي:
١-المنفعة الاخلاقية التي تسند المجتمع والتي يطلقها الكاتب او الشاعر في نصة
٢-المنفعة الجمالية التي تسند المجتمع والتي يطلقها الكاتب او الشاعر في نصه
٣- المنفعة السايكولوجيةالتي تسند المجتمع والتي يطلقها الكاتب او الشاعر في نصه
٤- المنافع الاخرى ،العقائدية ، محاربة الظلم، السياسية ،الاقتصادية ووووووووالتي تسند المجتمع والتي يطلقها الكاتب او الشاعر في نصه
والحديث يطول في هذا الموضوع .....اكتفي بذلك واعتذر عن الاطالة شكر اخي عبد الرحمن انحني لنباهتك النقدية....مع التقدير
________________________________________________

📝 بقلمي: الصديق  - الأيسري  / المغرب
⚫ سر منتصف الليل ⚪
لن تصدقوني أبدا، أعرفكم واحدا واحدا ، أعلم ما تكتمون وما تعلنون،  أدرك جيدا خطواتكم السريعة والبطيئة ونوع الحذاء الذي تنتعلون في أرجلكم هل هو بكعب عال أم مسطح رياضي، حتى نظراتكم لا تخفى علي فأنا خبير في علم البصريات، من غمز ولمز ودهشة ورمشة، كل تحركاتكم وجمودكم، كل رقصاتكم وترنحاتكم، كل اهتزازاتكم وذبذباتكم استظهرها وأعرفها عن ظهر قلب.
خبر نزل علي كالصاعقة، أريد أن أتقاسمه معكم وأشاركه معكم رغم أنه سر مكنون، ولكن معزتكم عندي غالية ومقامكم عال،محفوظ. سأبوح لكم به لتكونوا السباقين لمعرفة النبأ قبل أي  وسيلة إخبار. طبعا، هو سر لم يطلع عليه أحد.
رن الهاتف الخلوي في منتصف الليل بالتمام والكمال بتوقيت غرينتش، رقم مجهول يظهر على شاشة الهاتف، أصبت بالذعر في البداية، ثم بالفضول. مازال الهاتف يرن بدون إنقطاع. وهو ملح بالاستمرار في الرنين، أخذتني رعشة وأصابعي لا تقوى على حمل الهاتف، لأني منذ أمد طويل لم أتوصل بمكالمة في هذا الوقت المتأخر من الليل، استغربت كثيرا وبدأت الأسئلة تتزاحم في مخيلتي وقررت ألا أجيب. انقطع، فجأة، رنين الهاتف، فأحسست براحة نفسية عميقة، صمت وسكون. أسرعت إلى إطفاء جميع الأضواء حتى ساد الظلام في البيت إلا من أشعة رقيقة تتسرب من شقوق النوافذ،   من نور الشارع، انجذبت نحو شقوق الشرفة  اأستطلع ما يقع في الخارج. لمحت سيارة سوداء ذات دفع رباعي واقفة أمام بوابة العمارة بجانبها أربعة رجال ذوو  لياقة بدنية قوية وملابسهم أنيقة،  أمسك أحدهم هاتفا خلويا يريد الإتصال. فجأة، رن هاتفي أيقنت حينذاك أنني مراقب ومطلوب لأمر مهم وفي غاية السرية، لم أجب، لكي أتيقن من أن الرجل يتصل بي فعلا.حين أدخل هاتفه إلى جيبه انقطع رنين هاتفي.أسرعت إلى السرير. استلقيت على ظهري وأنا أراقب باب المنزل وصوت الأرجل على السلم. فجأة، سمعت خطوات خفيفة وصوت أحذية على السلم تقترب رويدا، رويدا، إلى باب المنزل. رن جرس الشقة  فقمت فورا من السرير مذعورا. دنوت من الباب لأرى من الطارق، فبدأ يناديني بإسمي الشخصي تارة، وبإسمي العائلي تارة، بصوت خافت، ومن حين لأخر يناديني أستاذ أستاذ ويطلب مني أن أفتح الباب... تمالكت نفسي  واسترجعت قواي وضبطت أموري وتشجعت قليلا كي أخفي ارتباكي وخوفي، أنا المعروف عني أني ذو قلب فولاذي وإنسان شجاع، أتحكم في كل الأحاسيس والارهاصات، فقد لقبت في العمل بالبطل. أشعلت الضوء وفتحت الباب. تقدم رجلان ودخلا بسرعة، بعد الاستئذان. لم يتركاني أتحدث أو أبدي رأيا. بسرعة البرق قرآ علي رسالتهما السرية بطريقة إدارية ولبقة، مع شيء من الإحترام لشخصي ولمنصبي،إذ أشتغل رئيسا لقسم  الجراحة في المستشفى الإقليمي وأستاذا  جامعيا في كلية الطب. طلبا مني الالتحاق بالعاصمة قصد تشكيل الحكومة الجديدة وترِؤسها للخروج من الأزمة الحالية وإعطاء دماء جديدة للنهوض بالوطن نحو التقدم، بشعار الإنسان المناسب في المكان المناسب، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة.
فهمت الرسالة جيدا فخرجا بسرعة، بعد أن قال أحدهما نحن في انتظارك في السيارة، أمام باب العمارة. وأنا أدفع باب المنزل لإغلاقه بعد خروجهما ، وأحاول أحاول إحكام إغلاقه بكلتا يدي، سقطت على الأرض، بعدما تدحرجت من فوق السرير استيقظت من حلم كنت أتمنى ان يكون حقيقة وأنا أمثل الشعب الفقير في رئاسة الحكومة. لم أصدق نفسي، فبحثت عن أخر الأرقام التي اتصلت بي. اكتشفت أن آخرمكالمة توصلت بها كانت من صاحب المنزل، يطلب ثمن الإيجار ، فأخذت أردد آه لو كان الحلم حقيقة، أردد آه لو كان الحلم حقيقة،  حتى غفوت ونمت مرة أخرى. ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق