المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019

بقلم : أحمد بياض / المغرب

انفراد****

أتيت
في خلوة القطاف
والبحر ليل!
نبعا
من يدين.
وتبرق فضة الأوصال
على نور الشهاب.
/مغمضة الجفنين
لحاء الأنفاس/
وانغمس النور
في الدليل....
اشرأب الصمت
في اللحظات الفارغة.
كم
إله كان قبل أن يولد البحر؟!!!
كم
نجمة كانت على خريف السماء؟!!!
وآخر عشاء
كان
قبل الصليب.
شوق ويتيم
وثدي مرضعة.
أيها السفير
الأخير
على جرح البارحة؛
جرعات كأسي
تىءن منذ سنين؛
سبع عطاش
على صفحة الاسمنت..
مزق الهدهد ريش الرحيل
والهدير البعيد
على نخلة الصباح
وموت الطرقات.....
لنحيا
على بسمة الشفاه
ونبراس الشوارع
وذبال الأزقة.. .

ذ بياض أحمد المغرب

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

بقلم : مصطفى الحاج حسين

* مطرُ اللهفةِ ...*

                 شعر : مصطفى الحاج حسين .

يشربُني رملُ الطّريقِ
ويأكلُ ثمارَ حنيني
ويستعرُ شبقُ المسافاتِ
تخطفُ منّي بُحّةَ خطايَ
وتنكمشُ الأرضُ عن لهاثي
أسرقُ من دمعتي ظلالَها
ومن آهتي فضاءَها
ومن نبضي أركانَ الجِهاتِ
لأطلقَ تلويحتي لعصافيرِ الرَّمادِ
موجُ الصّحارى يعصفُ بملحِ النَّزيفِ
ويشدُّني إليكِ موتي
على أكتافِ انكساري
يحملُني مطرُ اللهفةِ
سأزرعُ في جيدِكِ جمري
وأغسلُ وجهكِ بجوعي
وأوزِّعُ على أصابعِكِ آفاقي
يا ينبوعَ أنفاسي
ألفُ كونٍ لا يتَّسعُ لعشقِكِ
ألفُ عمرٍ لا يكفيني
وأنا أهمسُ لعينيكِ
سماءُ قصيدتي أنتِ
شمسُ بسمتي المورقةِ
ندى جحيمِ الغيابِ
في حضنِكِ يترامى المدى
ومن صوتِكِ تتهادى الجنّةُ
أنتِ قمرُ الظّلماتِ الضّاريةِ
وهجُ الرُّوحِ في عرائشِ التَّكوينِ
ضحكةُ الأزلِ
لشهوةِ الأبدِ
سأكتبُ على صفحةِ الاحتراقِ
وعلى رموشِ الوجودِ
وعلى شهقةِ الوميضِ
أحبُّكِ .. أحبُّكِ .. أحبُّكِ
يا دُرَّةَ الأمجادِ
ويا ياقوتةَ الأنوارِ
يا حلب * .

                   مصطفى الحاج حسين .
                         إسطنبول

بقلم : علي الزاهر / المغرب

يرميني الصمت في لجج الشعر
أقاوم عمقي وهج الشعر
حتى أواخر هذا الحرف
أعبر قافيتي عمق الصحراء
أسافر نورسا يعاتب خطوي
و أرسم خارطة أخرى
من صوت غيابي
و أنا الرافض هذا الحزن
أعد عتاد البوح ، أرافق حبري
آه .... يا أفق أنفاسي ...
خطوت في يم سؤالي عمرا
و رأيت الحلم من نافذة الوهم
كتبت .... رقصت ... فبكت
في صمت السنين جوانح صدري ...
ما كنت في سفر الكون ،
غير بذرة حرف رافقت
في السر جمري
لما ألقت بي خطواتي
في غلس الوقت
حتى أدركت يا فاتني لوم حضوري
لما الأوقات احتبكت
في سيرها قيودي
رسمت ... كتبت ...
و قرأت جراحا من هول الصمت ...

علي الزاهر تنجداد المغرب

بقلم : رضا الحمامصي / مصر

رضا الحمامصي
( شباب المجد)

إلى حيثُ انتزاعِ المجدِ عُودوا
كَما فَعل الصَناديدُ الجدودُ
***
فما أنتم بأشباحٍ تَداعتْ
وَلا أنتمْ بمَوطنكم عَبيدُ
***
فكونوا كالصواري سَامقاتٍ
وَلا كهزيلِ أغصانٍ تميدُ
***
دَعوا الأحقاد بينكمٌ وخفوا
لِرَأبِ الصدعِ بينكمُ تَسودوا
***
بلادُ العُربِ ترفل في ثياب
من الخيرات يتبعها مَزيدُ
***
تَكاسلتمْ فَكانَ لكلِ بَاغٍ
غرامُ الذِئبِ , ليسَ لهُ حُدودُ
***
فَجارَ عَلى مَرابعنا فُجوراً
وسَنَّ لنَا الحياةَ كما يريدُ
***
وصَارَ النفطُ يحكمُ كلَّ قَولٍ
فما ( لجُهيزةٍ ) قولٌ سديدُ
***
وَهاجَرتِ العقولُ الدُّرُ قَسْراً
إلى حَيثُ العُلوم لها وجودُ
***
كمَا طيرُ الفَلا يغدو خِماصا
ورِزقُ اللهِ موفورٌ رغيدُ
***
أشاعوا فِي بلاد الغَربِ نُوراً
وما زالَ الظلامُ بِنا يَسُودُ
***
هلموا يَا شبابَ المَجدِ ثُوروا
لكي يَدنو لنا النَّصرُ البعيدُ
***
لعَمريَ إنَّ عزمَكمُ حَديدُ
ولن تُثني لِهبتكمْ رُعودُ
***
يهونُ العمرُ للأوطانِ حتى
يَسيلُ دَماً لنُصرتِها الوَريدُ
***
رضا الحمامصي - مصر

بقلم : عبدالجبار الفياض

من رموز البصرة

يا شعراء العربية
تقفُ القصيدةُ اليومَ حِداداً لرحيلِ إحدِ أعمدتِها الشّاعر بدر شاكر السياب
في ٢٤/ كانون أول/ ١٩٦٤ .

                     شمسُ جيكور 

جيكور
لدجلةَ غنّوا . . .
للنّيلِ رتّلوا . . .
لبردى صافحوا . . . 
لكَ
جمعوا خضيلَ الشّعرِ  باقةَ حُبّ  . . .
أيُّها الصغيرُ بينَ الكبار                     
ولدتَ بحراً 
فسقيتَ فرسانَ ضادِكَ حتى في أيام ٍ
ظمئَ فيها شطُّ العرب . . .
لبستَ ما يلبسون
غنمتَ ما غنِموا
وزدتَّ كيلَ بعير !
. . . . .
غُرفةُ الأنشودةِ الماطرة
كيفَ أباحوا لأنفسِهم أنْ يدخلوها دونَ سجدةِ شِعر ؟
جدرانُها مُشبعةٌ بأنفاسِ قصائدَ
توحّمتْ برطبٍ برحيّ
توتٍ أسودَ . . .
أثداءِ دالياتِ الكَرْم . . .
كانَ لا يدخلُها إلاّ رائحةُ الطّلع . . .
عصفوران يتسافدان . . .
فجرٌ مُتسلّلٌ من قبضةِ ليلٍ مخمور . . .
يتنفسُهُ قصيدةً
همَّ بها موْجٌ مُتصابٍ
ما كانتْ بغيّاً
لكنَّها ذهبتْ معهُ إلى الضّفةِ الأخرى . . .
عندما تَعشق القصيدةُ
تتعرّى . . .
. . . . .
جيكورُ
مرآةُ صباحِه
تقرأُهُ وجهاً مُنبعجاً بألآمِ الطّين
بأوجاعِ نازحٍ
تخرُمُ قلبَهُ الذّكريات . . .
انشطار
بينَ حبٍّ ضائعٍ في بغداد
وغرامٍ مُلتصقٍ بشناشيلِ البصرة . . .
يا ويحَ
مَنْ رفّتْ لهُ شعورُ غوانيه
ما حملتْهُ عطورُ نهودِهنَّ إلى الصّين . . .
أحرقَ زيتَهُ القَرويَّ ثوبٌ قشيب . . .
ما شاءَ أنْ يرى حولَهُ مشقوقَ لوز
نافرَ تفاح
فنناً
أسكرتْهُ ريحُ صِباه . . .
رُجَّ ما كان محبوساً تحتَ خجلِهِ الجنوبيّ
لينتهي كُلُّ شئٍ إلى لاشئ . . .
لسنَ كصويحباتِ ابنِ أبي ربيعة
يطوقنْهُ قمراً لا يخفى . . .
بغدادُ
أينَ رقةُ لياليكِ الألف ؟
أتضنين بما فوقَها مَرهماً لجروح ؟
. . . . .
إيهٍ
أيُّها العاشقُ ظلَّ نخيلِه . . .
المسافرُ برائحةِ السّعفِ المبتلِّ بحباتِ المطر . . .
لا لعينِكَ أن ْ يُغادرَها دمعُ الرّحيل . . .
تسكبُ حُزنَكَ شعراً
في أعماقِ طقوسٍ ممنوعة . . .
ما كنتَ تعلمُ أن َّ مركبَكَ الذي أبحرَ بلا أشرعة
يعودُ من دونِ ربّانهِ إلى مرفأِ المعقل *. . .
يختصرُ آلامَ الزّمنِ الخائب قافيةً
تيبّست على شفاهٍ
صبغتْها سكرةُ موتٍ في منازلةِ سيفٍ وقصَبة . . .
. . . . .
فيكَ
تناهتْ خيبةُ عشبةٍ بابليّة
حتى طرقتَ بابَ أيوب ِ النّبيّ . . .
هممْتَ أنْ تذهبَ للغفاريّ في عزلتِه
مُثقلاً بهمومِ وَطَنٍ
أحببتَهُ فضاءً
لا يحدُّهُ خيالُ افلاطون في مدينتِهِ الفاضلة . . .
لكنّهُ
أسفَاً
لم يمنُنْ عليكَ بقليلٍ من فيضِ رافديْه . . .
كنتَ صبوراً حينَ تَلَّكَ للذّبح
وما فَدّاك . . .
يا لعيون السّماءِ ترى
الأبناءُ يعقُّهم آباءٌ طيبون !
. . . . .
لستَ غريباً على الخليج
لكنْ
في نشيجِكَ تأوهاتِ وطن
تُمزّقُهُ رغائبُ ملوكٍ إذٌ يدخلونَ قرية توسّدت أحلامَاً بعينِ عاشق . . .
مَنْ لأنفاسِكَ المتقطّعةِ أنْ تَهَبُ لترابِ أُمِّكَِ سجدتَك الأخيرة ؟
الموتُ بعيداً دَيْنٌ لا يُوفّى . . .
حروفُ الرّثاء
لا تسدُّ ثقوبَ رِئةٍ عاشقة . . .
إنَّها طقوسٌ
تجمعُ غبارَاً بعدَ عاصفة . . .
وجهاً عن كذبِ أخوةِ البئرِ تشيح
ذلكَ حقّ
لولا أنَّ نزراً منهُ كانَ خفقةَ حبّ
لتغيّرَ مسارَ الألمِ الرّاقدِ على وسادةِ الشّفقةِ في مَشفياتِ الغُربة . . .
لكنَّ فحماًَ لا يرسمُ حمامةً بيضاء !
. . . . .
أوّاه
أبا غيْلان
اقتربَ ألم ُ برومثيوس من ذروتِه في روحِكَ المُتعبة
لم يسمعْكَ إلاّ الخليجُ صدىً
يبحثُ عن أُذن . . .
تنزعُ حزنَكَ الداكنَ على ساحلِهِ مرثيّةً
تُبكيكَ
ما بقيَ بيتُكَ الكبيرُُ يغرقُ في ظلام
أمسيتَ نسياً منسيّا
بجوارِ ابنِ سيرين الذي غمّهُ حلمُكَ المقبورُ معك . . .
. . . . .
انحدرتْ من رُبى جيكور شمس
تشربُ غروبَها الأخير . . .
أيُّها الرّاحلُ عبرَ صبرِ الأنبياء
أكذا ؟
في لحظةٍ
يتكوّرُ فيها العراقُ زفرةً
بعدَ شهقةِ احتضار . . .
هلآّ توانيتْ
فلَكَ شناشيلُ
قصائدُ
أمانٍ تحتَ شُرفةِ المطر  . . .
أراكَ تُوصيها ليدٍ بحرقةِ قلبِ أُمِّ موسى تحتضنُ العراق !
. . . . .
وا حُزنَ منزلِ الأقنانِ حينَ يفتقدُ الضّياء
تنازعتَ مع البَقاء من غير شهود
في ليلٍ يَضيق
كما ضاقَ بروحِكَ العراق . . .
مطر . . .
مطر . . .
أحببتُهُ
أحبّكَ المطر . . .
سلاماً
حينَ شيّعَكَ وحدُهُ المطر !

عبد الجبار الفياض
كانون اول/ 2018

*إحدى مدن البصرة وميناؤها الأول.

الخميس، 19 ديسمبر 2019

بقلم : عبدالله أيت أحمد / المغرب

مراجعة
رجعت لليلي فوجدته أطول
والشمس تأبى الصعود
وشروق الحياة باهت أحول
أناجي النفس أن لا يطول ليلها
وأن ينجلي الدجى عن مقل
أنهكها السهاد في مرقد
أحدثها عن أمر ألم بها
ولا مجيب عما يختلج الصدر
تباطأت دقات النبض لأنها
في صدر فصل الحزن القاتل
لكنني صابر كالسنابل تنحني
لا خوف من الريح الأهوج
إنها الأيام وما تفعل بذواتنا
وتلك الفصول يندى الجبين لها
تأخذ منا قصرا كل مأخذ
تغزوا الأجسام كأنها
حليف المنايا بكل أرض
ولا حمى على كل منكب
رحماك يا من يأخذ بالنواصي
أن تكون رؤوفا رحيما بضعفي
عبدالله أيت أحمد/المغرب
الخميس 19 دجنبر 2019

الأربعاء، 18 ديسمبر 2019

بقلم : باسم عبدالكريم العراقي

...........................{ حينما تبسمُ عشتار / تراتيل تموز ) .......................... الليلُ يهذي .. بأنفاسِ أحلامِ عِناقيَ لوردةِ النهار .. ولايكفُّ عن.. غزوِ آفاقَ إنطلاقي في .. ملكوتِ العبيرِ حيث .. حبيبتي ... لَكَم أُجرِّدُ أمنياتي من أمسِ سكوني بين أناملِ القصصِ الدون كيشوتية القابضةِ على انفاسي .. ويخيب الرجاء ... وهي .. تبتسم ... تسرِّحُ شعرَ حكاياها السندبادية .. وتنفخ في أجمري ... والضفاف بعــــــــــــــــــــــــــــيدة ... والامواج بلــــــــــــــــــــيدة لاتفقه طلاسم حاجتي لزورق لايعترف بوعيد الاغوار السحيقة لمحيط المغامرة ... أهي مغامرة ؟؟؟ أاطلب خلاصاً غير مسمى في معاجم العشاق ..؟؟ ربما .. وربما .. ورب .... ما ..قد يتعطف فيقر برسم قسمات وجه اضاع بوصلة المرايا .. ماذا ان كان الوعد اعصارا جديدا ؟؟؟ ايكون للاجنحة المجزوزة الفضاء ريش قبلة زمردية الشفاه ؟؟؟ قد .. وقد .. ولكن .. قرنةُ الرجاء اتراها تفتح ( كرمتها ) لتموز ..؟؟ انه يبحث منذ دهور عن حضن نخلته المتوجة بسعفات الشمس .. وعشتار .. ترفل بالنهار وراء بحار النار ... وتناديه : انا لست محض هذار .. انا فيك .. اسقي منابت الامل .. واحصد اشواك الانتظار .. هلمَّ تخطى حدود صوامع التتار .. فانت امتلكتَ سرّيَ .. ان كُنْ فيدُلِ المحال .. ، ايمكن ان ابحث عنه فيَّ .. لا .. هو من يبحث عني .. يدريني سرقتُ ثمرةَ الخلود من فم إلهِ القفار .. ويحاصرُني انبياءُهُ الشطار يكمنون لخفقتي بين الضلوع .. بين محطات الدموع .. بين الشهقة والزفرة .. بين طيات الافكار .. ويشهرون سيف ( ذو الفقار ).. ويدريني أنني ... عبَّدتُ دربَ العروج ... للامل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هامش : ـ القرنة : مدينة في محافظة البصرة العراقية يلتقي دجلة بالفرات في ( كرمة علي )

ــــ/ باسم العراقي

ـ ساحة التحرير ـ

بقلم : أحمد علي صدقي

قصة قصيرة
لكل ضيف إكرامه
تخاصم مع زوجته حول تأثيث جديد للبيت و وشراءها سيارة رباعية الدفع كما فعل صديقه مع زوجته.. استخفها وما استجاب لرغبتها المجحفة.. انتهت المشكلة بأن وضعته أمام أمرين، كلاهما مر: إما تجديد التأثيث وشراء السيارة وإما الطلاق..
كانا يدرسان بنفس المدرسة. وتعلق بها وتعلقت به فكانت ثمرة لقاءاتهما زواجا أنبت نباتا حسنا ما استطاعت اي شائبة ان تمنعه عن النمو حتى الاثمار.. لكن كل نبات اذا لم يعتن به يكون مصيره التلف..
في عملها كممرضة، تصاحبت مع إحدى العاملات معها، من بنات الأغنياء، فأصبحت هي الواعظة الناصحة لها في كل شيء حتى في أمور الحب وفلسفة الحياة..
في صباح يوم خصومتهما. نظر اليها شزرا ونظرت اليه نظرة قصدت فؤاده بسهمها. كانت سهام حبه لها تنغرس في صدره فيحس بها بردا وسلاما على قلبه أَمَّا اليوم فقد أحس بقساوة هذا السهم وأحس بجرح بليغ يخافه أن لا يندمل.. لم يكلمها وما كلمته.. ولكن تكلمت الأعين ودل ضعف بريقها على حزن ما ألفته.. خرج الرجل غاضبا بدون إفطار .. وهي تنظر اليه همهمت شيئا في داخلها لم يفهمه، فقال لها: ارجعي لرشدك يا حبيبة قلبي. فهل تُهْتِ أم أرادوا انحرافك؟ ثم أخذ دراجته الهوائية وذهب لعمله.
في العاشرة صباحا رن هاتفه فإذا بمكتب عدول يستدعيه للحضور.. خَمَّنَ حينها مضمون ما همهمته الزوجة صباحا وعرف أن الأمر أكبر مما تخيله.. طلب الإذن من رئيسه في العمل ومضى حيث ينتظره أكبر لغز قظ مضجعه البارحة وها هو الآن يقطع عليه مواصلة عمله..
سأله العدول عن سبب الخصام الذي أوصلهما للطلاق.. قال: هو تكلفي بشيء لا أستطيعه.. جادلته زوجته أمام العدول.. استسلم وساير الأمر حتى لا يذاع خصامهما بين الناس.. فَهِم العدول موقف الرجل وفَهِم مِنْ تبجح المرأة أن طلبها مجحف حقا.. طلب قد يضع أمام الزوج عقبة كؤود يصعب عليه صعودها، وهو في بداية مسيرته.. سعى العدول جاهدا أن يذلل تلك العقبة لهما بصلح جميل، لكن المرأة كانت متشبثة بشروطها.. افهمها الرجل أن في حالة عدم استجابة زوجها لطلبها وتطلقت، فالطلاق تدمير لأسرتها وإن لم يعاكسها واستجاب لرغبتها فالوقوع في براثن بنك بأخذ قرض مالي هو ايضا تدمير لهذه الأسرة الطرية التي هي في بداية مشوارها.. فاكثر العائلات ارهقت كاهلها بثقل ديون لا تستطيع تسديدها فعاشت بقية حياتها مربوطة بصخرة تعاسة خنقتها حتى الموت.. لم يبخل العدول بجهد بل استمر في محاورتها بكل مفاهيمه حتى اقناعها بالصلح. تراوغت كثيرا لكن اقتنعت في الأخير أن الصلح خير.. تقبلت كلام العدول.. تصافحوا.. شَكَرَا العدول على عمله.. خرجا متجهين كل نحو وجهة عمله..
والرجل في طريقه، فكر في الأمر مليا وتساءل كيف تحدث خصومة بينه وبين زوجته بهذه الحدة، وقد كان وإياها في وئام لا تشوبه شائبة.. فهي من كانت تقول له: أنا الراضية فلا أسخط أبدا، وأنا البشوشة فلا أقلق أبدا.. تقول له: أنت خلقت لتنعم بي وأنا خلقت لأنعم بك.. فكيف بهذا التغيير المفاجئ؟ خمن كثيرا ثم استنتج  أن السبب قطعا هو في معاشرة تلك الصديقة التي ما حبذ هو يوما صداقتها رغم انه صديق وفي لزوجها.. كان يعرف جيدا أن معاشرة اساسها الثرثرة، والغرور وكثرة الاموال وسيارة  رباعية الدفع و ملابس من شركات ذات صيت عالمي هو نهر جارف لا بد ان يجرف معه زوجته. وهذا ما وقع.. امرأة مدللة .. تفاخر بلا حدود أمام من أراد ومن كره.. امرأة دللها زوجها و استجاب لكل رغباتها وهو نفسه المدلل من أب مستشار يكدس الاموال في الابناك فلا يعرف مصدرها ولا كم هي في ارصدته البنكية..  تصاحبت امرأته مع هذه المرأة، بموجب عملهما والسكن بنفس الحي.. غدت تمر عليها كل صباح، بسيارتها، لتحملها معها الى العمل.. عرف انه لن يكون سبب هذا الشقاء إلا منها.. فهي التي قد تكون نفخت في روعها ودفعتها لطلب هذا الطلب الذي لا قدرة لنا للتصدي لِمِحَنِه..
رجع مساء من عمله، وجدها  كئيبة.. منكمشة على نفسها تجثم على صدرها صخرة تعاسة لم تستطع تحمل ثقلها.. حاورها في الموضوع.. توصلا لتراض بينهما.. تناست قلوبهما، التي كانت قد تعودت على الحب منذ زمان، هَمَّ ما وقع.. مرت بخاطره فكرة ظنها ناجعة لنسيان ما وقع.. ناقش معها فكرة استدعاء صديقتها وزوجها للعشاء.. دعوة كان هدفه منها تخفيف حزن زوجته من جراء ما وقع، ثم لحاجة ملحة في نفسه يريد قضاءها.. أخبرها بأنه فكر في وجبة عشاء شهية تجمعهما مع الضيفين للدردشة سعيا للترفيه.. فرحت بالمقترح.. حبذت الأمر، واعتبرته ردة فعل إيجابية تشكر بها صديقتها التي تنقلها كل يوم الى عملها ويزيد اللقاء من توطيد العلاقة معها.. علاقة ما حبذها زوجها بموجب ما وقع و يسعى جاهدا لقطعها..
في الصباح تركها تهيء المنزل و تَتَهَيَّأَ لإحضار العشاء.. خرج ليأتيها بملتزمات التحضير.. مر بالبنك.. أخذ كل ما كان يختزنه بالرصيد.. كان رصيده  قليل من المال اقتلعه من قوت يومهما لشراء دراجة نارية هو في حاجة اليها للذهاب لعمله.. برصيده الآن في جيبه، انطلق نحو بائع للذهب.. تفقد ما عنده من أجمل الحلي.. اقتنى عقدا وخاتما ثم أدى ثمنهما وخرج.. مر بصديقه بائع الزهور.. طلب منه ان يحَضِّر له أجمل باقة ورود مما عنده وسلم له العلبة التي بها العقد بعد أن كتب بطاقة وضعها بداخلها وكتب أخرى، طلب من البائع ان يضعا بباقة الورود.. ثم أوصاه أن يرسل الكل الى المنزل في الثامنة مساء.. أخبره أن لا يسلم هذه الأشياء إلا لصاحبة المنزل وأن لا يخبرها بالمُرْسِل.. اشترى الخضر والفواكه وقصد المنزل.. وضع ما أحضره بالمطبخ.. وجد زوجته منهمكة في تدبير شؤون البيت.. غارقة وسط أليات بيت الضيافة(الصالون) ترتبها.. أعانها في ما استطاعه.. عندما انتهيا من تهيئ البيت، تناولا  غداءهما مع الأولاد.. بعده مباشرة انهمكت الزوجة في تحضير طعام العشاء للضيوف.. نادته لمساعدتها.. لبى رغبتها.. كان بقربها كممرض مع طبيبة.. يناولها من المعدات ما دعته لتناوله.. بين الرفوف والثلاجة كان رائحا راجعا تغمره فرحة لم تضارعها فرحة من قبل.. فرحة مصالحة زوجته وفرحة ما دبره لها كمفاجأة.. فتحت رائحة الطعام شهيته حاول كبحها لكن زغردة بطنه كانت تفضح ما كان يخفيه. فكلما اقترب الطعام من نضجه وفاحت رائحة لذته، تفتحت شهيته وزغرد بطنه أكثر.. أخذ يقضم من هذا الفاكهة وتلك وهذه الحلوى وتلك ويتناول بأصبعه شيئا من هذه الآنية وشيئا من تلك.. ازعج الطباخة بتصرفه فأقالته من عمله.. استمر بها العمل حتى قربت السابعة مساء.. قالت له حينها وهي مبتسمة والإنهاك باد على محياها: بما أن صديقك سيأتي بزوجته، يجب علي أن أهيئ نفسي لأن أكون في أبهى يومي. قال لها: أريدك ان تكوني أجمل من صديقتك. فأنا أعرفها، فهي تتزين بلا مناسبات فكيف بها وهي في زيارتك. فأنت اليوم بيت قصيدها لتريك أبهى ما عندها.. لا محالة فستكون في أبهى يومها، لتفخر عليك بما لديها من ملذات الحياة.. تبسمت ودخلت بيت النوم وأقفلت الباب.. بعد ساعة من الوقت قضتها في الاعتناء بهندامها، خرجت وهي كالقمر في ليلة البدر. ثم قالت:
- أظن ساعة الضيوف قد اقتربت.  قال لها:
- اقتربت الساعة وبزغ القمر.
رمقته بعينين كحلاوين وأهدته من ثغرها ابتسامة زادت نور وجهها بريقا. نظر إليها رأى وجهه في عينيها.. فاضت عيناه دموع فرح وقد استرجع حبيبة كان ريح الاستخفاف قد عصف بها.. نظرت اليه رأت وجهها في عينيه.. فاضت عيناها دموعا من الفرح وقد رأت فيه زوجا صابرا على كل هفواتها.. عانقها وعانقته.. اقتسما البهجة بضحكة طفلين انبعثت من قلبيهما وقطرات دموع الفرح تتدحرج على خديهما.. ذهبت الى المطبخ لإحضار ما لذ مما طبخت وذهب هو يهيئ الطفلين للحفل.. رن جرس الباب.. خرج.. كان بالباب، من أحضر الهدايا.. ناداها لتستلمها فهي باسمها.. تسلمتها.. أخذ  الظرفين المصاحبين للهديتين ليطلع على ما هو مكتوب بمها.. فتح الذي بالباقة وقرأ: هذه هدية لك ممن يحبك وممن لا يستطيع الاستغناء عنك.. الامضاء: حبيبك العزيز.. عبس وجهه واندهشت هي مما قرأ ومن كتبه.. فتح العلبة واخرج منها ما بها.. انبهرت المرأة بالعقد الثمين الذي اخرجه منها ، ثم فتح الظرف و قرأ: هذا عقد من ذهب ولكن عندي ثمنه بخيس بالنسبة لمعدن أنت منه ايتها الطيبة.. الامضاء: حبيبك الذي لن ينساك.. تقمص وجها عبوسا وسألها: من يكون هذا الحبيب؟ هل لك حبيب غيري يا امرأة؟ قالت: لا. لكن أظن أن صديقك هو من كتب هذا.. نادى ابناءه.. وضعهما قرب أمهما ثم أخذ هاتفه وانضم اليهم وأخذ سيلفي مع الطفلين والأم وبيدها باقة الورود.. أخذ علبة الهدية.. أخرج منها العقد.. علقه في رقبة الزوجة.. أخذ لهم سيلفي آخر، والمرأة منبهرة لا تعرف ما حل بها.. سألها ألا زلت لم تعرفي من أرسل اليك الهديتين؟ أجابت: والله لقد التبست علي الامور فما عدت أعرف رأسي من قدمي.. طبطب على كتفها ثم أمرها بإحضار وجبة العشاء.. قالت له: ألا ننتظر قدوم الضيوف؟.. قال لها: ألا زلت لم تتعرفي على من هو ضيفك العزيز؟ قالت: لا.. قال: إنه حبيبك الذي تعرفينه جيدا.. إنه حبيبك الذي لن ينساك أبدا.. إنه الرجل الذي كنت له امرأة انجبت له هاذين الطفلين الغاليين.. فهل يمكن أن يكون في الوجود ضيوفا أحسن منك أنت والاولاد.. لا زالت لم تستوعب الأمر فقالت كيف؟ أخرج الخاتم الذي كان بجيبه ثم تناول أصبعها ووضعه فيه. فقالت:
-ولم كل هذا؟ قال:
- قال لها: أنا ضيفك اليوم، وانت ضيفتي، وهذه الهدايا لك، زوجتي.. هدايا أريد بها أن أقيد حبنا الذي كدنا نضحي به رغبة في اشباع تفاهات الحياة.. حب كاد يموت بكيد الكائدين.. فهمت ما يعنيه وضحكت وقالت: من اليوم التاكسي عندي افضل من سيارة رباعية الدفع لامرأة تحرضني على خصومة زوجي.. ضحكت المراة وضحك الرجل وضحك الطفلين.. نظر اليها وهي تبكي من الفرح وقطرات الدموع تتساقط من عينيها وقد اختلطت بالكحل فرسمت خطوطا على خدها كوشم على خد هندية من هنود السيو.. دموع تساقطت على عقدها فوق الصدر فزاد بريقه.. كان ينظر اليها ويمعن النظر كأنه يراها بهذا الجمال لأول مرة.. ظهر له لأول مرة ما تتحلى به من أساور تزين معصمها.. ومن  خواتم تلمع في اصابعها.. زادتها فتحة قفطانها المغربي الجميل رونقا و قد أظهر بداية صدرها المعلق عليها ذلك العقد الذهبي الانيق.. رأى الشعر الناعم الذي تدلى فوق جبينها. رأى وجهه في وجهها فبكى على اشتغاله عن هذا الجمال بإكراهات العمل ثم ضحك.. تعانقوا، زوجة، وزوج، وطفلين بريئين.. تعانقوا جميعا عناقا وطد سعادة رافقتهم طيلة حياتهم.. كانت ذكرى هذه الليلة وثاقا غليظا أمضوه لكي لا ينكتوه أبدا...
كتبها احمد علي صدقي
بالبيضاء يوم 02/12/2019.

بقلم : عمر بنحيدي / المغرب

انبعاث .
ريح عاتية للشجر  تُعري
كأنها لحقيقة ضعفها تورِّي
وبدت كأجسام  محروقة
بعدما كانت  جميلة و ممشوقة
حتى   الشمس توارتْ بلا امل
للعودة إلى عرشها في الأعالي
أما  النجوم  ففي ارتجاف بلا كلل
والبرْد سكاكين  حادة  تخترقُ
الأجسامٓ ، بمجرد لمسها  تتمزقُ
الأصباح يُخٓضِّبُها الغسقُ  
  الثلج وشاح  فوق البٓواسِق يبرق
  و الليل  بجناحي غراب للنهار يخنق  
  فوق صهوته السّٓنا  وسط السواد  يمرُق 
وصوت الرعد كطبل للسكون يمزق 
لكن خيوط دخان متمردة  تنبثق
من مواقد شتى فهي  لازالت تخفق
تدعو الرحمان أن بالخلق يشفق
كل الكائنات في المحراب   تصلي 
  لعظمة الخالق وهي في أسمى تجلٍّ
  الله في ملكوته يستجيب لكل توسل
الشمس تذيب ما بالنعش من مسامير
   الفرحة تتزاحم  في حناجر  المزامير
كل الكائنات  في أسمى تعبير
سكونها تحٓوّٓل إلى هدير
أفاق من سباته النهرٓ والغدير
واكتست الطبيعة حلل  الحرير
مزركشة الألوان  كالفراش الوثير  .
عمر بنحيدي. 2019 /10/12