المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأحد، 6 سبتمبر 2020

عنزة ‏العم ‏حمودان ‏في ‏حضرة ‏ابن ‏المقفع ‏/// ‏بقلم ‏: ‏محمد ‏مهداوي ‏🐗🐗🐗🐗🐗🐗🐗🐃🐃🐃🐃🐃

.........عَنْزَةُ الْعَمِّ حَمُّودانْ في حَضْرَةِ ابْنِ الْمُقَفَّعِ.........

رَغْمَ اقْتِناصِها مِنْ طَرَفِ لاليجُو وَتَضارُبِ مَوْتِها مِنْ عَدَمِهِ، ما
 زَالَتْ عَنْزَةُ الْعَمِّ حَمُّودانْ تَظْهَرُ بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْأُخْرى في مُخَيِّلَةِ
 سُكَّانِ جِبالِ بَني يَزْناسَنْ، فَتارَةً تَظْهَرُ عَلى صَفْحَةِ الْقَمَرِ، وَتارَةً أُخْرى عَلى ظَهْرِ رَبْوَةٍ، وَأَحْياناً تُقَدِّمُ مُساعَدَاتِها الْإِنْسانِيَّةِ لـِمَـنْ يَحْتاجُها مِنَ الضُّعَفاءِ وَعابِري السَّبيلِ…

أَسْئِلَةٌ كَثيرَةٌ تُرَاوِدُ النَّاسَ، وَتَحُثُّهُمْ عَلى تَتَبُّعِ خَطَوَاتِ هَذِهِ الْعَنْزَةِ الْـمِثالِيَّةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ رَآها تُصارِعُ الذِّئْبَ في الْغابَةِ الـْمُجاوِرَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْلَنَ هَرَبها نَحْوَ الْـجَزائِرِ وَأَنَّها مَا زالَتْ تُزاولُ دَوْرَ الْـمُقاوَمَةِ الْباسِلَةِ، وتُطْلِعُ الـْمُقاوِمينَ عَلى تـَمَوْقُعِ أَمْكِنَةِ الْجُنُودِ الْفَرَنْسِيِّينَ وَعَلى تَـمَرْكُزِ قَوَاعِدِهِمِ الْعَسْكَرِيَّةِ، كَما أَنَّها تُحاوِلُ لَمَّ شَمْلِ مُقاوَمَةِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ،وَتَقْريبُ الرُّؤَى بَيْنَ رٍجالاتِ عَبْدِ الْكَريمِ الْخَطَّابي وَفِدَائِيِّي الْأَمِيرِ عَبْدِ الْقادِرِ.. تَمَثُّلاتٌ كَثيرَةٌ تَناقَلَتْها الرِّواياتُ وَالْحَقيقَةُ تَبْقَى صَعْبَةَ الْـمَنالِ.

كُتِبَ عَنْها الْكثيرُ مِنَ الْأَحاجي وَالْحِكاياتِ الشَّعْبِيَّةِ، وَأَصْبَحَتْ تُسْرَدُ في جَلَساتِ الـْحَكْيِ في كُلِّ مُناسَبَةٍ وَغَيْرِ مُناسَبَةٍ، وَلَعَلَّ آخِرَ حِكايَةٍ اِنْتَشَرَتْ بَيْنَ النَّاسِ بِمُخَتَلَفِ أَعْمارِهِمْ وَما زالَتِ الْأَلْسُنُ تَتَدَاوَلُها، حِكايَةُ إنْقاذِها لِأَسَدٍ مِنْ مَوْتٍ مُحَقَّقٍ؛ إِذْ يُحْكَى أَنَّ صَيَّادينَ نَصَبُوا شَرَكًا لِلْحَيَواناتِ في الْغابَةِ فَاصْطادُوا أَسَداً وَقَعَ في الـْمِصْيَدَةِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ فَكَّ رِجَلَيْهِ مِنْها، سَالَتِ الدِّماءُ مِنْ سائِرِ جَسَدِهِ وَانْسابَتِ الدُّمُوعُ مِنْ عَيْنَيْهِ انْسِياباً، وَأَحَسَّ بِأَنَّ كَرامَتَهُ قَدْ لُطِّخَتْ بِالدِّماءِ، عانى اللَّيْلَ بِأَكْمَلِهِ، كَما أن زَئيرَهُ لَمْ يُسْعِفْهُ عَلى جَلْبِ الْـمُساعَدَةِ... مَرَّتْ بِجانِبِهِ النُّمُورُ وَالثَّعالِبُ وَالذِّئابُ، وَلَمْ تَجْرُؤْ عَلى تَقْديمِ الْعَوْنِ لَهُ لِفَزَعِها الشَّديدِ مِنَ الْأَسْرِ.. 

فبينَما كانَتْ عَنْزَةُ الْعَمِّ حَمُّودانْ " مَعزوزَةُ " تَرْتَعُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ ، سَمِعَتْ أَنينَ الْأَسَدِ وَهُوَ عَلى شَفا الْـمَوْتِ، اِقْتَرَبَتْ مِنْهُ وَهَبَّتْ لِنَجْدَتِهِ ، فَتَمَكَّنَتْ بِفَضْلِ حِنْكَتِها وَبَسَالَتِها مِنْ فَكِّ عِقالِهِ وَأَنْقَذَتْ ماءَ وَجْهِهِ. فَرِحَ الْأَسَدُ كَثيراً بِهَذِهِ الـْمُساعَدَةِ الْقَيِّمَةِ، فَأَقامَ حَفْلاً كَبيراً عَلى شَرَفِها فَاسْتَضافَها وَأَهْدَاها صِفَةَ أَميرَةِ الْغَابَةِ، وَطَلَبَ مِنْها مُقَاسَمَتُهُ الرِّئَاسَةَ وَتَدْبيرَ شُؤُونِ مَمْلَكَتِهِ الْحَيَوَانِيَّةِ، إِلَّا أَنَّ الْعَنْزَةَ رَفَضَتِ الطَّلَبَ رَفْضاً قَاطعاً، وَفَضَّلَتْ أَنْ تَبْقَى وَفِيَّةً لـِمَبادِئِها، تَبْحَثُ عَنْ كُلِّ مَنْ يَحْتاجُ لِعَوْنِها،تُشَنِّفُ سَمْعَها بَيْنَ الْحينِ وَالْآخَرَ لِتَلْتَقِطَ صَوْتَ مَنْ يُناديها مُسْتَنْجِداً :

وَا عَنْزَتاهُ !! وَا عَنْزَتاهُ !! 

فَتُسْرِعُ كَوَميضِ الْبَرْقِ في تَلْبِيَّةِ نِداءِ الـْمُسَتَنْجِدِ، وَتْقديمِ الْعَوْنِ وَالـْمُسانَدَةِ لَهُ…
سَمِعَ ابْنُ الْـمُقَفَّعِ أَخْبَارَ هَذِهِ الْعَنْزَةِ الـْمِثالِيَّةِ، فَخَصَّ لَها مَكاناً آمِناً مَعَ كَلَيْلَةِ وَدِمْنَةَ وشَتْرَبَةَ، فَعاشَتْ وَسَطَ الْحَيَوَاناتِ تُعَلِّمُهُمْ ما خَبَرتْهُ مِنْ حِكَمٍ وَتَجارِبَ وَفَلْسَفَةٍ في تَدْبيرِ شُؤُونِ الْحَياةِ… وَنَجَحَتْ في بَسْطِ الْعَدْلِ وَالـْمُساواةِ وَالْاِنْسِجامِ بَيْنَ جَميعِ فِئَاتِ الـْمُجْتَمَعِ الْحَيَوَاِنِّي...

                              بقلم محمد مهداوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق