المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

السبت، 8 يونيو 2019

بقلم : د . محمد الإدريسي

عِيدٌ لَوْنُه أحْمَر
عِيدُ فِطْرٍ بِرائحة الحَريق و بِلَوْنِ الدِّماء
أَمْطارٌ مِنَ الرَّصاص مِنَ الأرْضِ و السَّماء
هُناك مِنَ العَسْكَرِ مَنْ ضَيَّعَ حِسَّ الإنْسانِية
الرَّشادَ العقلَ الصَّوابَ الفِطْرة و الحِكْمة
يُريدُونَها مِثْلَ حَياةٍ داخِلَ أدْغالِ الغابَة
البَقاءُ لِمَنْ خانَ و لَه السِّلاح  و القُوَّة
يُرَدِّدونَ نَحْكُمُكُم طَوْعاً تَحْتَ الأحْذِية
أوْ في انْتِظارِكُم الآبار و مَقابِرٌ جَمَاعِية
عَلَيكُم دَفْعُ ثَمَنَ ما نَحْتاجُ مِنَ الأسْلِحَة
لِنَقْتُلَكُم إنْ رَفَضْتُم لنا التّسْليمَ و البَيْعة
لا اخْتِيارَ لَكُم إنَّ الأمْرَ لنا عَلَيكُم الطّاعة
على هذه الأرْضِ نحْنُ الأسْيادُ أنْتُم الرَّعِيّة
بِعَصَواتِنا بالصَوْلجان نَهُشُّ عَليكُم كالماشِيَة
لنا صوفُكُم جَلْدُكُم حَياتُكُم لَحْمُكُم المَشْوِية
عَلَيْكُم واجِبات اِنْسوا الحُقوقَ الرَّأْيَ و الحُرِّية
في عَهْدِ الانْحِطاطِ يَتَقَوّى الاسْتِبدادُ و النَّذالَة
يَتفَشّى الطُّغْيانُ المَظالِمُ و اغْتيالُ روح العَدالَة
يَعْتَقِدون أنَّ التَّنْكيلَ بالشَّعبِ مِن باب الرُّجولَة
يُحَوِّلونَ كُلّ المُدُنِ و القُرى إلى سُجونٌ ضَخْمة
نِيرون قَرَّرَ في أَكْثَر مِنْ وَطَنٍ أنْ يُحْرِقَ العاصِمة
يُعْلِنونَ العيدَ بقَتْلِ النِّساء و الأطْفال يا لِلْمُصيبَة
لِأنَّ رَبَّهَم آلُ صَهْيون يَسْعى يَطْلُبُهُم دائماً المَزيد
يَأْمُرُ خُدّامَه مِنَ البيضِ و السودِ و الطَّاغِيةِ المُشيد  
بِسِلاح الشَّرقِ و الغَرْبِ المُنَافِق و ترامب النَّديد
بِفَتاوى مُفْتي السُّلْطان مَزيداً منَ النَّارِ و الحَديد
الأمَّةُ يتَناوَبُ عَلَيها الفَريقُ كما المُجْرِمُ المُشير
إنْ نَجى أحْياءٌ مِنَ المَخافِر فإلى السِّجن الكَبير
وَقَفْتُ مَصْدوماً لا أُصدِّقُ بَشاعَةَ هذه المَناظِر
صُوَرٌ لأشْلاءٍ على طُرُق الأزِقّةِ لَيْسَ لَها نَظير
بَعْد الصِّيام بالمَجازِر كَالزَّكاةِ يَقومُ بها العَسْكر
بَعْدَ زِيارَتِهِم لِأعْضاء مُخَطَّط جَبْهَة ثُلاثي العار
القَضِيَّةُ واضِحَةُ البُرْهان لا تَحتاجُ إلى الإشهار
هي ذَبائحٌ تُقَدّمُ هَدِيَّةً للآلِهة يَوْمَ عِيد النّصْر
كِدْتُ لا أُصَدِّقُ صورَةَ ما أرى و صِحَّةَ الخَبَر
كَيْفَ في العيد يُقَتَّلُ المِئاتُ مِن أولِئكَ البَشَر 
في النَّهارِ كما في اللَّيْلِ جَهْراً تَحْتَ ضوءِ القَمَر
لم يتْرُكوا لِلأطْفال مِساحَةَ مَلْعبٍ باللّون الأخْضَر
قالوا لنا في الجاهِلِيةِ كانَتْ لَهُم الأشْهُر الحُرُم
كانوا يوقِفون العداءَ الحَرْبَ الحياةُ الرّوحُ تُحْتَرم
أمْوالُ النَّفْط تُدَنِّسُ البَحْرَ و الأرْضَ تُسْقي بالدَّم
ربيعاً صَيْفاً خريفاً شِتاءً أيّاً كان حتى شَهْر الصّيام
تُحْرَقُ الأرْضُ بِأمْرٍ مِن كَبير آلِهَتِهم يُسْحَقُ الأنام
تُشْعَلُ الحُروبُ بَينَ الأهْل يَتِمُّ القضاءُ على الوِئام
يُرْشى يُشْتَرى الفُقهاءُ المشايِخُ مِنْ عُبّادِ الأصنام 
يُغْدقُ بالمال على مُزَوِّري الأخْبار مِن بَقايا الإعْلام
أمْوالُ النَّفْطِ مُصيبَةٌ لَعْنَةٌ لَطَّختْ أصْحابَها بالآثام
أصْبَحَتْ وَسيلَةً لِلفَسادِ لِلدَّمارِ و النِّقْمَة و الآلام
تزْرَعُ الشَّرَّ الفِتَنَ و مُحارَبَةَ الجارِ و حَتّى الإخْوَة 
بِها تُشْتَرى الأرضُ بِفَلَسْطين و تُهْدى للصَّهايِنَة
يُنْشَرُ المُنْكَرُ تُقَدَّمُ للأعْداء الهِبات بَعْدَ الجِزْية
بدلا مِنْ أن يَعُمَّ الخَيْرُ التَّضامُنُ و تَكونَ نِعْمَة
كُلُّ عامٍ و أنْتُم مع العَسْكَر في انْتِظار أيّ تُهْمَة
وَحْيُ إبْليس اللَّعين و رَحِمُ الذَّهَبِ الأسْوَدِ فِتْنَة
يا لَيْتَ في يَوْمٍ أجْوَدٍ يَجِفُّ و تُطِلُّ عَلَيْنا مُعْجِزَةٌ 
عيدُ الفطر سنة 1440 ه
2019 م
د. محمد الإدريسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق