المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

المغرب / الناقد عبد الرحمن الصوفي

الأربعاء، 5 يونيو 2019

بقلم : سميا دكالي

#قصة_قصيرة⚘⚘

                 #صابرة_ولباس_العيد

هي قصة موجعة تمثلها الليالي السوداء بين ظلوع كل امرأة وجدت نفسها وحيدة أرملة بعد غياب عنها رفيق دربها ، هذا ماحصل لصابرة توفي عنها زوجها تاركا لها أحمد ومنال لم تورث منه سوى الفقر والحاجة .... وتلك المسؤولية التي ألقيت على عاتقها وهي مازالت في ربيع عمرها.

صنعت من المعاناة وقسوة الظروف حياة بالكاد تعيشها فوضغتها بين يدي ولديها وكرستها لأجلهما ، تعلم أن زوجها كان يمثل لها ولأبنائها الأمن والأمان من غذر الزمان لكن ذلك الصرح تهدم بغيابه..... أصبحت الآن الحياة تبدو لصابرة غامضة لاتعرف مايخبئه لها الدهر.....كيف ستواجه الآن ذاك المجهول ؟  وهي التي لم يسبق لها ان خرجت إلى معترك الحياة ولاعملت في أي مجال ولا خالطت أصناف الناس حتى تكتشف طبائعهم المتقلبة حسب المصالح.

فبذهاب زوجها إلى العالم الآخر دفنت صابرة كل أحلامها في أعماقها واستبدلتها بأحلام ابنائها لتنسج من أحزانها ثيابا لهما حتى تفرحهما وبالفعل هذا ما فعلته فحتى تكمل مشوارها كانت قد أحضرت ماكينة خياطة إلى غرفتها المتواضعة .....تخيط بها الملابس وتدفعها إلى الأسواق والمتاجر الصغيرة حتى توفر لقمة العيش لفلذات كبدها وايضا  ليظلا في دراستهما مثل أترابهم..... فهي لم تجعلهما يشعرا بغياب الأب وإن كان ذلك مستحيلا ، فالمسكبنة لم تمل يوما من العمل دون توقف فكم من مرة إختلطت دموعها بعرقها لترسم ملحمة إنسانية اظهرت فيها مدى تحملها وصبرها رغم ضعفها ورقتها إلا أنها كانت تستمد من عاطفتها كل القوة والطاقة لتساير بها التيار وتواجه كل المحن.

لم تنسى في السنة الأولى التي مات فيها زوجها وكان قد صادف العيد الاول الذي فيه يجب عليها ان تحضر لأبنائها ملابس العيد ....كم أرقها ذلك وأذهب النوم من عينيها لأنه كانت هناك ثمة اشياء اخرى تتبعها إيجار البيت ومصاريف الأكل و اشياء كثيرة..... لكن ما كان يخيفها ان لاتتمكن من أن تخيط ملابس أبنائها..... فهما مازالا صغيران لابد عليهما أن يفرحا مثل اقرانهم وخصوصا أن امهما خياطة وتخيط الكثير لذا لن يحملا هموم ذلك هي من ستحمله.

تمنت صابرة لو يعرفا ان ذلك ليس سهلا لكن هي لاتريد إشراكهما في ذلك ولا أن تتعب تفكيرهما فقط أن يركزا في دراستهما التي تعتبرها أملها وأمل الاولاد ليس مهما هي فستضاعف مجهوداتها وقد لاتنام إلا ساعة واحدة في اليوم .......مايهمها ان لا تتركهما يشعرا باليتم وخصوصا في تلك المناسبة بل ستفرحهما ويلبسا ملابس العيد.

لانها عاهدت نفسها سابقا أن تكون الأصلب في المحن والأشد في الظروف القاسية وأن تضحي وتعطي وهي في قمة الاحتياج فذاك هو العطاء وذاك هو الإيثار......وبالفعل فقد تمكنت أن تسعدهما ويخرجا بأحلى حلة مقابل تعب شديد لم يعلمه إلا الله.

هذه قصة قد لاتكون فقط صابرة من عانتها وتعانيها بل هناك العديد وقد يكون هناك أكثر منها عوزا ومعاناة لكن لا أحد يسأل عن تلك الفئة ولا عن اليتيم كي يفرح مثل غيره ويلبس ملابس العيد هو الآخر
او ليس ذلك من حقه ؟؟؟؟

                  سميا دكالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق